اخر الاخبار

09‏/11‏/2011

علامات دهشة بقلم رولا خرسا

كنت أعتقد أننى فقدت قدرتى على الدهشة، وكنت أردد دوماً: لم يعد هناك ما يدهشنى، ولكن يبدو أننى كنت مخطئة، وأعترف بخطئى سريعاً فالاعتراف شجاعة، وأستطيع أن أؤكد أن الشجاعة من صفاتى وإن كنت أتوقع أن يعتبره البعض تهوراً، ولكن فى الحالتين وفى ظل الظروف الديكتاتورية التى نعيش فيها من سيطرة فكر واحد وتيار واحد لا يقبل جدالاً وهذا ما أعنيه بالديكتاتورية فإن ما سوف أقوله يردده معظمنا، ولكن لا يجرؤ كثيرون على قوله. أعود لدهشتى وأحكى لكم عن بعض أسبابها:

- فوجئت عندما قرأت تعزية المهندس صلاح دياب للوزير السابق الدكتور يوسف بطرس غالى فى وفاة زوجته ميشيل. اندهشت وبشدة، فنحن فى وقت الكل باع فيه، والكل تلون للأسف، والبعض عندما سئل وصف ما فعله طيلة السنين الماضية وما ينكره اليوم بأنه «تطهر» ناسياً أنه بهذا ينكر سنوات عمره التى كان مشاركا فيها أو أضعف الإيمان صامتا، لذا أعود فأقول اندهشت لشجاعة المهندس صلاح دياب الذى لم يتردد فى أن يفعل ما يراه صائباً فى تعزية شخص عرفه يوما فى مصابه الأليم دون اعتبارات «ثورية».

- أندهش يومياً من شجاعة الفنان عمرو مصطفى الذى يعلن آراءه بشكل صريح على «فيس بوك» وله الكثير من المؤيدين لآرائه والمعارضين طبعاً. لم يفكر لحظة لا فى رزق قد يتأثر أو بلوبى فنانين ثوار قد يتكتلون ضده. عمرو مصطفى صاحب واحدة من أجمل الأغنيات الوطنية فى عصر الرئيس السابق مبارك «ماشربتش من نيلها».

- ولو تحدثنا عن «ماشربتش من نيلها»، ولو صح ما قالته المطربة شيرين عبدالوهاب من أنها كانت تغنى أمام الرئيس السابق مبارك مجبرة فإننى أشعر وكأنها تصف عصراً لم نعشه، وكأنها تتحدث عن عصر المماليك وأتخيل مملوكا يمسك بخنجر ويلوح لها من بعيد وهى تغنى مرتعشة.

- أندهش من قدرة الإخوان المسلمين التنظيمية وأنا أردد هذا الكلام من قبل ٢٥ يناير، ولكن مؤخراً وفى كل يوم أكتشف هذه القدرة التى تفتقدها التيارات والأحزاب الأخرى، وما يقدمونه من خدمات وما أقاموه من شوادر للمواطنين أمر محمود، فعلى الأقل جعل معيشة محدودى الدخل أيسر، ولمن يقول من «الليبراليين» إنه لن يفوز فى الانتخابات عن طريق الخدمات واللحمة والسكر والزيت أقول له: هاللو يا خواجة.

- أندهش من عدم المهنية التى أصابت الكثير من صحفنا حتى أصبح معتادا أن ينزل خبر ثم يأتى تكذيبه بعد قليل، أو نجد عناوين ومانشيتات تلهب الشارع فى أمور غاية فى الحساسية مثل تشبيه عصام عطا بخالد سعيد جديد، ثم تأتى تقارير الطب الشرعى لتنفى تهم التعذيب فتكتب فى أخبار مقتضبة.

- أندهش من بعض الصحفيين الذين يرددون أنهم غير راضين عن كثير من الأوضاع، إلا أنهم - وعلى حد قولهم - لا يجرؤون على الوقوف «ضد التيار» ولا يعرفون أن الكلمة الحق سوف يحاسبون عليها فى يوم من الأيام وتجدهم فى الصحف وعلى الشاشات أشد ثورية ممن كانوا فى التحرير.

- أندهش وأعجب  بشجاعة صديقتى الدكتورة لميس جابر التى كانت مثلى قبل ٢٥ يناير تكتب منتقدة الكثير من الأحوال فى مصر واليوم عندما تنتقد وتتحدث بلسان كثيرين تُهاجم.

- أندهش من الإعلام المرئى والمكتوب الذى تضافر مع بعض المنتفعين لذبح التليفزيون المصرى واغتياله منذ ٢٥ يناير وأطلق أحكاماً وأفرد مقالات عبارة عن اتهامات وسهام للأسف صدقها الشعب الذى ظل يردد ما يقوله عن التليفزيون المصرى حتى اغتاله وشوه صورته.

- أستغرب من الذين يتحدثون عن انعدام الحريات فى النظام السابق، وأتذكر مقالات الدستور والفجر وصوت الأمة وصحف المعارضة وكم قضايا الفساد أو الإهمال التى ألقوا الضوء عليها، وأتذكر منذ سنوات عندما قدمت أنا حلقة فى التليفزيون المصرى فى برنامج «فى العمق» عن المدونين واستضفت  فيها وائل عباس أحد أشهر المدونين وتحدثت عن علاء ومنال وما يقدمونه فى مدوناتهم. قدمت هذا فى التليفزيون المصرى فى عز زمن «القهر الإعلامى» كما يقولون.

- لن أندهش عندما يهاجم بعض القراء مقالى.. وأنا هنا أردت فقط أن أكشف بعض الوجوه التى ارتدت أقنعة بعد ٢٥ يناير، وأخرى تصر على شطب التاريخ على طريقة الفراعنة عندما كانوا يشطبون صور أسلافهم من على المعابد، ولكن قبل الهجوم أذكركم بالديمقراطية المنشودة التى تعنى أن أقول رأيى وتقول رأيك، وشعارى هنا قول فولتير الفيلسوف والكاتب الفرنسى الشهير «وإنى أخالفك فى كل كلمة تقولها.. ولكنى أدافع عنك حتى الموت وعن حقك فى قولها».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق