اخر الاخبار

04‏/07‏/2012

المنحة يا ريس بقلم محمد سلماوى

بداية فإنى أعترض على أسلوب المظاهرات والاعتصامات التى بدأت تتوجه للقصر الجمهورى، ولم يمض على تنصيب الرئيس إلا أيام معدودات، لكنى أعترض أيضاً على أسلوب الاستجابة لها بالشكل الذى تم حين قرر الرئيس محمد مرسى زيادة العلاوة الاجتماعية للعاملين بالدولة بنسبة ١٥٪ وزيادة معاشات الضمان الاجتماعى إلى ٣٠٠ جنيه بدلاً من ٢٠٠ جنيه، دون أن يأخذ الأمر الدراسة اللازمة من الرئيس الجديد، وهو ما يذكرنا بالأسلوب الممجوج للنظام القديم، حيث كان الرئيس يعلن فى خطابه السنوى بعيد العمال عن منحة سنوية جديدة للعاملين وكأنها منة شخصية، ومازالت الذاكرة الوطنية تذكر كيف كان جمهور الخطاب من العمال يقاطعون الرئيس طوال وقت إلقائه الخطاب صائحين: «المنحة يا ريس!»، وكأنهم ما جاءوا للاستماع للخطاب إلا من أجل المنحة، وهو مشهد مهين لكل مصرى.

لماذا لم يكلف الرئيس نفسه عناء الرجوع إلى المجلس الأعلى للأجور فى الوقت الذى نتحدث فيه عن دولة المؤسسات ونتطلع إلى أسلوب جديد فى إدارة البلاد بشكل مؤسسى؟ إن المجلس الأعلى للأجور منصوص عليه فى قانون العمل الصادر قبل ما يقرب من ١٠ سنوات، وهو مشكل من رؤساء النقابات العمالية وأرباب العمل من ممثلى الحكومة والقطاع الخاص معاً، ومن المفترض أن يجتمع مرة فى السنة مع محافظ البنك المركزى لتحديد نسبة العلاوة السنوية، حسب نسبة التضخم.

إن هذا المجلس لم يكن فاعلاً بالقدر المطلوب، لكن هذا يدعونا للعمل على تفعيله وليس على تخطيه، كما أن علينا أيضاً أن نؤكد تمثيل القطاع الخاص فيه تمثيلاً حقيقياً يضمن التزامه بقراراته، أما أن يتم تحديد العلاوة هكذا بقرار من الرئيس كرد فعل لتلك المظاهرات، أو كأنه «حلاوة» بمناسبة توليه السلطة، فهذا أسلوب يفتقر إلى الإدارة العلمية السليمة التى نتطلع إليها، والأهم من ذلك أنه لا يحقق مطالب العاملين لأنه يساهم فى رفع الأسعار بنسبة قد تفوق العلاوة.

إن الأسلوب السليم فى منح العلاوة هو ما يقره قانون العمل من خلال مجلس الأجور الذى يحدد نسبة العلاوة بالتناسب مع نسبة التضخم، فإذا أخطر محافظ البنك المركزى المجلس بأن التضخم وصل إلى ٢٠٪ مثلاً تكون نسبة العلاوة حسب المتعارف عليه اقتصادياً أقل قليلاً أى ١٨٪ أو ١٩٪.

إن مثل هذا الأسلوب العلمى فى إدارة الأمور من شأنه أن يخلق نظاماً سليماً للأجور لا يخضع لرغبة إرضاء الجماهير لحظياً على حساب مصلحتها الدائمة، كما أنه يحفظ كرامة المواطنين، بدلاً من هذا الأسلوب الذى اتبعه النظام السابق حين كانت العلاوات يقررها الرئيس استجابة لصيحات «المنحة يا ريس!».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق