اخر الاخبار

30‏/03‏/2012

قداسة المرشد بقلم وائل قنديل


يتشاطر البعض محاولا تصوير الخلاف على دستور مصر القادم وكأنها معركة بين معسكر المؤمنين من جانب، وأعداء الشريعة من جانب آخر، بالطريقة ذاتها التى أديرت بها معركة استفتاء 19 مارس الشهير، والذى كان أول ثقب فى سفينة الثورة.

إن القصة ليست صراعا بين الإسلام، والعلمانية أو الليبرالية، غير أن رموز الإسلام السياسى ــ كالعادة ــ يستخدمون سلاحهم الأثير فى عملية إيهام الرأى العام بأنهم يذودون عن حياض الإسلام ضد الأشرار الأوغاد الذين يتربصون به وبهم، على الرغم من أن المعركة بالأساس ضد منطق الاحتكار وقيم الخطف والقنص وإعلاء المصلحة الشخصية على مصلحة المجموع، وهى قيم كلها يرفضها الإسلام وكل الأديان السماوية التى جاءت من أجل العدل والحق والخير.


وعلى ذلك ينطلق هجوم المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين على وسائل الإعلام من استخدام الدين فى خلاف سياسى، بما يجعل للمرشد وخطابه وخطاب جماعته قداسة، بينما المختلفون معهم من السحرة الكفرة الذين يستخدمهم الفرعون.

وينسى فضيلة المرشد أن ممن يعتبرهم «سحرة فرعون» تجشموا مشقة النقد والمعارضة لأخطاء وجرائم «الفرعون» فى حق الثوار والثورة، بينما كان المرشد وجماعته يوفرون الغطاء الأخلاقى والسياسى والاجتماعى للمذابح التى ارتكبها جنود الفرعون فى ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء.

إن الدماء لا تزال ساخنة، والوقائع ليست ببعيدة حتى ينسى أو يتناسى أحد، فدلائل وعلامات الحلف المقدس بين جماعة الإخوان وجماعة العسكر مازالت حاضرة وظاهرة، ويكفى مشهد ميدان التحرير فى يوم مرور عام على الثورة دليلا دامغا على أن «الجماعة»، بمشتملاتها، أخذت على عاتقها التصدى لكل من ينتقد العسكر ويهتف ضدهم، وما فعلته منصة الإخوان فى الميدان مازال محفوظا فى ذاكرة القلم والكاميرا.

فمن يستطيع أن ينسى أن منصة الإخوان بميكرفوناتها العملاقة إنما نصبت لمهمة وحيدة وهى ابتلاع وهضم أية هتافات ثورية منددة بخطايا العسكر، ومطالبة بسقوط حكم العسكر؟

ومن ينسى أن جماعات الإسلام السياسى شاطرت أصوات المجلس العسكرى الاتهامات للثوار والمتظاهرين بأنهم بلطجية ومخربون ومدفوعون لإفساد العرس الانتخابى، فكان أن ولد الشعار الذى يتردد صداه حتى الآن «بيع بيع بيع».

إن أحدا لم يضرب الإخوان على أيديهم لكى يختاروا الاصطفاف والتماهى مع أجندة المجلس العسكرى، كما أن حالة «النرفزة» العابرة بين الشريكين، لم تصنعها القوى المدنية، ولا الإعلام، بل جاءت نتيجة ما اعتبره «العسكرى» خروجا على النص من قبل من منحهم المزايا والفرص، وفضلهم على العالمين.

وسيكون من الأوفق والأجدر لو راجع الإخوان أنفسهم، وعالجوا أخطاءهم، وأصلحوا ما أفسده الدهر بينهم وبين ثورة، كانوا آخر من التحق بها وأول من غادرها، بتعبير الدكتور كمال الهلباوى أحد رموز الجماعة، فى مقاله المنشور فى «الشروق» أمس الأول.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق