اخر الاخبار

18‏/05‏/2012

ارفع رأسك.. أنت مصرى وائل قنديل



لا تستسلموا لمقولات يراد تكريسها وزرعها عنوة فى الأذهان، من عينة أن المصريين ضجوا بثورتهم ويريدون الانكفاء والارتداد عنها.. ذلك كله ممن تنشط ماكينة إعلام نظام مبارك فى بثه وترويجه باعتباره واقعا.. ولا يخفى على أحد أن بقايا النظام السابق لا يتورعون عن مغازلة المشاعر المتعبة من غياب الأمن وتعثر الاقتصاد باستثارة حنينهم إلى أيام المخلوع


والغريب أن الذين يتبارون فى طرح أنفسهم على أنهم المغاوير الذين سيرجعون الأمن لا يلتفتون إلى أنهم بذلك يهينون الذين وفروا لهم الأرضية والغطاء لكى يصبحوا مرشحين رئاسيين، ولا معنى للطنطنة بأنهم سيعيدون الأمن والأمان إلا أنهم يقولون للمجلس العسكرى: أنت فاشل.. فالكل يعلم أن المرحلة التالية لخلع مبارك كلها كانت فى عهدة «العسكرى» وتحت إدارته، ومن ثم فكل ما فيها من إخفاقات ونجاحات محسوب له وعليه، بما فى ذلك غياب الأمن وحضور الجوع والعطش ووقف الحال.

إن الثورة لم تحكم، بل حكم عليها بأشد العقوبات، وبالتالى فهى ليست مسئولة عن كل ما جرى خلال ١٦ شهرا، من انفلات أمنى وانهيار اقتصادى، ولم نسمع عن ثوار أو متظاهرين خرجوا فى مسيرات ضد البناء والتنمية ومحاصرة البلطجة.

ومن هنا حين يقول القادمون من نظام مبارك إن قضيتهم عودة الأمن فهذه شهادة فشل ووثيقة إدانة للمجلس العسكرى على أدائه الذى أوجد هذه الحالة من الانفلات، بينما كانت قبضته أشد بطشا فى التعامل مع المتظاهرين.

وإذا كان بعض المرشحين المباركيين يستثمرون فى مناطق الخوف والجوع، فإن المدهش حقا أن شعبا ثار ضد الطغيان والاستبداد والفساد يجرى تصويره على أنه يطرب لخطاب ينضح بالديكتاتورية وتفوح منه رائحة القمع، بحجة التصدى للفوضى والانفلات.. بل يصل بعض صناع الدعاية لمرشحين كارهين للثورة إلى استخدام شعارات من نوعية «الشعب يحتاج رئيسا قويا يشكمه» وهذا أحط تعريفات القوة، حيث تتراجع قوة المعرفة والفكر لصالح مفهوم قوة الذراع وتنسحب الكفاءة أم العضلات المفتولة والصوت العالى.. وهذه قواعد قد تصلح لاختيار فتوة للحارة، لكنها بالتأكيد لا تصلح لانتخاب رئيس دولة قام شعبها بثورة أسقطت طاغية، وامتلأت حلما بالعدل والكرامة الإنسانية.

إن المصريين ليسوا قطيعا من الكائنات الوحشية حتى يزعم أحد أنهم بحاجة إلى رئيس يسوسهم بالعصا.

لقد صنعتم ثورة أذهلت العالم بنبلها وتحضرها وإنسانيتها، ولا يعقل أن الذين هتفوا «ارفع رأسك أنت مصرى» مستعدون لطأطأة الرءوس والانحناء لالتقاط ورقة مالية أو كيس خبز لقاء أصواتهم.. انتخب بضميرك واستفت قلبك، ولا تلطخ يديك بدماء الذين دفعوا أرواحهم ثمنا لممارسة حقك فى اختيار من يحكمك لأول مرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق