اخر الاخبار

15‏/10‏/2011

ماذا لو حكم الإخوان مصر؟ (٢) بقلم د. رفعت السعيد

ولأن الانتخابات البرلمانية تقترب، فإننا نعتقد أن من واجبنا محاولة كشف الغطاء عن التاريخ الإخوانى.
والحقيقة أنه لا يوجد تيار سياسى لا يخطئ عبر مساره الطويل، فقد يخطئ أحد قياداته وقد يخطئ كجماعة أو كحزب. لكن مشكلتنا مع جماعة الإخوان هو تقديسها المبالغ فيه لكل ما كان من تاريخها. وتقديسها للرجل الربانى- كما أسموه هم- الأستاذ حسن البنا. وقد بلغ تقديسهم لمؤسس جماعتهم أن قال أحد القادة المؤسسين للجماعة، «لم أعرف فضل النبوة إلا بعد أن جلست إلى هذا الرجل حسن البنا». (محمد عبدالحليم: الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ- الجزء ١- صـ٥٤).
ولكى نعرف الفارق بين الزعيم السياسى والزعيم «الربانى» نراجع على سبيل المثال موقفاً للزعيم الوطنى المهيب، وقائد ثورة ١٩١٩ سعد زغلول فعبر مسار المفاوضات وما سبقتها من مماحكات مع لورد ملنر وغيره من قادة الاحتلال، أخطأ سعد، أو تصور البعض أنه أخطأ، فخرجت جريدة «النظام» وكانت جريدة وفدية بقصيدة شديدة اللهجة تهاجم فيها سعد زغلول. وصاحب القصيدة فرح أنطون لم يكن وفدياً لكنه كان يعمل فى الجريدة.. وتقول بعض أبيات هذه القصيدة:
إلى أين تمضى بالأمانة يا سعد
فتجنى على شعب عليك له العهد
فويحك لا تعبث بآمال أمه
شغوف بالاستقلال يهتاجها المجد
فيا سعد حاذر أن تضل طريقها
وإلا فلا سعد هناك ولا وفد
وتراجع سعد.
سعد يتراجع ويمكن أن يتعرض للانتقاد الشديد.. مثل «وإلا فلا سعد هناك ولا وفد» لأنه زعيم سياسى. أما فضيلة المرشد الرجل النورانى فإنه لا يخطئ، ومن ثم لا يمكن أن ينتقده أحد. ألم يؤكد أن برنامجه «كله من الإسلام وكل نقص منه نقص من الإسلام ذاته» ولهذا ولغيره نرفض استخدام السياسة كفعل بشرى فى الدين المقدس. ولكن الرجل النورانى اعتاد على الإفلات من أى مأزق بقوله ما ليس حقيقياً. وعبر الادعاءات غير الحقيقية يفلت البنا أو يحاول أن يفلت من أخطائه. وسوف نكتفى بأن نقدم نموذجين لوقوع البنا فى الخطأ الفادح، وأسلوب ومحاولات الإفلات من تبعاته عبر الأقوال غير الحقيقية.

ففى كتابه الأخير والذى كتبه أيام محنته القاسية دفاعاً عما كان من أخطاء الجماعة أورد حسن البنا التهمة التى وجهت للجماعة بأنها قتلت المستشار الخازندار. ثم هو يرد على الاتهام قائلاً «فكل ذنب الإخوان فيه أن أحد المتهمين شاع أنه سكرتير المرشد العام» (حسن البنا قول فصل. ويلاحظ أنه طبع أحياناً بعنوان «القول الفصل)».

نقرأ هذا التبرؤ من اغتيال القاضى ثم نقرأ الحقيقة. والحقيقة واردة على لسان الأستاذ محمود الصباغ أحد قادة الجهاز السرى للجماعة فى كتابه «حقيقة الجهاز الخاص- ودوره فى دعوة الإخوان المسلمين» والذى كتب مقدمته وتقريظه الأستاذ مصطفى مشهور وكان عند صدور الكتاب مرشداً عاماً للجماعة. فماذا قال الشاهد الإخوانى محمود الصباغ ؟

علماً بأنه كان شاهد عيان، فقد كان عضوا المحكمة الإخوانية التى حاكمت عبدالرحمن السندى المسؤول الأول عن الجهاز السرى لأنه أمر بقتل الخازندار.. وننقل نصاً «قال عبدالرحمن السندى أنه تصور أن عملية القتل سوف ترضى فضيلة المرشد، ولأن فضيلته يعلم عن السندى الصدق فقد أجهش بالبكاء» وجرت المحاكمة التى أورد الكتاب وقائعها تفصيلا ثم كان الحكم وإليكم نصه «تحقق الإخوان من أن الأخ عبدالرحمن السندى قد وقع فى فهم خاطئ وفى ممارسة غير مسبوقة من إعمال الإخوان، ورأوا أن يعتبر الحادث قتل خطأ، حيث لم يقصد عبدالرحمن ولا أحد من إخوانه سفك نفس بغير نفس وإنما قصدوا قتل روح التبلد الوطنى فى بعض أفراد الطبقة المثقفة من شعب مصر أمثال الخازندار.

ولما كان هؤلاء الإخوان قد ارتكبوا هذا الخطأ فى ظل انتمائهم إلى الإخوان المسلمين وبسببه، إذ لولا هذا الانتماء لما اجتمعوا على الإطلاق ليفكروا فى مثل هذا العمل أو غيره فقد حق على الجماعة دفع الدية التى شرعها الإسلام كعقوبة على القتل الخطأ» ثم يمضى الحكم «ويتعين أن تعمل الهيئة كجماعة على إنقاذ المتهمين البريئين (!)

من حبل المشنقة بكل ما أوتيت من قوة، فدماء الإخوان ليست هدراً يمكن أن يفرط فيها أعضاء الجماعة فى غير فريضة واجبة يفرضها الإسلام» ثم «ولما كانت جماعة الإخوان المسلمين جزءاً من الشعب، وكانت الحكومة قد دفعت بالفعل ما يعادل الدية إلى ورثة المرحوم الخازندار بك حيث دفعت لهم من مال الشعب عشرة آلاف جنيه فإن من الحق أن نقرر أن الدية قد دفعتها الدولة عن الجماعة. وبقى على الإخوان إنقاذ الضحيتين (!)

محمود زينهم وحسن عبدالحافظ» (صـ ٢٦٥).

والأمر دوماً هكذا فعندما حاول شفيق أنس أحد كوادر الجهاز السرى نسف محكمة الاستئناف لتدمير ملفات القضايا الإخوانية أصدر الأستاذ المرشد حسن البنا بياناً عنيفاً بدأه بقوله «ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين» لكن الأستاذ صلاح شادى أحد قادة الإخوان ومسؤول قسم الوحدات (الخاص بالجيش وبالبوليس) يكتب فى مذكراته «أبلغنى الأخ عبدالحليم محمد أحمد أنه كان من ضمن الأشخاص المكلفين بعملية نسف محكمة الاستئناف.

وأن المرحوم سيد فايز هو الذى أمرهم بنفسه بالتنفيذ، ومن جهتى فإننى أثق تماماً فى عمق احترام سيد فايز لأوامر المرشد، كما أثق تماماً فى صحة أقوال الأخ عبدالحليم التى أكدها أيضاً شفيق أنس الذى قام بالمحاولة. وهذه شهادة مسلمين عدلين» (صلاح شادى- حصاد العمر- صـ١٣٠).

أنه بطريقة ناعمة يتهم المرشد بأنه من دبر الحادث. ثم قال بعدها «ليسوا إخواناً وليسوا مسلمين».

وأترك الأمر للقارئ، ليعرف حقيقة الجماعة، وكيف تتصرف؟ وكيف ستتصرف؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق