اخر الاخبار

14‏/11‏/2011

الجامعة العربية والأزمة فى سوريا بقلم د.حسن نافعة

قرر مجلس الجامعة العربية، فى اجتماع طارئ عقد فى القاهرة يوم السبت الماضى، تعليق مشاركة الوفود السورية فى اجتماعات الجامعة العربية وجميع المنظمات التابعة لها لحين تنفيذ النظام السورى بنود مبادرة عربية سبق له الموافقة عليها دون تحفظات، وطالب الدول الأعضاء بسحب سفرائها من دمشق وفرض عقوبات اقتصادية على النظام، كما طالب المؤسسات المدنية العربية بتقديم حماية عربية للمدنيين، لكن الأخطر من ذلك أنه أمهل النظام السورى ثلاثة أيام إضافية، تنتهى يوم ١٥ الجارى، وإلا فسيقوم المجلس باتخاذ مجموعة إضافية من التدابير تشمل تكليف الأمين العام بالاتصال بالمنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، لحماية المدنيين، ودعوة أطراف المعارضة السورية للاجتماع فى مقر الجامعة العربية بالقاهرة للاتفاق فيما بينهم على رؤية مشتركة لإدارة المرحلة الانتقالية، وتشكيل جبهة موحدة يمكن لمجلس الجامعة أن يعترف بها فى اجتماع طارئ آخر من المقرر أن يعقد فى الرباط يوم ١٦ نوفمبر الجارى. وقد اتخذ هذا القرار غير العادى بأغلبية ١٨ صوتا، وصوّت ضده كل من لبنان واليمن، فى حين امتنع العراق عن التصويت.
ويلاحظ على هذا القرار ما يلى:

١- أنه يبدو فى ظاهره تصعيدا خطيراً وغير مألوف من جانب الجامعة العربية فى مواجهة دولة عضو، لكنه يعد فى حقيقة الأمر، أو يمكن النظر إليه باعتباره محاولة أخيرة من جانب الجامعة لتجنب تدويل الأزمة السورية.

٢- يكشف القرار عجز الجامعة العربية أكثر مما يعبر عن مظاهر قوتها، إذ كان يفترض أن ترسل الجامعة مراقبين لها على الأرض منذ موافقة النظام السورى على مبادرتها للتسوية يوم ٢ نوفمبر الماضى. ويمكن توجيه اللوم للجامعة من منطلق أنها اتخذت القرار فى غياب تقارير موثقة من مصادر محايدة عن حقيقة ما يجرى، خصوصا أن النظام السورى يتحدث عن ميليشيات عسكرية تعمل لحساب قوى أجنبية وتطلق النار على الجيش.
٣- يبدو القرار قويا فى ظاهره ويساهم فى إنقاذ مصداقية الجامعة العربية، ولكن بشكل مؤقت فقط، فعلى الجامعة أن تثبت أنها لا تكيل بمكيالين حين تجد نفسها مضطرة، ربما فى الأسابيع أو الشهور المقبلة، لاتخاذ مواقف مماثلة تجاه النظام اليمنى أو النظام البحرينى على سبيل المثال.
٤- لا شك أن القرار يضع النظام السورى فى مأزق ويقذف بالكرة فى ملعبه، لكنه يشكل تحديا واختبارا للمعارضة أيضا، وسنرى ما إذا كان بإمكان فصائلها المختلفة والمتناحرة توحيد صفوفها والاتفاق على صيغة موحدة لإدارة المرحلة الانتقالية.

٥- على الجامعة العربية أن تتسلح منذ الآن بوضوح الرؤية، فيما يتعين عليها القيام به من خطوات للحيلولة دون تدويل الأزمة السورية، وإلا سيعد هذا القرار تمهيداً للتدويل من الناحية العملية، وهو تطور ستكون له عواقب وخيمة.

تجدر الإشارة إلى أن الأمم المتحدة ليست ملزمة بانتظار أن تفرغ الجامعة العربية من تحديد موقفها إزاء الأزمة السورية لتبدأ فى معالجتها إن أرادت، وتدرك الأمم المتحدة تماما، خاصة الأعضاء الدائمين فى مجلس الأمن، أنها تختلف تماما عن الأزمة الليبية، وأن موازين القوى الدولية بين الأطراف المنخرطة فى الحالتين ليست واحدة. صحيح أن الجيش السورى يتصرف بوحشية فى مواجهة شعبه، وهو أمر لا يمكن قبوله ويتعين إدانته بكل قوة، إلا أنه من المؤكد أن هناك قوى إقليمية ودولية تحاول استغلال الأزمة لتصفية حسابات قديمة مع النظام السورى، وربما أيضا مع إيران، لذا تبدو الأزمة السورية مفتوحة على كل الاحتمالات بما فيها احتمال دفع الأمور نحو حرب شاملة فى المنطقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق