اخر الاخبار

15‏/05‏/2012

د. مصطفى النجار هيئة الصرف الصحى الإسلامية



مساء الجمعة الماضى بينما كنت أتجول بين القنوات المختلفة قادنى الحظ لمشاهدة قناة 25 يناير التى كانت تنقل بثا حيا لمؤتمر دعم الدكتور محمد مرسى بالإسماعيلية، وكان المتحدث الشيخ صفوت حجازى الذى كان قد بدأ فى وصلة سخرية وتعريض بالسلفيين الذين يدعمون د. عبد المنعم أبوالفتوح، ووصفهم بأنهم لا يأتمرون بأوامر الله.


وانتقد حجازى العلمانيين الذين يهاجمون الإخوان ويتهمونهم بأنهم يسعون للتكويش على كل شىء، وخاطبهم قائلا: نعم نحن نريد أن يكون لنا البرلمان والوزارة والرئاسة مادمنا نطبق شرع الله نريد رئيسا إسلاميا، وحكومة إسلامية وبرلمانا إسلاميا، بل وهيئة صرف صحى إسلامية أيضا.



تأملت كلام الرجل ومدلولات هذه النفسية الخطيرة التى قررت عن اقتناع أن من حقها أن تحصل على كل شىء، وأن تدير كل شىء، لا لشىء إلا لأنها ترى أنها وكيلة عن الله فى تطبيق شرعه وأنها تمتلك هذه الميزة التى لا يمتلكها غيرها.


وأعقبت كلمة حجازى كلمة الشيخ الدكتور راغب السرجانى التى قال فيها: افرح يا حسن البنا فأولادك أغلبية فى مجلس الشعب وأغلبية فى مجلس الشورى وأغلبية فى النقابات وسيكونون أغلبية فى المحليات، وقد خرج منهم الآن ابنا من أبنائك ليكون رئيسا للجمهورية، إنها آية من آيات الله، أيها الإخوة الكرام، هذه فرصة لرفعة الدين ونصرته، فلا تضيعونها.. انتهى كلامه.


لم أكن أعلم فى حياتى كلها أن اختيار شخص لمنصب وسلطة هو رفعة للدين ونصرة له وأن عدم انتخاب هذا الشخص خذلان وهزيمة للدين.
وأعقب بعض الكلمات أنشودة إخوانية جاء فى كلماتها:
جدد العهد وجنبنى الكلام إنما الإسلام دين العاملين
واهجر النوم وقلدنى الحسام فبصدق العزم يعلو كل دين
فـتية الإسـلام هيا نتفانى فى الجهاد
لنرى القرآن هدياً ساطعاً فى كل واد
وطنى الإسلام لا أفدى سواه وبنوه أين كانوا إخوتى
مصر والشام ونجد ورباه مع بغداد جميعاً أمتى
جدد الفتيان عهداً صادقاً أنهم للحق والعليا فداء
بارك اللهم هذا الموثقا واستعدوا قد دنا يوم النداء
أتفهم كلمات هذه الأنشودة التى كتبت فى لحظات تاريخية فى ثلاثينيات القرن الماضى وكتبها المرحوم عبدالحكيم عابدين أحد رموز جماعة الإخوان عند بداية تأسيسها، ولكن لا أستطيع أن أتفهمها على الإطلاق، وهى تقال فى مؤتمر انتخابى لمرشح لرئاسة جمهورية بها مواطنون مسلمون، وغير مسلمين وبها مواطنون ينتمون لجماعة الإخوان وآخرون لا ينتمون إليها.


تجمعت هذه المشاهد فى ذهنى وبحثت عن دلالتها السياسية والعقائدية والفكرية ولم أستطع أن أربط هذه المشاهد بمعركة الانتخابات الرئاسية التى من المفترض أن هذا المؤتمر مقام لدعم مرشح يخوض هذه الانتخابات.


أخطر ما فى المشهد على الإطلاق هو طبيعة المعركة، كما يراها أنصار مرشح الإخوان الذين تحدثوا فى المؤتمر، وعلى رأسهم الشيخ حجازى والسرجانى، حيث صوروا المعركة على أنها معركة بين الخير والشر والحق والباطل ومعركة لنصرة دين الله ورفعته، وبمفهوم المخالفة الطبيعى، فإن من يختار مرشحا آخر يكون قد خالف الله وعادى شرعه، ولعل وصف الشيخ حجازى لشيوخ السلفية الذين رفضوا التصويت لمرسى وأعلنوا دعمهم لأبو الفتوح بأنهم لا يأتمرون بأوامر الله، يمثل قمة المأساة.


عانينا فى الاستفتاء الدستورى وفى الانتخابات البرلمانية من تديين السياسة بشكل مهين للدين وينقص من قداسته وجلاله وها هى المأساة تتكرر فى الانتخابات الرئاسية من مغازلة الحس الدينى للمصريين وليس مخاطبة عقولهم ببرامج وأفكار ورؤى.


لكن هذه المرة –من وجهة نظرى– مختلفة، فغالبية المصريين يراجعون مواقفهم الآن تجاه كل المنتسبين لتيارات الإسلام السياسى بعد أداء هذه التيارات فى البرلمان، وفى فضاء العمل السياسى بشكل عام، لن تنجح هذه البضاعة المكررة فى هذه المعركة، بل آراها ستمثل درسا قاسيا لحركات الإسلام السياسى بعد الفشل فى الانتخابات الرئاسية القادمة لتعيد تقديم خطاب جديد لا يمتهن الدين ولا يوظفه بهذا الشكل المسىء، وإنما يخاطب حاجات الناس وهمومهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق