اخر الاخبار

09‏/05‏/2012

لجنة للتأكد من نزاهة الانتخابات بقلم ضياء رشوان


لأنها المرة الأولى فى تاريخنا الحديث التى نقوم فيها باختيار رئيسنا بالانتخاب الحر المباشر، ولأننا تعودنا خلال السنوات الطويلة التى جثمت فيها على صدورنا الأنظمة المستبدة أن تُزوّر إرادتنا وأصواتنا، فإن كثيرين منا تنتابهم شكوك ومخاوف من أن يحدث تدخل أو تزوير فى انتخابات رئاسة الجمهورية القادمة بعد أقل من ثلاثة أسابيع. وإلى جانب خبرة الماضى السيئة، فإن بعض القوى والتيارات السياسية والمرشحين الذين تحوط نجاحهم صعاب أو شكوك، راحوا يثيرون مخاوف علنية من تزوير الانتخابات الرئاسية مصحوبة ببعض التهديدات بعدم قبول نتائجها، بل وذهب البعض إلى الحديث عن ثورة أخرى يمكن أن تشهدها البلاد بسبب ذلك إذا حدث.

والحقيقة أنه لا أحد يملك، فى ظل التراث الطويل الماضى من التدخل فى الانتخابات العامة وحالة الصراع السياسى والاضطراب السائدة فى البلاد، أن يستبعد تماماً احتمال التدخل فى انتخابات الرئاسة القادمة، إلا أن أحداً أيضاً لا يملك أن يجزم بأنه سيحدث لا محالة. ومع ذلك فإن ترجيح وقوع تزوير فى هذه الانتخابات وأى انتخابات عامة يستند عادة إلى أحد أمرين أو كليهما: وجود سوابق مؤكدة للتزوير فى انتخابات سابقة أدارها النظام السياسى نفسه، ووجود تشريعات ونظم قانونية تسمح بهذا التزوير. وفيما يخص الأول، فإن انتخابات مجلسى الشعب والشورى، التى أشرف على إدارتها المجلس العسكرى قبل شهور قليلة، أكدت أنه لا تدخل منه ولا من أى من سلطات الدولة فيها، على الرغم من وقوع أخطاء وتجاوزات قام بها المرشحون والأحزاب لا يمكن إنكارها، لكن الحصيلة الأخيرة كانت أنها الانتخابات الأكثر حرية ونزاهة فى تاريخنا الحديث كله.


أما الأمر الثانى الخاص بالتشريعات المنظمة لانتخابات الرئاسة، فإن أحداً لا ينازع فى أن المادة ٢٨ من الإعلان الدستورى، بتحصينها لأعمال وقرارات لجنة الانتخابات الرئاسية من الطعون، إنما تثير ريباً وتخوفات من عدم إمكانية مراجعة أى أخطاء أو تجاوزات قد تقع فيها سهواً أو عمداً. ومع ذلك فإن التعديلات التى أدخلها مجلس الشعب على قانون الانتخابات الرئاسية، وأهمها فرز الأصوات فى اللجان الفرعية بحضور مندوبى مرشحى الرئاسة وحق كل منهم فى الحصول على نسخة رسمية من محضر فرز الأصوات فيها، تؤدى إلى التقليل بصورة هائلة من مخاطر التدخل أو التزوير المتعمد من أى جهة فى البلاد تساهم بصورة أو بأخرى فى إدارة الانتخابات.


ومع ذلك أيضاً يظل هاجس التدخل قائماً، وهو ما يلزم المرشحين للرئاسة والقوى السياسية بالتكاتف بصورة منظمة ليس فقط لمنعه لكن أيضاً لضمان قبول جميع المتنافسين لنتيجة الانتخابات إذا جرت بصورة نزيهة، وألا يكون الحديث عن تزويرها هو الحجة لرفضها من جانب بعض ممن لم يوفقوا فيها.


ولذلك فإن تشكيل لجنة من ممثلين لكل المرشحين ومعهم ممثل للمجلس القومى لحقوق الإنسان وممثلون لخمسة من أبرز وأكبر المنظمات المصرية التى تقوم بمراقبتها، تكون لها وظيفتان رئيسيتان: الأولى هى التنسيق بين المرشحين جميعاً، خاصة المتخوفين من التزوير لتغطية جميع اللجان الفرعية بمندوبيهم وتجميع بيانات الفرز التى يحصلون عليها، منها على المستوى القومى للتأكد من دقة وصحة النتيجة الرسمية. والوظيفة الثانية هى أن تكون هى الجهة التى تعلن للشعب المصرى، بأغلبية ثلثى أعضائها، مدى نزاهة أو تزوير الانتخابات الرئاسية، حتى يتأكد المصريون أنه تقدير حقيقى يعبر عن غالبية المرشحين وليس مجرد حجة يرفعها أحدهم أو بعضهم لتبرير سقوطه وإدخال البلاد فى نفق مظلم من الفوضى والعنف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق