اخر الاخبار

19‏/11‏/2011

إبراهيم عيسى عاشت ثورة يناير فهل تتعايش؟!

 عاشت ثورة يناير التى جعلت الإخوان المسلمين الذين كانوا لا يقدرون على التصدى للمعاملة المهينة والقاسية لزوجات وبنات الجماعة والاعتداء عليهن وهن يقفن فى صحراء معزولة أمام مبنى المحاكمات العسكرية فى انتظار الحكم على الأزواج والإخوة والأبناء، هؤلاء الإخوان يتظاهرون أمس بعشرات الآلاف فى ميدان التحرير فى حرية مطلقة وثقة مفرطة!
عاشت ثورة يناير التى جعلت شبابا مصريا يقف صلدا وصلبا رافضا المحاكمات العسكرية، بينما كان عشرات من أعضاء الجماعات الإسلامية والإخوان المسلمين يقدمهم نظام مبارك للمحاكمات العسكرية دون أن يرتفع صوت ولا يعارض أحد، اللهم إلا توقيعاتنا على بيانات متضامنة مع المحالين إلى المحاكمات العسكرية ننشرها فى صحافتنا، بينما ترفض نشرها صحف أخرى (تدعى الرجولة هذه الأيام).
عاشت ثورة يناير التى جعلت الدعاة السلفيين الذين كانوا يستأذنون أصغر ضابط فى جهاز أمن الدولة قبل أن ينتقلوا للصلاة من مسجد إلى آخر وللحصول على إذن من الداخلية لإلقاء درس فى جامع، والذى أعلن أحدهم فى ندوة بمجلة «المصور» قبل أسبوعين من ثورة يناير أنه وكل الشيوخ فى الفضائيات الدينية يجلسون على حجر أمن الدولة، ها هم الآن بعد ثورة يناير يفتحون أفواههم صراخا بالفتاوى المكفرة التى كانوا يرتعبون من قولها لو استدعاهم مخبر شرطة قبل الثورة، وها هم يتظاهرون فى ميدان التحرير أمس وكانوا قد حرموا التظاهر فيه قبل 25 يناير بناء على أوامر من رجال أمن الدولة، وها هم شجعان جدا لدرجة أنهم ينددون بالمجلس العسكرى بينما كانوا يخافون من ظل عسكرى من عساكر مبارك!
عاشت ثورة يناير.

لكن هل يمكن فعلا أن تعيش ثورة يناير؟

هل يمكن أن تعيش وهى تفقد القدرة على التعايش؟

هل يمكن أن تعيش رغم اتهامات التكفير والتخوين التى يتم توزيعها على الجميع وضد الجميع؟ هل يمكن أن تعيش مع رغبة الإخوان فى السيطرة والتسلط وسعى السلفيين لتكفير كل من يختلف معهم؟

إن قيم ثورة يناير تتجلى فى الحمامات!

حمامات ميدان التحرير خلال الثورة كانت علامة على قدرة هذه الثورة على الانتقال بمصر من الاستبداد والفشل إلى الديمقراطية وبناء الدولة.

شاهد عيان يروى على مدونته تفاصيل مشاهداته خلال اعتصامه فى ثورة يناير:

(ما يكاد زائر يلقى أحدنا حتى يسأل كيف توافرت دورات مياه لكل هذا العدد الذى يعتصم ويبيت؟ وأين تغتسلون وتبدلون ملابسكم؟ وكيف يتيسر هذا الأمر الصعب للنساء؟

فى ميدان التحرير أكثر من مكان، وأكثر من طريق يعرفه كل رواد وسط القاهرة، أولها الحمام العمومى فى ميدان التحرير، وهناك الحمامات الموجودة داخل جراج التحرير. لكن ظهرت مشكلة، حيث لم يعد هناك عمال يشرفون على نظافة دورات المياه، فالعمال يسكنون فى أماكن بعيدة مما أعاق وصولهم، فضلا عن حظر التجول والبلطجة. لم يكن الأمر فى حاجة إلى تفكير، قسمنا أنفسنا على مدار اليوم لمتابعة الحمامات العامة ومباشرة عملية التنظيف. البنات وضعن الكمامات ودخلن إلى حمامات السيدات، وتوجه الشباب إلى المكان المخصص للرجال.

طلاب جامعات وأطباء ومهندسون يمسكون بأدوات النظافة فى الحمامات بمنتهى الفرحة، تسمعهم أحيانا يلقون بالنكات «لو دخلت النهارده مرتين تدخل بكرة مرة مجانا» فى سخرية من تحديد أسعار دخول الحمامات العامة فى الشوارع قبل الثورة، أو «الدخول بالكوينز يا بهوات»، والكوينز مقصود بها العملات المعدنية المستخدمة مع بعض الحمامات التى تعمل ببوابات إلكترونية).

ويضيف صاحب المدونة:

(بعض الشباب كان يفضل الذهاب إلى جامع عمر مكرم القريب من المكان، لتغيير الملابس والوضوء والصلاة. مطاعم الوجبات السريعة القريبة من الميدان كان لها دور كبير، حيث فتحت أبوابها للدخول إلى حماماتها دون أن تشترط أن يكون الداخل من رواد المكان. أو من المشترين منها. من حق أى شاب أن يدخل فى أى وقت، وهو نفس ما فعلته المقاهى المحيطة بالميدان، حيث يحيط الميدان عدد كبير من المقاهى، كما فتحت سيدات شققهن فى ميدان التحرير للفتيات والسيدات لتبديل الملابس. ثم قامت مجموعة من المهندسين والعمال المشاركين فى الثورة بإنشاء 10حمامات «سابقة التجهيز» بتكلفة وصلت إلى 4 آلاف جنيه تبرع بها أحد المهندسين، مساحة الحمام الواحد نحو 3.60 متر، فى 4.80 متر، مكونة من حوائط وأسقف من الخشب «الأبلكاج»، بالإضافة إلى أنها سهلة الاستعمال، فمنها «البلدى والأفرنجى». وقد تم اختيار مكان الحمامات المتنقلة بالقرب من الحمامات الرئيسية بالميدان لتسهيل عملية الصرف، حتى لا تتجمع المياه وتسبب روائح كريهة فى المكان، الحمامات المتحركة لم تشوه المنظر الجمالى للميدان، فالبوابات الخارجية لها كانت بمثابة معرض فنى للرسم).

المشكلة بعد تسعة أشهر من الثورة أن بعض التيارات والجماعات والنشطاء يشدون «السيفون» على قيم هذه الثورة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق