اخر الاخبار

19‏/11‏/2011

السماحة الدينية ليست من سمات الدولة الدينية بل من سمات الحضارة الإنسانية بقلم د. وسيم السيسى

كان الأستاذ العقاد يقول: هناك من التعريفات ما يسهل فهمه عن طريق النفى فضلاً عن الإيجاب، وكان يعطى مثلاً بالحب! فالحب ليس بالصداقة، وإن كانت الصداقة أحد عناصره، لأن الصداقة أقوى ما تكون بين اثنين من جنس واحد، والحب أقوى ما يكون بين جنسين مختلفين، والحب ليس بالغريزة، وإن كانت الغريزة أحد عناصره، لأن الغريزة تدفع الإنسان لأى إنسانة من الجنس الآخر، بينما الغريزة فى الحب هى لإنسان بعينه أو لإنسانة بعينها.. على أساس التخصيص والتمييز.. إلخ.. ثم يبدأ فى العناصر الموجودة فى الحب.. كالاهتمام، الغيرة، القدر.. إلخ!

كتبت هذه المقدمة حتى أتحدث عن الدولة المدنية.. وأعطى مواصفاتها عن طريق النفى.. قبل أن أعطى مواصفاتها عن طريق الإيجاب!

المواطنة فى الدولة المدنية ليست بالدين.. فالدين علاقة رأسية بينك وبين الله.. أما المواطنة فى الدولة المدنية فهى علاقة أفقية أو علاقات أفقية بينك وبين بنى وطنك.. هذه العلاقات الأفقية تقوم على الكفاءة، وسيادة القانون.

الدولة المدنية ليست دولة دينية أو حتى بمرجعية دينية، ذلك لأن الدولة الدينية تفرق ولا توحد. تشتت ولا تجمع، تنفخ فى نار الفتنة، تدفع فريقاً إلى الطمع فى فريق آخر بعقيدته، ترحب بحاكم ماليزى وطظ فى مصر أو تتحرق مصر.

 كما صرح بذلك أخيراً خالد الجندى، بينما الدولة المدنية تقوم على علامة الجمع الطيبة، وليست علامة القسمة الشريرة، ذلك لأن السماحة الدينية لم تكن أبداً سمة من سمات الدولة الدينية.. بل هى سمة من سمات الحضارة الإنسانية..

وأمامنا أوروبا حين كانت تحكم بالكنيسة، وأوروبا الآن التى تحكمها الحضارة! وقارنوا بين برلمان كان رئيسه ويصا واصف.. الذى حطم السلاسل، متحدياً الملك فؤاد، وبرلمان معظمه حرامية فى الماضى القريب، وبرلمان تشغله سياحة الأجانب.. وكيف يخرب بيوت ٢٥ مليون مصرى يعيشون عليها فى المستقبل القريب! الدولة المدنية.. دولة ليس بها خلل دستورى..

 كهذا الخلل المقبلين عليه، أن تكون المؤسسة العسكرية دولة داخل دولة.. أو دولة مهيمنة على الدولة، أو هذا الخلل فى أن نكون دولة دينية، ولا يتعلمون من تجارب الماضى والحاضر: إن الإسلام الدولة كان عبئاً على الإسلام الدين، ويكفى أن الشيخ الغزالى قال: إن الحكم الدينى لم ينجح فى ٩٩٪ من تاريخه، ويكفى ما نراه فى السودان، الصومال، أفغانستان، إيران! معنا دستور ١٩٥٤، وأمامنا الدستور الأمريكى.. أين المشكلة يا قصار النظر يا أعدى أعداء مصر!.

الدولة المدنية لا تقوم على الجهل أو السيف بل العلم والعدالة الاجتماعية.

الحكم المدنى لا يقوم على التمييز بل العدالة الاجتماعية، لا يقوم على ٢٪ للأقباط فى البنوك، والمناصب الرئاسية أو الوزارات السيادية أو المؤسسة العسكرية.. بل يقوم على الكفاءة، فلا يخرج مجدى يعقوب أو روبير طرزى، أو ميشيل صليب، أو فايق غبريال وغيرهم كثير.. وكانوا أساتذتى فى كلية الطب أو يأخذ عزيز فام حقه بقضية، كذلك المنياوى، ولا تقوم دولة مدنية على إغلاق أقسام كالرمد، وأمراض النساء ضد الأقباط، وأمامنا الهند رئيس وزرائها مسلم بل نصف أساتذة جامعاتها مسلمون.. بينما ولا واحد هندوسى فى جامعات باكستان!!

حين كنت أعمل فى مستشفى أدنبروك فى كمبردج، أخبرنى جيفرى اللنجورث كيف رسب ٧ مرات فى امتحان الدكتوراة، وفشل فى إيجاد عمل، ووالده الرجل العالم العظيم سير تشارلز اللنجورث، عميد كلية الجراحين الملكية، حتى طفش وذهب لأمريكا.. لكنه عاد لإنجلترا، لأنه لم يحتمل الحياة هناك! ونقول عالم كفرة!! يبقى جهل وفرط الأدب! عجبى!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق