اخر الاخبار

17‏/11‏/2011

كلام عابر بقلم على السيد

وأنت ماذا فعلت؟.. وأنت، يا من جاور الظلم ونصره.. ويا من امتلك فتجبر وبطش وقرّب أهل النفاق من مقعده.. ويا من عرف أن الحق حق فلم يتبعه.. وأنت يا من يعظ الناس، لماذا لم تعظ نفسك ولو مرة واحدة؟ لماذا لم تواجه نفسك القاسية بجرائمها وتراجعها فيما ارتكبت من خطايا وذنوب؟

 ألقيت مواعظك من فوق جبل المآسى الذى شيَّدته على مهل، فسقطت كحجارة على الرؤوس المستكينة المطمئنة، فزادت الجراح، وكثرت المواجع، قلت كلاماً كثيراً عن الصدق وملأت الأرجاء كذبا، تحدثت عن الشجاعة والإيثار وكنت سيد الجبناء، وقفت خلف المقاتلين واختبأت فى مغارات الجبناء، لم تضمد جرح ثائر، ولم تسر خلف نعش شهيد، ومع ذلك كنت أول الملوحين بعلامة النصر وأول الواقفين فى صف المستقبلين لأكاليل الغار.

طالبت الناس بالخير والمعروف والإخاء، وكأنك أهل لكل هذا، وكأنك ربيب العدل والتقوى والتسامح، رغم ما فى قلبك من غل وحقد على الطاهرين الذين لم يلوثوا أيديهم، وظلت أفئدتهم تنبض بالخير، وتطرد شرورك التى ملأت الهواء.

نصحت الناس كأنك أمين عليهم، لا على المعاصى.. أمرت الناس بالبر والتقوى، ولم تتأمل أفعالك التى تضرر منها حتى من صافحك بشكل عابر. لم تقل لنا من أنت.. من علَّمك الحكمة على كبر؟ من أعطاك الحق فى عظة الأنقياء ومنحك صك «تبرئة» القتلة واللصوص وتجار العرض والأرض؟

من قال لك إن كلامك الملون يغيّر ما فى الصدور من «غل» نحوك، أو يمحو السواد من جوفك، أو يطهر بدنك من دنس الخيانة، وبيع النفس ومعاشرة السفهاء وأرباب الخداع وبائعى لحوم البشر؟

كيف امتلكت الحجة والبرهان والقدرة الفائقة على امتلاك القلوب الغضة، البيضاء من غير سوء، ثم تلاعبت بها كأنها كرات ملونة فى يد ساحر، ولم تهدأ إلا حين تحولت إلى إصبع فى كف الشيطان؟

كيف لم تشعر بآلام الذين انخدعوا فيك ووقفوا إلى جوارك حين كنت تحتاج لدعمهم، فصعدت على عظامهم، ثم دهست أجسادهم حين وجدت الأمر فى يدك؟

 ماذا ستفعل بعد ثورة غسلت عار أمثالك، هل ستظل فى غيّك؟ هل ستصفو نفسك، وينقشع الغبار من عينيك؟

هل سيرق قلبك، وتشعر بمعاناة من ظلمتهم وقهرتهم، ومن أصبتهم بأمراضك المزمنة؟ هل ستترك أطماعك، وتدخل خيمة القناعة والرضا، وتكف عن الخداع والمراوغة وترك النميمة، والتخلص من ذاتك المريضة التى لا تخشع حتى فى المصائب؟

هل ستعمل حساب الزمن الذى يتغير ويتبدل كل يوم.. بل كل ساعة، وما فى يدك اليوم ربما لا يكون غداً؟ هل ستطيب الجراح الغائرة التى صنعتها بيديك، فى قلوب غفلت عنك لحظة؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق