اخر الاخبار

25‏/05‏/2012

الديمقراطية حرام بقلم محمد سلماوى


حزنت على شعب مصر الذى سيدخل النار لارتكابه خطيئة الإدلاء بصوته فى عملية طالما أفتى لنا الشيوخ «بتوع ربنا» بأنها رجس من عمل الشيطان، فالديمقراطية - كما قالوا لنا - بدعة غربية لا تتفق مع الإسلام «إسلامهم طبعاً» وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار.
لكن ها هو اليوم قد جاء ووقف جميع أفراد الشعب رجالاً وشيوخاً ونساء وشباباً ساعات طويلة أمام اللجان الانتخابية لكى يمارس كل منهم حقه فى الحرام الذى حذرنا منه «بتوع ربنا» الذين أفتت جماعاتهم بأن الخروج على الحاكم حرام وأمرت أتباعها بعدم النزول لميدان التحرير يوم ٢٥ يناير ٢٠١١.. وإن كانوا بعد ذلك قد نجحوا فى احتلاله ثم نجحوا فى احتلال مجلس الشعب وحاولوا أخيراً من خلال ممارسة الحرام احتلال رئاسة الجمهورية أيضاً!


نعم شاهدت كل جموع الشعب تمارس الحرام بثقة وإصرار، فعرفت أنهم لم يستمعوا إلى «بتوع ربنا» وفتاوى شيوخهم الذين يكذبون ويزورون فى جنسيات ذويهم ويجرون عمليات التجميل ويتزوجون من الراقصات، ولست أعرف كيف تناقلت أجهزة الإعلام أن الإقبال على لجان التصويت تراوح بين ٢٠٪ و٢٥٪، فقد كانت لجنتى وجميع اللجان التى مررت عليها بالمعادى تموج بالناخبين فى سابقة لم يشهدها الحى الهادئ من قبل، ولكن ربما أن أهل المعادى لا يعرفون الحرام أصلاً، لذا لم يمتثلوا للفتاوى التى حرمت الميتة والخمر ولحم الخنزير والديمقراطية.


لقد أحزن قلبى ذلك الإقبال الذى شاهدته بنفسى فى اللجان التى زرتها لأننى تصورت جموع الشعب المصرى فى النار بعد عمر طويل إن شاء الله، فهو يمهل ولا يهمل، ثم إن الممارسة الديمقراطية جاءت هذه المرة على أصولها وليست صورية كما تعودنا فى السابق، مما يعنى عذاباً أليماً يبدأ فى القبر بواسطة الثعبان الأقرع وينتهى فى نار جهنم التى تقول: هل من مزيد؟ فإذا كان المقياس الحقيقى لشفافية العملية الانتخابية هو أنك لا تعرف الفائز سلفاً رغم المؤشرات الطبيعية التى توضح المرشحين الأقوى، فقد كانت هذه أول انتخابات لا يعرف الشعب مسبقاً من الذى سيفوز فيها وأى نسبة سيحققها، وقد جاءت بعد سنوات كنا نعرف مسبقاً اسم الفائز ونسبة الأصوات التى سيفوز بها أيضاً التى تراوحت فى معظم الأحيان ما بين ٩٩.٩٪ و٨٩.٩٪ على سبيل التنويع ليس إلا.


لكنى شاهدت فى أحياء أخرى من حاولوا الالتزام بشرع الله الذى أقسموا فى مجلس الشعب على عدم مخالفته، فحاولوا إبطال الممارسة الحرام للمواطنين الواقفين فى الطابور بتوزيع الرشاوى الانتخابية من زجاجات الزيت وأكياس السكر ماركة «الميزان»، ففى جميع الأنظمة الدولية تتعارض الرشاوى مع شفافية العملية الانتخابية إلا عندنا، فقد حظر القانون الدعاية الانتخابية داخل اللجان وخارجها لكنه لم يتحدث عن رشاوى الميزان لا داخل اللجان ولا خارجها، لذا لجأ إليها «بتوع ربنا» لكى يبطلوا مفعول الديمقراطية الحرام التى تدافع إلى ممارستها المواطنون كما يتدافع الخطاؤون لممارسة الرذيلة.


ومما يؤسف له حقاً أن المواطنين المصريين الذين خرجوا فى اليومين الماضيين للانتخاب تمادوا فى غيهم، ومنهم من رفض لأول مرة الزيت والسكر وكل ما يحمل علامة الميزان حرصاً على الممارسة الديمقراطية السليمة، لكن الأمل مازال معقوداً على «بتوع ربنا» الذين يتوقع فى حالة فوزهم أن تعم الهداية ربوع البلاد ولا تمارس فيها الديمقراطية الحرام مرة ثانية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق