اخر الاخبار

11‏/05‏/2012

دستور ١٩٧١ أم إعلان دستورى؟ بقلم د. وحيد عبدالمجيد


أصبح مستحيلاً إصدار دستور جديد قبل الانتخابات الرئاسية إذا أُجريت فى موعدها، ولذلك صار واجباً السعى إلى توافق على الإطار الدستورى الذى يمكن العمل به خلال الفترة بين انتخاب الرئيس وإصدار الدستور، حتى لا يحدث خلاف لا تُحمد عقباه. ولدينا ثلاثة بدائل سيئة ولكنها الأكثر تداولاً بالرغم من وجود بديل أفضل منها، فأما الخيارات الأسوأ فهى: إصدار إعلان دستورى مكمل، وتفعيل دستور ١٩٧١ كما هو، واستمرار الإعلان الحالى الصادر فى مارس ٢٠١١.


أما الخيار الأفضل فهو إعادة العمل بدستور ١٩٧١بعد إجراء تعديلات فى بابه الخامس الخاص بنظام الحكم، وفى بضع مواد قليلة فى بعض الأبواب الأخرى، واعتباره دستوراً مؤقتاً لأربع أو خمس سنوات إلى أن يتيسر إنقاذ البلاد من الفوضى الأمنية والانهيار الاقتصادى والمراهقة السياسية.


ولو أننا فعلنا ذلك منذ البداية، لتجنبنا الاستقطاب الذى أحدثته تعديلات مارس ٢٠١١ الدستورية والاستفتاء الذى قسّم البلاد على أساس دينى مفتعل، وخلق انقساماً لا يزال يسمِّم الحياة السياسية حتى اليوم.


والأرجح أنه لن يكون صعباً التوافق على تعديلات طفيفة فى البابين الأول والثالث لا تتجاوز ٩ مواد، فهناك المادة الخامسة التى يمكن إعادتها إلى ما كانت عليه بعد تعديلها عام ١٩٨٠ وقبل التعديل الذى حدث عام ٢٠٠٧، مع استبعاد عبارة «وينظم القانون الأحزاب السياسية» الواردة فى نهايتها، كما يمكن استبعاد عبارة «وفقاً لأحكام القانون» أو «فى حدود القانون» من المواد ٤١، و٤٤، و٤٥، و٤٨، و٥٥، و٥٨، و٦١ وعبارة «إلا فى الأحوال المبينة فى القانون» من المادة ٥٠.


كما لن يكون هناك خلاف ملموس على إجراء تعديلات أساسية فى نحو ٢٠ مادة من الباب الخامس الخاص بنظام الحكم لإزالة الأساس الاستبدادى الأبوى، الذى قامت عليه سلطة فردية طاغية، بهدف الحد من صلاحيات رئيس الجمهورية وتحويل مجلس الوزراء إلى مؤسسة تقوم بدور معتبر فى إدارة السلطة التنفيذية إلى جانبه. ويتطلب ذلك بداية تعديل المادة ٧٣ التى تجعل رئيس الجمهورية فوق السلطات كلها وراعياً للحدود بينها، بحيث تنص على أنه يباشر اختصاصاته على النحو المبين فى الدستور، كما يمكن استبدال المادة ٥٩ فى إعلان مارس ٢٠١١ الدستورى التى تقيد حق الرئيس فى إعلان حالة الطوارئ بالمادتين ٧٤ و١٤٨ فى دستور ١٩٧١ اللتين تطلقان يده فى كل شىء إذا حدث خطر يهدد البلاد.


كما يمكن أن تحل المادة ٢٧ فى الإعلان الدستورى الخاصة بشروط الترشح لرئاسة الجمهورية، بعد تنقيتها من الشروط التعسفية الخاصة بالجنسية، محل المادة ٧٦ البائسة فى دستور ١٩٧١. أما المادة ٧٧ فتُعدل لتصبح مدة الرئاسة أربع سنوات ويجوز إعادة انتخاب الرئيس لمدة واحدة تالية على نسق المادة ٢٩ من الإعلان الدستورى.


ويمكن أيضا تعديل المادة ٨٢ لتنص على وجوب وجود نائب لرئيس الجمهورية. أما المواد ٨٧ و٩٦ و١٩٦ فقد أصبح ضرورياً استبعاد نسبة العمال والفلاحين منها. ولابد أيضا من تعديل المادة ٩٣ ليكون الفصل فى صحة عضوية أعضاء مجلس الشعب من اختصاص محكمة النقض.


ولضمان التوازن داخل السلطة التنفيذية بين رئيس الجمهورية والحكومة، يحسن إلغاء المادة ١٣٧ وتعديل المادة ١٤١ بحيث يعين رئيس الجمهورية رئيس الوزراء، لكنه لا يعفيه إلا بموافقة مجلس الشعب، كما يكون إعفاء الوزراء من مناصبهم بقرار من رئيس الحكومة وليس رئيس الجمهورية.


وتُعدل أيضا المواد ١٤٤ و١٤٥ و١٤٦ لنقل الصلاحيات المحددة فيها «لوائح تنفيذ القوانين ولوائح الضبط وغيرها» من رئيس الجمهورية إلى رئيس الحكومة. أما المادة ١٤٧ المتعلقة باتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير فى غياب مجلس الشعب، فيتعين تعديلها لتوزيع هذه التدابير بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، كل حسب اختصاصاته.


ولضمان دور أكبر لمجلس الوزراء، يحسن تعديل المادة ١٥٦ لتنص على أنه يتولى تنفيذ السياسة العامة للدولة فى المجالات التى تدخل فى نطاق اختصاصه. ومن الطبيعى أن تُلغى المادة ١٧٩ التى أضيفت فى تعديلات ٢٠٠٧ بدعوى مواجهة الإرهاب.


وستكون هناك ضرورة لتعديل ما فى المواد من ١٨٠ إلى ١٨٤ المتعلقة بالقوات المسلحة والشرطة. ومن البديهى أيضاً إعادة النظر فى بعض الأحكام العامة والانتقالية «الباب السادس» وإضافة أخرى إليها.


وعندئذ يصبح دستور ١٩٧١ المعدل صالحاً للعمل به لعدة سنوات، إلى أن تتوافر الظروف الملائمة لإصدار دستور جديد. وهذا هو ما ينبغى الاعتراف به إذا أردنا تصحيح الخطأ التأسيسى الذى أفسد المرحلة الانتقالية وعدم ارتكاب مزيد من الأخطاء، سواء بتفعيل هذا الدستور كما هو أو بإصدار إعلان دستورى مكمل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق