اخر الاخبار

24‏/11‏/2011

رغم انحيازهم لـ«الإخوان».. متمسكون بالعسكر لحماية مصر بقلم صبرى غنيم

عتابى على المجلس العسكرى أنه احتضن القوى السياسية والأحزاب وداس على القوى الشعبية التى تمثل الأغلبية الصامتة التى تئن وتتوجع من عدم الاستقرار وتدهور الأوضاع.. هذا الموقف هو الذى كان سببا فى ارتفاع الحناجر وهى تطالب بتنحى المجلس وتسليم صلاحياته إلى سلطة مدنية.
ولأن المجلس اعتاد تحقيق جميع مطالب القوى السياسية والأحزاب، وعلى رأسها جماعة الإخوان، فقد تصور أن زمام الأمور فى يديها مع أن الشعب لم يفوض حزبا منها ولا أى ائتلاف من الائتلافات أو النشطاء السياسيين، الذين أصبحوا ظاهرة جديدة على مجتمعنا بعد الثورة..
قد آلمنى أن «يطبطب» المجلس العسكرى على جماعة الإخوان وهو يسترضيها، ويحقق لها مطالبها، ويرد لها اعتبارها بإصدار قانون العزل السياسى بعد هزيمتها أمام «القضاء الإدارى» عندما أصدرت «الإدارية العليا» حكما بإلغاء حكم أول درجة بمنع فلول النظام من حق الترشح فى الانتخابات، ثم جاء حكم «الإدارية العليا» ليحسم القضية ويقر بأحقيتهم دستورياً فى نزول الانتخابات..

وبقانون العزل السياسى الذى أصدره المجلس العسكرى، رد الاعتبار للإخوان أمام «القضاء الإدارى»، مع أن الأحزاب السياسية طالبت به منذ شهور، أى قبل الإعلان عن بدء العملية الانتخابية، ولأسباب غير معلومة أُرجئ النظر فيه، وعندما تحركت جماعة الإخوان فى أول رد فعل على وثيقة المبادئ الدستورية التى أقرتها الحكومة بمليونية طالبت بتعديلها، خرج قانون العزل السياسى من الأدراج ليصبح كارت ترضية لجماعة الإخوان، لعلها تساند المجلس ضد التيارات السياسية التى تصب هجومها عليه، مع أن الأغلبية الصامتة التى تمثل تسعين فى المائة من تعداد الشعب المصرى هى وراء دعم المجلس العسكرى والتمسك به، على اعتبار أنه الحصن المتين الذى يحمى البلاد من القيادات والانقسامات السياسية.. فالذين يطالبون بتنحى المجلس العسكرى هم أصحاب المصالح السياسية، أما الشعب فهو يرى أن بقاء المجلس صمام الأمن لهذا البلد إلى أن تقوم مؤسسات الدولة ويصبح لنا مجلس شعب وحكومة ورئيس دولة.

اسمحوا لى بأن أسأل: ما العائد على المواطنين الذين لم تكن لهم أطماع سياسية ولا حزبية بانضمامهم إلى حزب من الأحزاب من تفعيل قانون مثل قانون العزل السياسى؟ ما الذى سيفيدنى من عزل مسؤول من موقعه على اعتبار أنه كان مع النظام السابق؟.. هل من العدل أن يصبح هذا المسؤول مكروها بعد ثورة بيضاء، ويصبح غير مرغوب فيه؟ وإذا كان قانون العزل يطبق على المدنيين، فلماذا لا يطبق على كبار الضباط الذين كانوا قريبين من صانع القرار أيام النظام السابق؟!

 فالقانون نص على عزل كل من كان يعمل عملا من شأنه التسبب فى إفساد الحياة السياسية بطريق الإضرار بمصلحة البلاد أو التهاون فيها، ويجازى كل من تثبت ضده هذه الأفعال بالعزل من الوظائف العامة القيادية لمدة خمس سنوات. وفى رأيى، أن مرتكب هذا الفعل لا يعاقب وحده، لكن المفروض أن يمتد العقاب إلى القيادات التى كانت على مقربة منه، ولم يكن لها موقف مضاد.. لأن سكوتها هو اشتراك فى هذا الفعل، والذى أعرفه أن بعض القادة كانوا على علم بهذه الأفعال، ولم نسمع أن أحدا منهم ثار أو احتج، بل ظلت أوضاع الفساد على ما هى عليه إلى أن قامت ثورة ٢٥ يناير، ورأينا أعضاء المجلس العسكرى وهم يغسلون أيديهم من النظام السابق وفساده، وكأنهم كانوا ينتظرون ثورة أبنائنا الشباب مع أننا كنا ننتظر منذ سنين أن يقوم أحدهم بثورة على النظام وعلى التوريث.

وهنا أسأل: من هم الذين سيشملهم قانون العزل السياسى؟ لأن القضية تحتاج إلى توضيح وتفسير عن الأشخاص المقصود بهم هذا القانون، فكلنا كنا شركاء مع الذين أفسدوا الحياة السياسية فى مصر بسكوتنا.. وقد كنا نصفق لرموز النظام.. ونشيد بهم وهم يتحرشون بنا، ومع ذلك لم يجرؤ أحد على أن يجاهرهم أو يصدهم.. لا من المدنيين.. ولا من العسكريين، لذلك أقول إن هذا القانون سيفتح ناراً على أبرياء سوف يصبحون لقمة طرية للإعلام، وستكون أسماؤهم مانشيتات للصحف اليومية. وهنا أطالب المجلس العسكرى بعدم الإساءة لأى مواطن يصدر فى حقه بلاغ كيدى إلى أن تتحقق النيابة العامة من صحته.

لقد فتحنا بهذا القانون باباً لتصفية الحسابات، ولكم أن تتوقعوا الملايين من البلاغات فى حق أشخاص أبرياء، فسوف نشغل رجال النيابات بالتحقيقات، وهى فرصة للمحامين لكى يتربحوا، لأن أى متهم أو متضرر من بلاغ فى حقه لن يقف أمام القضاء بمفرده، لابد أن يستعين بمحام أو اثنين لإثبات براءته.. لقد نجح المجلس العسكرى فى أن يشغلنا ويشغل القضاء بمثل هذا القانون، مع أن المفروض أن يشغلنا بقانون يحسّن أوضاعنا الاقتصادية ويأخذ بأيدينا من حالة الركود التى تعيشها البلاد الآن إلى حالة الانتعاش الاقتصادى.

على أى حال.. لا تتوقعوا أن مثل هذا القانون القصد من صدوره إنهاء حالة الاحتقان التى نشهدها الآن فى ميدان التحرير، أو فى السويس، أو فى الإسكندرية، فربما يعتقد المجلس العسكرى أن صدوره سوف يعيد حالة الاستقرار للبلاد، وسوف يرضى أبناءنا ثوار التحرير، وسوف يعيدهم إلى بيوتهم، على اعتبار أن هذا القانون كان واحدا من المطالب التى نادوا بها. صدقونى.. الموقف أكبر من قانون العزل، وأكبر من مطالبة المجلس الأعلى بالتنحى.. فنحن حريصون كل الحرص على أن يبقى ليأخذنا إلى بر الأمان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق