اخر الاخبار

17‏/11‏/2011

رسالة إلى الإسلاميين بقلم أحمد الخطيب

لا أدرى ما هو سر تمسك بعض القوى السياسية، وفى القلب منها القوى الإسلامية، برفض وثيقة مبادئ الدستور..؟ ولا أدرى لماذا كل هذه الجلبة وهذا الصخب المصحوب بالتهديد والوعيد والويل والثبور للمجلس العسكرى تارة ولمجلس الوزراء تارة أخرى؟ ولماذا لا يريدون أن يعلموا أن هناك قوى إقليمية ودولية وراء قصة «مبادئ وثيقة الدستور»، لأن المطلوب هو ألا يسيطر الإسلاميون على الدولة المصرية.. لماذا لا يريدون أن يعلموا أن عليهم أن يبدأوا مرحلة نضال أخرى - هى نضال الدستور الجديد وأن يخوضوا معركة المجتمع الكبرى؟ والمعنى هو لماذا لا يريد أن يفهم هؤلاء أن الثورة جاءت لهم بما لم يحلموا به وأن معظمهم أو قل جميعهم - ما عدا جماعة الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية - لم يدفعوا أى ثمن يذكر فى سبيل ما آتاهم الله من حرية على يد ثورة ٢٥ يناير.. لماذا لا ينظر إلى ذلك على أنه نصر كبير يستوجب حمد الله ويستوجب النضال فى السنوات المقبلة حتى يحصلوا على الدستور الإسلامى مادام الأمر كذلك؟

والأزمة لمن لا يعرف هى ببساطة أن المجلس العسكرى - تحت ضغوط دولية - يريد أن يجعل من دستور مصر الجديد دستوراً مدنياً وليس دستوراً إسلامياً حتى لا يمهد الطريق للإسلاميين لحكم مصر فى ظل وجود ملايين الأقباط وفى ظل وجود «حالة عالمية» ترفض دستور «الإمارة الإسلامية»، على غرار ما حدث فى السودان والجزائر وغزة.

المجلس العسكرى يريد من دستور مصر الجديد دولة مدنية تؤمن بكل الحريات وفى الوقت نفسه به قوانين لا تخالف الشريعة الإسلامية، بل إنه سينص صراحة على: «الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع»، الأمر الذى يرفضه الإسلاميون ويريدون إنشاء دستور إسلامى صريح.. هذا هو بيت القصيد ولب الأزمة.

المجلس العسكرى لا يريد لمصر محاصرة دولية فى ظل الضعف الشديد للدولة المصرية وعدم قدرتها على الوقوف ضد كل من يتربص بها الدوائر من المجتمع الدولى، ورفض تكرار بعض التجارب الإسلامية فى الحكم. المجلس العسكرى لا يريد تسليم السلطة لقوى لم تترشد بعد فى عالم السياسة وقضت طوال عمرها فى المعارضة، ولم تعرف معنى المسؤولية.

المجلس العسكرى لديه التزامات بالمحافظة على الاتفاقيات الدولية تجاه المجتمع الدولى، والقوى السياسية الرافضة للدستور المدنى فى حال توليها السلطة لا تريد الالتزام بهذه الاتفاقيات، مما يفاقم الأزمة مع المجتمع الدولى. فى المقابل، ورغم أن الثورة أتت بهؤلاء إلى داخل الملعب السياسى بعدما كان مجرد الفرجة فقط محرماً عليهم.. أصبحوا الآن لاعبين أساسيين إلا أنهم يأبون إلا أن يكونوا كل شىء.

لا يريدون أن يبدأوا مرحلة نضال أخرى بتغيير الدستور وكسب ثقة الشعب، على غرار ما فعله حزب العدالة والتنمية التركى.

ورغم أن الحالة الآن شبيهة كل الشبه بما مرت وتمر به التجربة التركية ضباً بضب إلا أن الإسلاميين هناك نجحوا فى تحطيم كل الأصنام وهذه «المبادئ فوق الدستورية» التى وضعها الجيش التركى واكتسبوا ثقة الشعب التركى.. لكن التيار الإسلامى فى مصر لا يريد أن يحذو نفس حذو التيار الإسلامى التركى.. لا يريد أن يناضل من جديد، مكتفياً بما حققه البعض منه - وليس كله - من نضال فى الماضى.. لا يريد أن ينزل إلى الشارع ليكتسب ثقته الحقيقية.

لا يريد أن يغوص فى مشاكل الشعب، بل يريد أن يحصل على السلطة على طبق من ذهب لم يكن ألبتة هو السبب الوحيد فى الحصول عليها.

ما أود أن أقوله صادقاً غير حانث إنه على التيار الإسلامى أن يقبل بوثيقة المبادئ الدستورية بنفس منطق قبول الرسول صلى الله عليه وسلم بشروط صلح الحديبية وأن يبدأ مرحلة نضال جديدة داخل المجتمع يستطيع من خلالها أن يبنى الدولة التى تركها النظام السابق منهارة، وعندما يأذن الله ستكون له الكلمة العليا، بعدما يكون قد تدرج فى السلطة ليعرف مسؤوليتها التى تجعله ينتقل من المعارضة إلى الحكم فى سهولة ويسر، لأن تجربة الانتقال من المعارضة إلى الحكم والعكس لم تعرفها الدولة المصرية فى العقود الأخيرة.. وبمعنى أوضح لم تعرفها الأجيال التى تعيش الآن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق