اخر الاخبار

18‏/05‏/2012

رسالة من صديق بقلم د.حسن نافعة


وصلتنى رسالة من صديق عزيز، هو السفير محمد رفاعة الطهطاوى، تبدو فى ظاهرها تصحيحاً لخبر نقل على لسانه محرفاً، لكنها فى حقيقتها تروج لانتخاب مرشح رئاسى آخر. ورغم إحساسى ببعض الحرج من كلمات إطراء، لا أظن أننى أستحقها، واعتراضى التام على مرشحه الرئاسى المفضل لأسباب سأوضحها فى مقال الأحد المقبل، فإننى فضلت نشر الرسالة دون حذف.
تقول رسالة الغنى عن التعريف:


«الأخ والصديق ...


لقد تشرفت بمعرفتكم وبصداقتكم واقتربت منكم طوال سنوات، مما جعلنى أعرف عن يقين صلابتكم فى الحق، قبل الثورة وبعدها، وترفّعكم عن الإغراءات، بل تضحيتكم بمناصب ومزايا، كما أقدر لكم دوركم فى التصدى الشجاع لنظام مبارك وهو قائم، وفى الإعداد العملى للثورة مما يجعلكم بحق من أكثر من أسهموا فى التمهيد لها بغير تردد ولا مساومة ولا إمساك بعصا من منتصفها، ويكفيك أنك صاحب عبارة الفساد والاستبداد التى لخصت تلخيصاً بليغاً نظام الرئيس المخلوع.


وبرغم اختلاف اجتهاداتنا السياسية فى بعض الأمور، فإننى أرجو أن يتسع مقالك لبعض ملاحظات أود إيضاحها تعليقاً على ما نشرته جريدة (المصرى اليوم) التى أكن لها كل تقدير فى عددها الصادر يوم الأربعاء ١٦ مايو الجارى بشأن الكلمة التى ألقيتها يوم ١٤ مايو فى سوهاج تأييداً لترشيح الدكتور محمد مرسى، حيث أوردت الصحيفة على لسانى (مرسى مرشح اختاره الله لرفع راية مصر)، مما يوحى بأن تأييده أمر إلهى، وما كان لى ولا لغيرى أن ندعى تأييد الله سبحانه لمرشح من المرشحين. وحقيقة الأمر أن كلمتى فى سوهاج دافعت عن الاتهام الموجه للدكتور محمد مرسى بأنه مرشح احتياطى، بأن ذكرت أن المنهج الإسلامى يقتضى ألا يسعى أحد للرئاسة وألا يتأخر أحد عن حمل الراية وتحمل المسؤولية، وضربت مثلاً بغزوة (مؤتة) حيث عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية لزيد بن حارثة، فإن قتل فجعفر بن أبى طالب، فإن قتل فعبدالله بن رواحة، وتساءلت: هل كان جعفر وهو ابن عم رسول الله الحبيب أقل شأناً وهل كان قائداً احتياطيا؟


وكم كنت أود لو أن صحيفة (المصرى اليوم) الغراء أبرزت الجزء الرئيسى من كلمتى، والذى أشرت فيه إلى أن نجاح الدكتور مرسى أمر مرجح (بفضل الله وإرادة الشعب) وأن فوزه بأغلبية الأصوات لا يعنى تجاهل أن هناك جزءاً مهماً من شعبنا لم يصوّت له، وأن دوره هو أن يكون رئيساً لكل المصريين، وأن مهمته الأولى هى تحقيق توافق وطنى عام، وأرسلت عدة رسائل تتعلق بما بعد نجاح الدكتور محمد مرسى أهمها:


١- رسالة إلى إخوتنا وشركائنا فى الوطن من الأقباط، أوضحت فيها أن مشروع النهضة هو مشروع لكل المصريين، وأنه لا يمكن بناء النهضة إلا بعقول وسواعد المصريين جميعاً، وأن حقوق الأقباط مكفولة على أساس من المواطنة والمساواة التامة فى الحقوق والواجبات، وذكرت أن المرجعية الإسلامية هى مرجعية ثقافية يشترك فيها المصريون جميعاً، وأشرت إلى مقولة الزعيم المصرى الوطنى القبطى مكرم باشا عبيد التى قال فيها: (أنا مسيحى ديناً، مسلم وطناً)، كما أشرت إلى أن جنازة الإمام الشهيد حسن البنا لم يسر فيها إلا رجلان، والده الشيخ عبدالرحمن الساعاتى ومكرم باشا عبيد.


٢- رسالة إلى المسؤولين الحكوميين ممن شغلوا مناصب مهمة فى العهد السابق تؤكد أن الدكتور محمد مرسى إذا انتخب رئيساً، فلن يقصى أصحاب الخبرات، ولن يضيع الوقت فى تصفية الحسابات أو تتبع الأخطاء، وإنما سيركز على الاستفادة من الخبرات المتراكمة للانطلاق فى مشروع النهضة.


٣- رسالة إلى زعماء العائلات والقبائل التى اقتضت الضرورات الاجتماعية أن يكونوا على صلة بالحزب الوطنى المنحل، دون ارتباط سياسى حقيقى، بأن مكانتهم ستكون مرعية فى العهد القادم بإذن الله.


٤- ثم رسالة إلى مختلف القوى السياسية من خارج التيار الإسلامى خاصة القوى الليبرالية تؤكد أن الحكومة التى سوف يشكلها الدكتور مرسى بعد نجاحه ستكون حكومة ائتلافية تعكس أكبر قدر ممكن من التوافق الوطنى.


٥- وأخيراً، رسالة إلى القوى الإسلامية التى لا تؤيد الدكتور محمد مرسى بأن تعيد النظر فى موقفها، أو على الأقل أن تلتزم بتأييده فى حالة الاضطرار لخوض جولة إعادة.


أخى العزيز وصديقى الكبير ...


أنا أعلم أن اختياركم تأييد الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح لم يكن قراراً سهلاً، وأستطيع أن أؤكد لكم أن اختيارى تأييد الدكتور محمد مرسى لم يكن قراراً سهلاً أيضاً، ولم يكن بالقطع تأييداً تلقائياً نابعاً من التزام حزبى أو سياسى، وأنت أول من يعلم ذلك، لأنك تعرف أننى طرحت عليك فكرة أن تتقدم أنت شخصياً للترشح لمنصب الرئيس، باعتبارك تمثل موقفاً وطنياً جامعاً،


 وموقفاً قومياً واضحاً خاصة تجاه المشروع الصهيونى، كما أنك تؤمن بعمق بحق الجماهير الكادحة فى نصيب عادل من الثروة، إضافة إلى أننى أعتقد أنك تحمل إيماناً صادقاً بالفكر الإسلامى المعتدل. ومقتضى ما سبق، وأنت شاهد عليه، أننى لم يكن لى موقف محدد سلفاً من المرشحين للرئاسة، ولا كنت أعتقد أن الترشح للرئاسة أمر إلهى. وأنا مع تأييدى للدكتور محمد مرسى، إلا أننى أكن احتراماً لكل المرشحين، خاصة الأستاذ الكبير الدكتور العوا، والأخوين العزيزين عبدالمنعم أبوالفتوح وحمدين صباحى.


مع خالص شكرى وتقديرى وصادق مودتى.


محمد رفاعة الطهطاوى».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق