اخر الاخبار

17‏/11‏/2011

فقيهان ضد التيار (١–٣) بقلم جمال البنا

الفقيه الأول من هذين هو المفسر أبو مسلم محمد بن بحر الأصفهانى، وأما التيار الذى وقف ضده فهو النسخ فى القرآن الكريم، وقد كانت معارضته القوية هى التى حالت دون أن يكون إجماعاً.

مما يثير الدهشة أن تعلق بالإسلام من أيامه الأولى شبهة قوية هى النسخ فى القرآن الكريم، وأن تظل هذه الشبهة عالقة حتى اليوم، بل أصبحت من أول ما يذكر من «علوم القرآن»، وأنها تدرس فيما يدرسه الأزهر لطلبته كأمر واقع مقرر كاد أن يصل إلى حد الإجماع، ويقول شيوخه الآن، ما كان يقال من ألف عام «جهلت الناسخ والمنسوخ.. هلكت وأهلكت».

ومما يضاعف هذه الدهشة أن فكرة النسخ فكرة بعيدة كل البعد عن الفكر الإسلامى خاصة إذا تعلقت بالله تعالى والقرآن، لأن الإسلام ينزل الله تعالى منزلة لا يمكن أن يصل إليها فى بقية الأديان، كما أن القرآن ينفرد بمنزلة متميزة عن كل الكتب السماوية الأخرى التى هى قد لا تكون خطاباً لله، فكيف يتأتى لهذا الكتاب أن يعاب بالنسخ؟ وكيف يتسامح مع فكرة البداء بالنسبة لله؟ أى أن الله رأى شيئاً ثم رأى شيئاً آخر أفضل منه فنسخ به النص الأول، هذا تصور بشرى خالص يمكن أن يقال عن اللوائح والقوانين، ولكن لا يمكن أن يعلق بالقرآن ولا برب العالمين ولا بمسلم يؤمن بالله ورسله وكتبه واليوم الآخر.

وقد اضطهدت قريش الرسول بمختلف الاضطهادات التى قص علينا القرآن بعضها كأن يطلبوا منه معجزة، أو يرد على أسئلة محرجة مثل الروح والساعة، فلو كان هناك نسخ لكان هذا أول ما يعيبونه عليه.

بل إنهم انتقدوا القرآن نفسه فقالوا أساطير الأولين، وقالوا هو سحر، وادعوا تأثره بكاهن بالمدينة قبطى أو فارسى، ولكن لم ينتقد أحد أن به نسخاً، ولو كان به لما فاتهم التنديد ولقالوا كيف نؤمن بإله ينسخ اليوم ما قاله بالأمس.

إن الباحث عن ظهور وتضخم ظاهرة النسخ عندما يضع هذه المقدمات فلا ريب أنه سيندهش لما لاقته الظاهرة من نجاح، لأن هذه المقدمات كلها هى ضد ظهورها ــ دع عنك انتشارها وازدهارها ــ ويكون عليه أن يبحث عن عوامل أخرى.

أراد المشركون أن يتخلصوا من الإسلام مرة وإلى الأبد فوضعوا خطة مؤامرة محكمة لقتل الرسول يحمل فيها شاب من كل قبيلة من قبائل قريش سيفه ويدخلون عليه ويضربونه بسيوفهم حتى يتبدد دمه بين القبائل.

علم الرسول، فلم يضيع وقتاً وجعل ابن عمه «علىِّ بن أبى طالب» ينام على سريره ويغطى بغطائه بينما ذهب هو وأبوبكر صديقه الأمين إلى المدينة.

كانت المدينة على بعد قرابة مائتى كيلومتر من مكة وكان بعض أهلها قد زار مكة فى العام السابق، واتصل بهم النبى وعرفهم على الإسلام وشرح الله صدورهم له، وأرسل الرسول مصعب بن عمير وهو من خيرة الصحابة ليعلمهم القرآن وكان من المحسنين له حتى آمن معظم أهل المدينة وهكذا «فتحت المدينة بالقرآن» كما قالت عائشة.

وبعد ثلاث ليال هل الرسول على المدينة التى وجد أهلها تنتظره ومعهم أطفالهم وهم ينشدون:

طلع البدر علينا من ثنيات الوداع.. إلخ.

أراد أهل مكة أن يتخلصوا من الرسول فدفعوا به إلى المؤمنين به ووضعوه على طريق قوافلهم وأصبح للإسلام قوة، وانتشر الإسلام وآمنت به قبائل العرب، وفى السنة التاسعة للهجرة دخل الرسول مكة غازياً فاتحاً وسلم له أعداؤه الأقدمون فعفا عنهم جميعاً فأصبحوا مسلمين.

وفى السنة العاشرة من الهجرة توفى الرسول وخلال الثلاثين سنة التى أعقبت وفاة الرسول حدث طوفان الثورة الإسلامية الكبرى الذى لم يشهد مثله العالم القديم.

خلال الثلاثين عاماً من وفاة الرسول أصبحت أعظم قوة حضارية فى تاريخ البشرية كان لها طوفانها الذى كان يحكم العالم القديم، وأعاد تكوينه وتشكيله ولغته ودينه وطرائقه ودمر الإمبراطورية الرومانية والقيصرية الفارسية، وبدا كما لو أن العالم كله أصبح يؤذن ويصلى ويدعو الله أكبر، ومثل هذا التطور لم يحدث بمثل هذه السرعة.

وجاءت إلى المدينة كل ذخائر العهد الإمبراطورى تيجان من ذهب.. إلخ، وظهرت مدن جديدة مثل بغداد والكوفة والبصرة والقاهرة وقرطبة.. إلخ.

وفى عهد عمر بن الخطاب بدأت سيول الأسرى تكتسح طرقات المدينة، وكان يستعيذ من أسرى جلولاء.

لقد حرر الإسلام دول الشرق من إسار الإمبراطوريات البيزنطية والفارسية الطبقية الأرستقراطية، وكان يمكن لأى واحد «على رأسه زبيبة» أن يكون إماماً وخليفة.

ولكن هذا الفتح الأبيض ألم يكن له وجه أسود؟

هذا ما سنعرفه فى المقال الثانى.

من النت

■ جاءنى الخطاب التالى:

حضرة الأستاذ المحترم/ الشيخ جمال البنا.. تحياتى وكل عام وأنتم بخير

راجع سيادتك المادة ٤٥ من قانون السلطة القضائية وستجد فيها الإجابة عن تساؤلك «لماذا يسمح القضاة بوجود وزارة العدل»؟

■ حيث تلزم تلك المادة «وزير العدل» باختيار مساعديه الذين قاربوا «ثلاثين» ومديرى الإدارات ووكلائها بوزارة العدل من بين قضاة بعينهم هم قضاة النقض والاستئناف وأعضاء النيابة العامة.

■ وحيث إن إبقاء القضاة على ذلك النص فى التعديلات التى يطرحونها يتعارض مع بديهيات مبادئ الفصل بين السلطات التى يتمسكون بها فى مواضع أخرى (بل ينسفه نسفا).

■ وحيث كانت دعوتكم إلى إلغاء وزارة العدل ونظام وكيل النيابة تتطلب فى الأساس ضرورة إعادة تنظيم السلطة القضائية فى مصر بعدما تم تقسيمها ما بين وزارة العدل والقضاة وتفتيت أجهزتها إلى خمس هيئات قضائية «مستقلة» تحكمها وتنظمها خمسة قوانين «مستقلة»، وتديرها خمسة مجالس عليا «مستقلة» وتنفق عليها خمس ميزانيات «مستقلة» ويتحدث باسمها خمسة نواد «مستقلة»!

■ وكان الفهم المغلوط لقضية استقلال القضاء الذى يتمرجح بين المبادئ والمكاسب هو الذى سمح للقضاة بالسكوت عن الخلط بين وزارة العدل وفصائل قضائية بعينها وإلى الفصل التام بين أجهزة السلطة القضائية حتى صارت أشبه بـ«الوسايا».

■ وكان التخلى عن ذلك التنظيم القضائى العجيب يقتضى إحياء الضمير القومى للقضاة والترفع عن المكاسب الشخصية التى يحققها ذلك التفتيت لكبار رجال القضاء «دائماً» ولبعض هيئات القضاء «عادة» والعودة إلى تنظيم قضائى موحد ــ سلطة قضائية واحدة ينظمها ويحكمها قانون واحد ويمثلها مجلس قضاء أعلى واحد بموازنة مالية واحدة وينوب عنها فى العلاقات العامة ناد واحد أو نقابة واحدة ــ ساعتها سيصطف الجميع خلفك مطالباً بإلغاء وزارة العدل.

و تفضلوا بقبول فائق الاحترام،

المستشار/ محمد يوسف

نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية

■ شكراً سيدى المستشار....

وقد تصورنا أن ثورة ٢٥ يناير الشبابية الشعبية هى الفرصة لإقامة سلطة واحدة ينظمها ويحكمها قانون واحد.. إلخ، هل ننتظر ثورة أخرى؟

■ لايزال الكاتب والمفكر الإسلامى الأستاذ عبدالفتاح عساكر يمارس هوايته المحببة فى نقد الأحاديث المخالفة لروح الإسلام ومبادئه، وهو هذه المرة ينقد حديث «لن يدخل أحداً عمله الجنة»، وذكر رواياته واحدة فأخرى وفى سند كل واحدة تدليس أو وهم.. إلخ، بمن فيهم أبوهريرة، وتضمن البحث تعريفاً عن التدليس وغيره من الاصطلاحات الحديثية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق