اخر الاخبار

28‏/10‏/2011

الديمقراطية.. أن تهنئ خصمك بالفوز بقلم عماد الدين حسين

عندما تم الإعلان عن فوز الزميل ممدوح الولى بمنصب نقيب الصحفيين ليلة الأربعاء الماضى، فوجئت بأحد الأصدقاء يصرخ فى وجهى غاضبا: «مكتب إرشاد الإخوان فرض علينا النقيب».
وعلى هذه النغمة، تحدث أكثر من زميل وصديق، متبرمين من فكرة الديمقراطية.
 قلت لهم الأمر ببساطة ان الذى انتخب ممدوح الولى نقيبا هم الزملاء الصحفيون وليس مكتب الإرشاد أو أى مكتب خارج النقابة، وأى شخص لا يرى ذلك فليبحث عن علاج لأفكاره.
  سواء كان الإخوان أبدوا تأييدهم للولى أم لا، وسواء كان الولى اخوانيا أم شيوعيا، فلم نر كتائب إخوانية أو غيرها ترغم الصحفيين على انتخاب هذا ورفض ذاك. ما حدث كان ممارسة ديمقراطية راقية أفرزت من اختارهم الصحفيون.
مثل هذه النوعية من الأفكار تكشف ــ للأسف الشديد ــ عن هيمنة ذهنية وعقلية غريبة وسط قطاع لا بأس به من النخبة المصرية خلاصتها ان الديمقراطية شىء جميل ومثالى طالما انها تأتى بالشخص أو الحزب الذى أريده، اما إذا جاءت بأشخاص أو أحزاب لا احبهم فهى سيئة وعلينا أن نرفضها.
م إن الزملاء الذين يقولون إن مكتب الإرشاد جاء بالولى، فلماذا لم يفسروا لنا عجز هذا المكتب عن انجاح أى شخص من قائمة الإخوان الرسمية والمعلنة داخل النقابة ذاتها؟، مع ملاحظة ان الزميل الأستاذ محمد عبدالقدوس ورغم انتمائه للإخوان فقد صار خارج أى تصنيف سياسى بسبب اجماع معظم الزملاء من كل التيارات السياسية عليه وأصر ألا يكون داخل أى قائمة حتى لو كانت إخوانية.
من حقى ومن حق غيرى أن يؤيد هذا ويعارض ذلك شرط أن يقبل بحق الناس والناخبين فى الاختيار. وشخصيا كتبت فى هذا المكان مؤيدا اخى وزميلى وصديقى يحيى قلاش نقيبا للصحفيين دون أن ينتقص هذا التأييد من تقديرى لبقية المرشحين ــ لكن فى اللحظة التى تم فيها إعلان فوز ممدوح الولى، ذهبت له مباركا من كل قلبى تقديرا واحتراما لرأى الزملاء الذين انتخبوه. وكذلك لكل الزملاء الذين حازوا ثقة الجميعة العمومية.

مرة أخرى، ما حدث فى انتخابات نقابة الصحفيين، عرس حقيقى للديمقراطية رغم حالة الفوضى والارتباك والاختناق والدخان فى مبنى مغلق لا توجد به وسائل تهوية جيدة. لكن الذين يريدون ديمقراطية على مقاسهم هم الأشد خطرا على الديمقراطية.

لا يمكن أن نطالب ونصر ونلح ونعتصم من أجل انتخاب عمداء الكليات ورؤساء الجامعات، ثم عندما يفوز شخص لا نحبه، نرفض ذلك ونطالب المجلس العسكرى بعدم التصديق على تعيينه، نفس الأمر قد يتكرر فى انتخابات مجلس الشعب المقبلة ووقتها قد نشهد حمامات دم.



علينا أن نقاتل بكل الطرق السلمية من أجل إقرار قوانين انتخاب سليمة، لكن فى اللحظة التى يقول فيها الناس كلمتهم، علينا أن نقبلها وإلا ضربنا اسوأ الأمثلة للمواطنين البسطاء، فكيف سيؤمنون بهذه الديمقراطية إذا كانت النخب تريد الانتقاء من الديمقراطية حسب رغبتها.



ثم سؤال جوهرى إلى كل الخائفين من بعبع الإخوان ومكتب الإرشاد: لا تلوموا الشعب إذا اختار الإخوان أو السلفيين أو «الجن الأزرق» لوموا انفسكم وبدلا من العويل والبكاء انزلوا لهذا الشعب واقنعوه بأفكاركم، لأن غالبية الشعب لا تسهر أمام برامج «التوك شو» كما ان معظمهم ليس لديه حسابات على الفيس بوك وتويتر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق