اخر الاخبار

10‏/05‏/2011

تطور اتفاقيات الغاز وكيف ضللنا الطريق /صلاح حافظ

استكملت المفاوضات مع شركة «شل» التى وقعت أول اتفاقية عام ١٩٨٨، التى كانت البداية الحقيقية لعصر الغاز الطبيعى فى مصر.
قوبل هذا البند باستحسان كبير فى الأسواق العالمية وأخذ به فى بلدان كثيرة، وأصبح اسمه النموذج المصرى لبند الغاز.
توالت الطلبات على مناطق جديدة فى الأحواض الترسيبية الغازية حتى وصل عدد الاتفاقيات البترولية إلى أرقام قياسية لم تتحقق فى أى وقت آخر.
استمر العمل بهذا البند خلال التسعينيات مع تغيير طفيف فى تسعير الغاز، حيث تم ربط السعر بسعر الزيت الخام المصرى لتشجيع البحث فى المياه العميقة عندما انخفض سعر المازوت لفرض قيود بيئية.
بدأت الاكتشافات الكبيرة فى الظهور خلال فترة التسعينيات متزامنة مع تذبذب كبير لأسعار الزيت الخام وانخفاض سعرى ملحوظ قرب نهاية هذا العقد عندما تدهور اقتصاد الدول الآسيوية. تسببت هذه الظاهرة فى تباطؤ الاستثمارات فى البحث عن الغاز الطبيعى.
وفى نهاية التسعينيات، وأوائل الألفية الجديدة، أبدت الشركات والحكومة قلقاً كبيراً خشية هبوط أسعار الزيت الخام إلى أقل من عشرة دولارات، أو زيادة كبيرة فى فترة قصيرة، وعليه تقرر تعديل بند الغاز مرة أخرى ليتحدد الحد الأقصى بـ ٢.٦٥ دولار للألف قدم مكعب عند سعر ٢٠ دولاراً لخام البرنت، والحد الأدنى بـ ١.٥٠ دولار عند سعر ١٠ دولارات.
تبعت ذلك زيادة مطردة فى سعر الخام حتى وصل إلى قرابة ١٥٠ دولاراً.
كيف ضللنا الطريق؟
كان العزم قد عُقد على تصدير الغاز المصرى من الشبكة القومية دونما تتضح مقومات كان يجب تواجدها قبل اتخاذ هذا القرار، كان من أهمها كمية الغاز الجديدة التى سوف تضاف إلى الشبكة القومية وكذلك معدلات الزيادة المتوقعة فى الاستهلاك المحلى، فإذا كان الفرق بين الرقمين إيجابياً فلا بأس من التصدير، أما إذا كان عكس ذلك فيجب توخى الحذر قبل الإقدام على التصدير من الشبكة القومية. ولكن ما حدث كان كالتالى:
- إعلان عن احتياطيات وهمية للغاز واستخدام مسميات غير متداولة، مثل «الاحتياطى شبه المؤكد» و«الاحتياطى الهندسى».. إلى آخر هذه المصطلحات مما شوه حقيقة الأمر.
- امتنع عدد من الشركات عن تنمية بعض الاكتشافات المهمة لانخفاض سعر الغاز فى الاتفاقيات البترولية والتى وضعت له سقف ٢٠ دولاراً بالرغم من زيادة سعر الخام إلى ما يقرب من ١٥٠ دولاراً.
- عقد اتفاقيات ثنائية مباشرة دون إجراء مزايدات تنافسية.
- تسعير غاز التصدير بأدنى مستوى وذلك بحساب سعر تكلفة إنتاج للغاز على اليابسة (قليل التكلفة) دون حساب إتاوة أو ضرائب للدولة أو مقابل استنزاف، مضافاً إليه ربح ضئيل حتى وصل إلى ٧٥ سنتاً ويزداد إلى ١.٢٥ مع زيادة سعر الخام.
- عقود تصدير من الشبكة بالرغم من توقف عمليات التنمية للحقول الكبيرة نظراً لتدنى سعر الغاز لارتباطه بحد أقصى لسعر الزيت الخام.
- عائد ضئيل من التصدير لتدنى السعر الأصلى فى الاتفاقيات المبرمة.
- حدوث عجز للغاز الطبيعى فى الشبكة القومية مما ترتب عليه استخدام المازوت كبديل لمحطات الكهرباء، والذى تكلف من ستة إلى سبعة أضعاف سعر الغاز المصدر.
- الاضطرار إلى تعديل التعاقد مع شركة بريتش بتروليم، بحيث تحصل الشركة على ١٠٠% من إنتاج الغاز وتدفع لها الحكومة سعراً يصل إلى ٣.٨ دولار للألف قدم مكعب لتحفيز الشركة على التنمية لدرء الخسارة التى بدأت تتزايد.
كانت نتيجة هذا التخبط خسارة على المدى القريب، للنقص فى الغاز المتاح بالشبكة بسبب التصدير واستخدام المازوت لسد العجز بسعر مرتفع والحصول على مقابل تصدير أقل كثيراً مما يجب أن يكون عليه، وكذلك خسارة على المدى البعيد لحصول الشريك على كامل إنتاج الغاز وبيعه للدولة بسعر يحقق لها أرباحاً مناسبة، وتدفع الأجيال ثمن التشدق بتوفير مليارات الدولارات لوضع سقف على أسعار الغاز المشترى من الشريك وتهدر ثروتنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق