اخر الاخبار

24‏/11‏/2011

الإخوان خارج الميدان بقلم علي السيد

ثلاثة مشاهد تلخص الانتهازية السياسية المفرطة لـ«جماعة الإخوان»، وتوضح كيف بدأت المرحلة الانتقالية، وإلى أين صارت، وتكشف عن وأد منظم، وهدم مدبر، لما شيد منذ ٢٥ يناير حتى التنحى، وبين المشاهد صحوة ويقظة لفرسان الميدان.
المشهد الأول كان حين اختير عصام شرف رئيسا للوزراء وجاء إلى الميدان فى صحبة القيادى الإخوانى محمد البلتاجى، أيقنت أن هذا المشهد هو أول سرقة علنية لدماء الشهداء، وأن الإخوان يريدون حصد الثمار التى زرعها غيرهم بالدم والعرق، وأن تلك مقدمة سيئة تنذر بخطف الوطن كله، وقد كان حين خُدعنا بلجنة دستورية لا تنطق إلا عن هوى «الإخوان»، رأسها طارق البشرى وأدارها صبحى صالح، وحرقت المرحلة الانتقالية، وكادت أن تحرق الوطن كله. لجنة دستورية حولت العملية السياسية إلى ما يشبه القابض على الجمر، فضلا عن أن الجماعة دعمت استمرار أسوأ حكومة على مر التاريخ المصرى فى تدمير شؤون البلاد كل تلك الشهور، رغم أنها كانت حكومة «الفشل الوطنى».
أما المشهد الثانى، فبطله محمد البلتاجى أيضا، لكنه ينم عن استرداد الشباب وعيهم ونقاءهم، إذ حين علمت أن المتظاهرين بميدان التحرير طردوا مساء الاثنين الماضى البلتاجى، واعتدوا عليه بالألفاظ النابية والأيدى، ورفعوا الأحذية فى وجهه، مرددين هتافات «اخرج بره اخرج بره»، وقام أنصاره بحمايته حتى خارج الميدان، وفقا لما نشر نصا بموقع «اليوم السابع»، عندها شعرت بأن الثورة تعيد سيرتها الأولى، نقية من غير سوء، بيضاء من غير أهداف سياسية خاصة ومحدودة، وأن الشباب يستطيعون الفرز بين الغث والسمين، بين ما يقيم أود البلاد، ومن يهدهما ليجلس على أطلالها، بين من تصدر المشهد ولم يصنعه، والذين دفعوا الثمن غاليا ولم يأخذوا إلا الأمل، بين من يعتبرون «جماعتهم» هى المنتهى ومصالحها تعلو على مصالح الجميع، ومن يضعون الوطن فى الواجهة، من قبل ومن بعد.

أما المشهد الثالث فيكشف عن أن «الإخوان» يعيدون ما جرى قبل ٢٥ يناير، من رفض مطلق للمشاركة فى المظاهرات، فالدكتور محمود غزلان، عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان، المتحدث الإعلامى باسمها أكد أن الإخوان متمسكون بقرارهم بعدم المشاركة فى الاعتصام بميدان التحرير، وقال: «نحن نرى أن العدوان الذى تعرض له المتظاهرون فى ميدان التحرير يهدف إلى استدراج أكبر نسبة من الشعب للنزول إلى ميدان التحرير، وبعدها يتم تصعيد الموقف وتحدث كارثة لتتمكن السلطة من الهروب من تنفيذ الاستحقاقات الديمقراطية. «المجلس العسكرى الآن يحتكر جميع السلطات، ولابد أن نكون حريصين على أن ننزع السلطة التشريعية من يده فى أسرع وقت».

وهكذا يمارس الإخوان اللعبة نفسها، فإذا كان الأمر كما يقول «غزلان»، لماذا نزلت «الجماعة» يوم الجمعة الماضى من الأصل؟! خصوصا أن تلك الجمعة لم يكن عليها إجماع ولم يكن لها مبرر قوى، وكانت «الجماعة» طرفا محاورا للحكومة طوال الوقت بشأنها ولم يغلق باب الحوار. واضح جدا أن «الجماعة» تريد انتهاز الفرصة واستغلال الظرف «لسرقة» السلطة التشريعية تحت دخان التحرير وعلى أشلاء شبابه، مثلما سرقت المرحلة الماضية.

واضح أيضا أن الجماعة تريد أن تضع قدما فى التحرير وأخرى فى صناديق الانتخابات. تريد حصد الأغلبية البرلمانية بكيس أرز وقطعة لحم، فلا شىء يقدم للفقراء سوى هذا، لا مشروع يكفيهم ذل الحاجة، ولا وسيلة لانتشالهم من البؤس والفقر. تماما مثلما كان الحزب الوطنى يفعل، فرجاله كانوا ينفقون الملايين على ذبح العجول وإقامة السرادقات وتوزيع «شنط الطعام» أثناء الانتخابات، ولم يفكر أحدهم فى إقامة مشروعات تهزم الفقر وتقضى على البطالة، وتحول الناس من متسولين إلى منتجين وعاملين، ومن عاطلين إلى فاعلين ومؤثرين. الإخوان، كالحزب البائد، يريدون شعبا بائسا فقيرا تسهل قيادته والتحكم فى مصيره، ولن أذهب بعيدا إذا قلت إن «الجماعة» كانت شريكا رئيسيا للحزب الذى غدر بمصر، ويستحق أعضاؤها أن يطبق عليهم قانون «إفساد الحياة السياسية»

، مثلما سيطبق على غيرهم. ألم يشاركوه اللعبة السياسية الفاسدة، ألم يستفيدوا منه مثلما استفاد هو منهم، ألم يكونوا حجته فى تعطيله للديمقراطية، ألم يبق على أثريائهم، ألم يزدد أغنياؤهم غنى فى عهد الفساد والاستبداد؟!

 كان منهم من يدخل السجون، مثلما كان منهم من يدخل البرلمان، أو تمتد شركاته بطول البلاد وعرضها، أى أنهم كانوا يلعبون مع النظام لعبة الخاسر فيها هو الشعب وحده. لكن ها هم شباب مصر يستعيدون نضارتهم بعيدا عن الملوثات التى ملأت سماءنا بعد ٢٥ يناير، ويعيدون البلتاجى من حيث جاء، مثلما سيضعون مع الشعب كل سارقى الكحل من عيون الوطن فى حجمهم الطبيعى.
  بقلم   علي السيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق