اخر الاخبار

14‏/10‏/2011

سيناريو إحراق مصر بقلم محمد البرغوثى

تكشف الطبعات الأولى من الصحف المصرية الصادرة يوم الاثنين الماضى - ١٠ أكتوبر الجارى - عن الكثير من ملابسات المذبحة الكارثية التى وقعت أمام ماسبيرو، مساء الأحد الماضى.
لقد انتهت كل الصحف من تجميع أخبار مسيرة الأقباط فى الساعة الرابعة عصر الأحد الماضى، ولم تتمكن صحيفة واحدة من التقاط صورة لهذه المسيرة، ولهذا خرجت الطبعات الأولى من كل الصحف خالية تماماً من الصور، واضطرت «المصرى اليوم» إلى نشر صورة من مظاهرات الأقباط فى أسوان مع خبر فى النصف الأسفل من الصفحة تحت عنوان «مسيرة قبطية - صوفية ضد أحداث الماريناب.. ومظاهرات فى ٣ محافظات لإعادة بناء الكنيسة»، وهو الأمر نفسه الذى فعلته جريدة «الشروق» فى طبعتها الأولى من عدد الاثنين، ولكن تحت عنوان: «إخلاء سبيل ٦ أقباط فى واقعة كنيسة الماريناب. والصوفية تشارك الأقباط مسيرات الاحتجاج».
لا شىء أكثر أو أقل فى كل الصحف القومية التى اتفقت مع الصحف المستقلة فى الإشارة إلى المسيرة «القبطية - الصوفية» التى ستبدأ من دوران شبرا وتنتهى أمام ماسبيرو، للاحتجاج على استخدام الأمن والشرطة العسكرية العنف المفرط فى فض اعتصام قبطى يوم الثلاثاء ٤ أكتوبر أمام ماسبيرو أيضاً.

من يطالع صحف الاثنين يكتشف أيضاً أنها منحت أقصى اهتمامها لاعتصام أصحاب العمائم من الأئمة المسلمين طيلة نهار الأحد أمام مجلس الوزراء فى شارع قصر العينى، فقد كان اعتصاماً حاشداً فعلاً، انضمت إليه جموع غفيرة من أصحاب المطالب والمظالم، وظلت مسيرات العمائم تجتذب كاميرات وسائل الإعلام طيلة اليوم، وترددت أصداء هتافات الشيوخ فى وسط القاهرة الحيوى، وسجلت الصحف كل مطالبهم وعلى رأسها «تطهير وزارة الأوقاف من فلول النظام السابق».

قريباً من الساعة الرابعة والنصف عصر الأحد انسابت تدريجياً حركة المرور فى وسط القاهرة، وهو ما يشير إلى انتهاء اعتصام أصحاب العمائم.. وظنت كل الصحف أن المسيرة «القبطية - الصوفية» لن تكون أكثر من عمل رمزى يؤكد على ثوابت الوحدة الوطنية وينزع فتيل فتنة قرية الماريناب بأسوان قبل أن تصل إلى القاهرة أو تنتقل إلى محافظات أخرى.

بعد حوالى ساعة أو أكثر قليلاً تواردت أنباء المسيرة: حشود من الإخوة الأقباط.. رجال ونساء وفتيات وأطفال يحملون صلباناً وشموعاً فى طريقهم من شبرا والعباسية ومناطق أخرى إلى وسط القاهرة.. وما إن عبرت إحدى المسيرات نفق أحمد حلمى حتى انقض عليها مجموعة من البلطجية واعتدوا على كثيرين من أفرادها بالضرب والإهانة.. وكما ظهر البلطجية فجأة اختفوا فجأة وفى توقيت واحد.

حدثنى شاهد عيان أن اعتداء نفق أحمد حلمى لم يكن الهدف منه تعطيل المسيرة أو منعها من الوصول إلى «ماسبيرو».. ولكن كان الظاهر أنه محاولة لشحن الأقباط بطاقة غضب هائلة، تمهيداً لتفجير الموقف وإشعال حرائق الفتنة. وقد وصلت المسيرة إلى ماسبيرو فعلاً، وهناك ظهر البلطجية مرة أخرى لكن على دراجات بخارية وقيل إنهم مسلحون، والتقط شهود عيان تحركات غامضة من شبان غريبى الأطوار اندسوا بين المتظاهرين، كانوا يحرضون على مهاجمة قوات الأمن والشرطة العسكرية.
واندلعت المذبحة: إطلاق نار ودهس متظاهرين بالمدرعات وإشعال النيران فى عربات الأمن.. وامتلأت الساحة بجثث المتظاهرين وصرخات مئات الجرحى، وبدأت الحشود تغادر مواقعها، وفقد الكل صوابه باستثناء فصيل واحد تحرك من أمام ماسبيرو وظهر فجأة فى شارع رمسيس قريباً من المستشفى القبطى، وبدأ أفراد هذا الفصيل الهمجى فى تنفيذ فصل جديد من سيناريو إحراق مصر، كانوا مجموعة ضخمة من البلطجية يرتدون فانلات داخلية فقط وبنطلونات جينز ممزقة، وقد توزعوا إلى مجموعتين، الأولى تحرق سيارات الأقباط وتعتدى عليهم، والثانية تحرق سيارات المسلمين وتعتدى عليهم.
لا أقول شيئاً من عندى، ولكننى بذلت جهداً كبيراً للوقوف على أكبر قدر من المعلومات حول ما حدث.. وانتهيت إلى أن «التنظيم السرى» الذى دبر أحداث مسرح البالون هو ذاته الذى دبر أحداث الاعتداء على السفارة الإسرائيلية، وهو ذاته الذى خطط لإحراق مصر وتخريبها تماماً مساء الأحد الماضى، ولا يخالطنى أدنى شك فى أن هذا التنظيم إذا لم يتم الكشف عنه بأقصى سرعة والقبض على كبار المحركين له، ينتظر الانتخابات البرلمانية ويجهز قواته من البلطجية والمأجورين لإشعال الفتن والمذابح والحرائق فى كل المحافظات. فهل هناك من له مصلحة فى ترك هؤلاء الضباع مطلقى السراح لتحقيق هدف آخر. أو بوضوح شديد: هل هناك من يخطط لاستخدام الفوضى ذريعة لإلغاء الانتخابات وإدخال البلاد إلى نفق طويل لا ندرى إلى أين سيمضى بنا؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق