اخر الاخبار

29‏/06‏/2012

تمكين الرئيس بقلم د . صفوت قابل


مع الإعلان عن فوز محمد مرسى برئاسة الجمهورية بدأت مظاهر الاحتفال وبرقيات التهنئة للرئيس المنتخب، ولكن صاحب ذلك تخوفات البعض من تحول الدولة المصرية إلى دولة دينية والتساؤلات الخبيثة عمن سيحكم مصر بل الحديث عن بعض التخوفات الساذجة بمحاولة الإخوان إعادة المرأة للمنزل والتقييد على الأقباط، وهذه كلها تعكس مدى سيطرة الجهل السياسى أو التآمر الخفى على كثيرين ممن لديهم فرصة الظهور الإعلامى، ومن الممكن أن تصنف هذه المقولات تحت بند إرباك الرئيس القادم ووضعه دائماً فى حالة الدفاع عن نفسه وسياساته. ويصبح السؤال: هل يستطيع الرئيس الجديد مواجهة ثورة المطالب، وهل لديه ما يمكنه من التعامل ولو مع بعض هذه المطالب، خاصة أنه جاء ببرنامج يسعى لتحقيقه، فالرئيس ومن ورائه الإخوان على المحك إما أن ينجح الرئيس الذى جاء منهم وإذا فشل فلن تكون الخسارة له وحده بل لتنظيمهم كله.


من الملاحظ أن هناك عقبات تحول دون تمكين الرئيس من الممارسة الفعالة لمنصبه، لذلك فالمهمة العاجلة أمام الرئيس والقوى الداعمة له فيما يسمى الاصطفاف الوطنى أن تزيل هذه العقبات لكى يتمكن الرئيس الجديد من ممارسة مهامه، ومن هذه العقبات:


١- الإعلان الدستورى المكمل، فهو يسلب الرئيس العديد من الصلاحيات التى يعطيها إلى المجلس العسكرى بحيث أصبح منصب الرئيس تاليا للمجلس العسكرى وهو ما اتضح مما نشرته الصحف من تصريحات كمال الجنزورى بعد اجتماعه بالرئيس الجديد أن المجلس العسكرى هو الذى سيختار وزيرى الداخلية والخارجية ومن باب أولى وزير الدفاع، أليس فى ذلك انتقاص من صلاحيات الرئيس.


٢- الحديث عن تشكيل وزارة ائتلافية، وهو أمر غريب فالرئيس الفائز جاء مرشحا لحزب معين والذى كانت له الأكثرية فى مجلس الشعب الذى صدر قرار بحله، فما معنى الحديث عن حكومة ائتلافية وأليس فى ذلك مزيد من الفوضى السياسية، لماذا لا نمارس بديهيات الديمقراطية وهى حق الفائز فى تنفيذ برنامجه أم أن وزراء الأحزاب الذين سيشاركون فى هذه الوزارة الائتلافية سينفذون برنامج الإخوان أم أن الهدف هو الحصول على نصيب من كعكة الوطن التى يحاولون توزيعها عليهم؟! إذا كان الرئيس الجديد يحاول طمأنة باقى القوى السياسية بعدم سيطرته على كل المؤسسات فليأت بتكنوقراط لديهم دراية بالمشاكل التى تقع فى تخصصاتهم، ولديهم تصور علمى عن كيفية مواجهة هذه المشاكل.


٣- من المعوقات التى تحول دون تمكين الرئيس من مزاولة سلطاته بما يحقق مصالح الوطن، مطالبة الأحزاب بمقاعد معينة فى الوزارة مثلما أعلن حزب النور عن مطالبته بوزارة التعليم والصحة، فمن حيث المبدأ هذه طريقة خاطئة فى تشكيل الوزارة، والتى تعتمد على تحديد حصة لكل حزب فنحن لسنا بصدد تشكيل حكومة ائتلافية كما سبق القول، ومن ناحية أخرى الموافقة على مطالب حزب النور السلفى بحصوله على وزارة التعليم تعطى رسالة خاطئة عن توجه هذا الرئيس وتجعل المتشككين فى نوايا الإخوان تزداد فى أنهم يريدون السيطرة على التعليم ليحولوه وفق ما يريدون من تشكيل وعى الطلاب.


على الجميع أن يدركوا أننا أمام لحظة فارقة فى حياتنا كمصريين، إما أن ننهى حكم العسكر أو نسمح له بالاستمرار مع تزايد الخلافات ورغبة كل طرف فى اقتناص نصيب من السلطة أو أن يعمل على هدم أسس المجتمع ما دام لم يحصل على ما يريد، وليتوقف الجميع عن التشكيك فيما يفعله الرئيس الجديد وهل هو الذى سيحكم أم غيره من وراء ستار ولنمكنه من العمل ثم نحاسبه على برنامجه الذى قال إنه سينفذه خلال ١٠٠ يوم، هل ١٠٠ يوم كثيرة ولا نستطيع تركه يعمل فيها؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق