اخر الاخبار

08‏/06‏/2012

مقاطعون أم مبطلون؟ بقلم د.حازم عبدالعظيم


انه طابور ثالث من المصريين قرر أن يأخذ قراراً خارج الاستقطاب العسكرى (الفلولى) من جانب، والإخوانى من جانب آخر! الطابور الثالث يشترك مع الطرف الثالث فى أنه مجهول الهوية وغير محدد لكنه بالتأكيد أنبل كثيراً! وقد يكون فى نظر العسكر والإخوان الطرف الثالث الذى سيقف ضدهم فعلا فى المستقبل!
الطابور الثالث: ملايين من المصريين، لا نعرف عددهم، كانوا يتطلعون لغد أفضل بعد الثورة! يحلمون بدولة مدنية حديثة، وجدوا أنفسهم فجأة فى أسوأ اختيار من نوعه بين مطرقة العسكر وسندان الإخوان! ضميرهم لا يسمح لهم بالتصويت لـ«شفيق»، ومعظم هؤلاء شاركوا فى الثورة، وعرفوا معنى الدم والتضحية من أجلها، وضميرهم أيضاً لا يسمح بأن يشاركوا فى تسليم مصر لدولة المرشد، الذى لا يعرف أحد حدودها، هل هى محلية أم إقليمية أم تنظيم دولى؟ وقد كان بإمكان الإخوان أن يكسبوا أصوات قطاع كبير من المحايدين تجاههم والمتعاطفين معهم قبل الثورة لكنهم فشلوا فشلاً ذريعاً وغريباً فى العام الماضى وانتابتهم حالة من الغرور والإنكار المنفر!


قرر فريق من المصريين أن يقاطع، وقرر آخر أن يبطل صوته! وكل فريق له وجاهته فى التعبير عن رفضه لهذه المسرحية! المقاطع لا يريد أن يشارك من أساسه اقتناعاً بأن ذهابه بجسده إلى الصندوق يضيف إلى شرعية الانتخابات حتى لو أبطل صوته! والمبطلون يرون أن إفساد الصوت مشاركة أكثر إيجابية لإثبات الرفض رسميا من خلال الأصوات الباطلة! فى رأيى المتواضع أن أعداد الرافضين لو كانت قليلة فإن المقاطعة تكون أفضل سياسياً وإعلامياً! وقد دعوت لمؤتمر صحفى قبل انتخابات الجولة الأولى بيوم واحد، مع مجموعة من النشطاء السياسيين وأحد أعضاء مجلس الشعب وقيادات أكثر من عشر حركات ثورية، لإعلان موقف موحد تجاه المقاطعة، ورفض معلن لانتخابات تحت حكم عسكرى هو طرف فيها وله مصلحة مباشرة!


ولكن حدث بعد الجولة الأولى أن زادت أعداد الرافضين ربما بمائة أو ألف ضعف! فى هذه الحالة مع احتمالية أعداد كبيرة يكون إبطال أصوت أكثر فاعلية! وللتوضيح: نسبة المقاطعة (عدم المشاركة) فى أى انتخابات عادة تكون كبيرة، وتنقسم عادة إلى قسمين: المقاطعة الخاملة وهى النسبة الأكبر، والمقاطعة السياسية وهى النسبة الأقل، نسبة المقاطعة فى الاستفتاء كانت ٥٨%، فى البرلمان كانت ٤٠%، وفى الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة كانت ٥٤%. ولو تم القياس على الجولة الأولى بنسبة مشاركة ٤٦% ونسبة مقاطعة ٥٤%، ولو فرضنا أن لدينا ٣ ملايين صوت فى الطابور الثالث رافضين سيمثلون ٦% من الأصوات بفرض أن عدد الناخبين ٥٠ مليوناً! لو كانوا جميعا مقاطعين، ستزيد نسبة المقاطعة من ٥٤% إلى ٥٧% ولن يكون لها تأثير سياسى وإعلامى، وستذوب نسبة المقاطعة السياسية داخل نسبة المقاطعة الخاملة، حيث لا توجد وسيلة لحصرهم!


أما نسبة إبطال الصوت فعادة لا تتعدى ١% وهى موثقة، فلو قرر نفس الـ٣ ملايين الرافضين أن يبطلوا أصواتهم بمعنى ٦% أصواتاً باطلة موثقة ومعلنة، فسيكون حدثاً إعلامياً عالمياً، وليس محلياً، ورسالة شديدة اللهجة للرئيس القادم أن هناك فصيلاً كبيراً من المصريين يرفضه، ولم يصوت له! ويكون بمثابة قوة ضغط سياسى وإعلامى لابد أن يعمل له الرئيس القادم ألف حساب، وقد يكون نواة لتكتل سياسى معارض ضد الحكم العسكرى والحكم الإخوانى يمكن البناء عليها مستقبلا.. أبطلوا أصواتكم من أجل مدنية الدولة.. لا عسكرية ولا إخوانية.!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق