اخر الاخبار

14‏/03‏/2012

الإسلام خط الدفاع الأخير فى مواجهة الإذابة


وجدنا أنفسنا فى مواجهة خطر ماحق يصغر أمامه ما تعرضنا له فى القرن التاسع عشر عندما دمرت مدافع الأساطيل الأوروبية حصون الموانى الإسلامية، ودخلت جيوشها أراضينا، واحتلت عواصمنا فى الشمال الأفريقى، ومصر وسوريا والعراق وإيران وبقية الدول الإسلامية.


الخطر الذى يحيق بنا اليوم ليس خطر الاحتلال العسكرى البغيض، الذى كان على فجاجته ملموساً يمكن مجابهته وجهاً لوجه .. فإذا حصدت البنادق صفاً حلت محله صفوف .. لم يعد القتال على الأرض، أصبح فى السماء وأصبح قوى غير منظورة يمكن أن تدمر كل شىء .. صواريخ تنطلق من حاملات الطائرات فى عرض المحيط، أو طائرات دون طيار.


وهذا التقدم الرهيب فى فنون القتال ليس إلا ضلعاً واحداً من أضلاع «مربع الإذابة»، وتعود كلها إلى التطور السياسى والتكنولوجى.. وأضلاع هذا المربع هى:


■ قوة عسكرية قاهرة لا يمكن لأى دولة إسلامية، أو حتى لمجموع الدول الإسلامية مقاربتها، دع عنك مغالبتها، وساعد على هذا أن التقنية العسكرية هى أعلى صور التقنية وأبهظها تكلفة.. فطائرة «الشبح» تتكلف بضع مئات من ملايين الدولارات، وقد يكون من المفارقات أن تستعيد شركات السلاح بعض مواردها من بيع الأسلحة المتخلفة إلى العرب والمسلمين، ولا قيمة لها بالطبع أمام الأسلحة الأمريكية المتطورة!


■ تقدم تكنولوجى فى وسائل الإنتاج لا يمكن منافسته واحتكار أسراره والحيلولة دون تسربها، وهو يقوم على استخدام العلوم من كيمياء أو طبيعة أو كهرباء .. إلخ، وبهذا التقدم توصل الغرب إلى وسائل صنع وأداء، بل إلى «تخليق» المواد التى تعوزها، أو التى لا توجد فى الأرض بالتكوين المطلوب.. وتوصل إلى مصادر للطاقة، وإن كان يفضل أن تستنزف طاقة المسلمين – البترول - أولاً.


وتوضع الخطط الاقتصادية والمالية لمساندة التقدم التكنولوجى، كاتفاقية الجات، والشروط التى يضعها صندوق النقد الدولى على السياسات الاقتصادية للدول التى تريد مساندته، بحيث تجد الدول الإسلامية نفسها مقيدة تكنولوجياً واقتصادياً ومالياً.


■ فكر حضارى - دعائى/سيكولوجى يعرض عبر قنوات التليفزيون والأقمار الصناعية...إلخ، وقد قدر أحد الكتاب أنه ستوجد قريباً ما يقرب من خمسمائة ألف قناة تليفزيونية تبث كلها أنباء أو أحاديث أو ثقافات أو صوراً من الفنون لا تعرف حداً تقف عنده.. كلها بأعلى درجة من التقنية اللامعة، الجاذبة، الآسرة، وكلها تعمل على تمييع شخصية المواطن المسلم بحيث تذوب مقوماته شيئاً فشيئاً.


وتنشر أجهزة البث التليفزيونى هذه الصور الاستهلاكية، الاستمتاعية، للحضارة الأوروبية دون أن تشير أقل إشارة إلى ما تطلبه ذلك من عمل دائب، أو علم نافذ.


خط سياسى رئيسى يقوم على الشك فى الدول الإسلامية، والنظرة إليها نظرة «دونية» والتفرقة بينها وتفتيت وحدتها إلى دويلات على رأس كل منها أمير له حرس، وعلم، وسلام! وإضرام النعرات العنصرية، ولا مانع من التحرش بها أو إشعال نار الحرب فيما بينها بين آونة وأخرى، كما حدث ما بين العراق وإيران، والعراق والكويت، ومساندة متمردى جنوب السودان!


بتلاقى هذه الأضلاع الأربعة، بعضها ببعض، يتكون مربع الإذابة الذى يكون أشبه بحوض كبير يتدفق فيه حامض كبريتيكى يذيب القيم وكذلك المقومات، بل حتى بعض الخصائص البدنية للسكان بحيث يكونون - فى النهاية - عجينة يمكن للغرب أن يشكلها كما يشاء ويتحكم فيها كما يريد.


وليس هذا هو كل شىء..


إن هذا المربع يعمل تحت مظلة الشرعية الدولية المزعومة، وهى التى ظهرت نتيجة لتفكك المنظومة الاشتراكية التى كانت توجد نوعاً من «الثنائية القطبية» فى السيادة الدولية، فأفسح تحللها المجال للقوة الرأسمالية التى تمثلها الولايات المتحدة، وتملكها نوع من الغرور والزهو قد يمثله ما ذكره الكاتب اليابانى/الأمريكى عن «نهاية التاريخ»!.. أو ما أشار إليه القرآن الكريم «يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ».. وتحت مظلة مزعومة، مصنوعة بدأت الولايات المتحدة ممارسات هى فى حقيقتها نوع من العربدة أو القرصنة الدولية، تعيد إلى الذهن سياسات روما فى العهد القديم، وسلطت أسلحة جديدة لم يكن للعالم بها عهد كالمقاطعة التى تفرضها على دولة، فتشل الطيران إليها، أو إمدادها حتى بالغذاء!.. وطبق ذلك كله بوحشية على العراق، وليبيا، بحيث لم تستطع مصر - وهى أقرب الدول إليها، وذات المصلحة المباشرة - أن تفعل لها شيئاً، وانصاعت للأوامر المقاطعة.. وفى الوقت نفسه، فإنها تسكت على وحشية الصرب وتراوغ، ووضعت قائمة «للدول المساندة للإرهاب» تضع فيها من تشاء!


وتتخذ الولايات المتحدة من إسرائيل وكيلاً عاماً مفوضاً فى التعامل مع الدول العربية، بعد أن غرستها فى قلب المنطقة، ومكنتها من الاستحواذ على أحد أقداسها، وزودتها بالسلاح، وساندتها فى كل ما تفعل، حتى أصبح هذا القزم الضئيل مارداً.. وهكذا تفعل إسرائيل فإنها تمد يدها لتشد إحدى جاراتها لكى تتفق معها وتذعن لها!


وبتأثير هذه القوة الضاغطة، وتشرذم الدول العربية والإسلامية، واستخذائها، استطاعت إسرائيل أن تقفز بعدد سكانها من مليون إلى قرابة خمسة ملايين، وأن تقضى على مقاومة الدول العربية واحدة تلو الأخرى، وأن تدخل فى معاهدات معها، وهى اليوم تتهيأ لخطوة جديدة هى أن تجعل من منطقة الشرق الأوسط -كما يقولون - سوقاً للمنتجات الأوروبية التى تمولها وتشرف على سياستها إسرائيل، بحيث يُستلحق اقتصاد المنطقة، وإنتاجها فى الزراعة والصناعة والتجارة باقتصاد إسرائيل، والرأسمالية الصاعدة!


وهكذا نجد مربع الإذابة يحتوى الدول العربية والإسلامية التى تدفعه، وتحميه إسرائيل من ناحية، والولايات المتحدة من ناحية أخرى!


أين المفر..؟!!


العدو فى البر، والبحر، والجو!


العدو يطبق على الاقتصاد، والصناعة، وما هو أهم.. تشكيل العقل العربى وإذابة الشخصية الإسلامية ومقوماتها الحضارية!


تبدو الصورة قاتمة مظلمة.


ولكن من أشد ساعات ظلمة الليل ينبثق الفجر.


إلى الإخوان المسلمين


يا هادى الطريق جرت


وزاره عبد الرحمن بن عوف فى مرضه الذى توفى فيه، فأصابه مفيقاً، فقال أصبحت بحمد الله بارئاً، قال أبو بكر: أتراه؟ قال نعم، قال أما إنى على ذلك لشديد الوجع، ولما لقيت منكم يا معشر المهاجرين أشد علىِّ من وجعى إنى وليت أمركم خيركم فى نفسى، فكلكم ورم من ذلك أنفه، يريد أن يكون له الأمر، ورأيتم الدنيا مقبلة ولما تقبل وهى مقبلة حتى تتخذوا سـتور الحرير ونضائد الديباج، وتألمون الاضطجاع على الصوف الأذربى كما يألم أحدكم الاضطجاع على شـوك السعدان، والله لأن يقدم أحدكم فيضرب عنقه فى غير حد خير له من أن يخوض فى غمرة الدنيا، ألا وإنكم أول ضال بالناس غداً، فتصدونهم عن الطريق يميناً وشمالاً، يا هادى الطريق جرت إنما هو الفجر أو البجر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق