اخر الاخبار

10‏/06‏/2012

شرعية الصندوق بقلم د.عمرو الشوبكى


شرعية الثورة مقدمة على شرعية الصندوق وشرعية الدستور»، مقولة يرددها بعض الثوار تعليقا على الفصل الأخير من انتخابات الرئاسة الذى أفرز كلاً من الفريق أحمد شفيق والدكتور محمد مرسى، على اعتبار أن أسمى شىء حدث فى مصر منذ عقود طويلة هو ثورة ٢٥ يناير، وبفضلها جرت انتخابات تشريعية ورئاسية وظهرت قوى سياسية جديدة بعضها كان محظوراً وبعضها كان مطارداً أو مهمشاً، وبالتالى تصبح الشرعية الأولى للثورة وليس لأى شىء آخر.



والحقيقة أن هذه المقولة تحتاج إلى تمحيص ليس لأن الثورة أقل مكانة من الصندوق أو الدستور، إنما لأن هدف الثورة ليس الثورة أو البقاء فى الميدان، إنما هو صندوق حر ودستور معبر عن الناس وحياة كريمة، وبالتالى الثورة ليست هدفاً فى حد ذاتها، إنما هى وسيلة لبناء شرعيات أخرى يعيش من أجلها الناس.


صحيح أن المواطن لم يشعر بأى تغيير منذ اندلاع ثورة ٢٥ يناير حتى الآن، فقد دخل فى مسار انتقالى متخبط ملىء بالأخطاء من كل الأطراف.. من المجلس العسكرى مرورا بالقوى المدنية وانتهاء بالإخوان المسلمين، إلا أن هذا لا يبرر لأى طرف أن ينقض على قواعد اللعبة الديمقراطية بسبب أخطاء المرحلة الانتقالية لأن هذا معناه ليس فقط بقاءنا فى المرحلة الانتقالية إنما دخولنا فى مرحلة أسوأ بكثير تتسم بالفوضى الشاملة، وسننعى فيها آلاف الضحايا وليس عدة مئات.


إن التمسك بقواعد الديمقراطية ونتائج صندوق الانتخاب مهما كانت أمر يجب أن يؤمن به الجميع، وإن الحديث عن تشكيل مجلس رئاسى أمر مهين للثورة والشعب المصرى كبديل عما أفرزه صندوق الانتخاب، لأن رفض مسار الانتخابات قد يكون مقبولا من القوى الاحتجاجية التى رفضت من الأصل المشاركة فى انتخابات تضم أركان النظام القديم، وطالبت بتطبيق قانون العزل قبل الانتخابات ورفضت نتائجها، وليس من الذين ترشحوا وطالبوا بذلك بعد أن خسروا الانتخابات.


صحيح أن الانتخابات الرئاسية، كما التشريعية، لم تكن مثالية وحدثت فيها بعض التجاوزات، وجرى توظيف للمال السياسى خارج الصندوق، ولكن فى النهاية شهدنا انتخابات يمكن أن نقول عليها «انتخابات»، وليست كالتى جرت فى «انتخابات» الرئاسة فى ٢٠٠٥ التى احتكرها المخلوع مبارك، ولا مثل التزوير الفاضح فى ٢٠١٠ وسمى الانتخابات التشريعية.


إن شرعية الصندوق ستفرز «شفيق» أو «مرسى»، وكلاهما غير مقبول لكثيرين، لكن الاختبار الحقيقى لقدرة غالبية الشعب المصرى على التقدم للأمام هو فى احترامه نتيجة الانتخابات وشرعية الصندوق أياً كان اسم الفائز.


لقد بقى الكثيرون فى المعارضة طوال عهد مبارك، وسيبقى الكثيرون فيها فى حال فوز شفيق أو مرسى، ويجب ألا تكون اللهفة على السلطة ثمنها ضرب أى قيمة أو خطوة إيجابية حققها الشعب المصرى بعرقه ودمه، فقد شارك فى انتخابات لا يعرف نتيجتها مسبقا، ولا يعرف اسم الرئيس القادم، وأتيحت له فرصة الاختيار بتحضر ورقى، فأنصار شفيق ومرسى من المواطنين العاديين لم يتعاركوا أمام اللجان إنما انتخبوا بهدوء، فى حين أن كثيراً من أعضاء الجماعة وأعضاء الحزب الوطنى اشتبكوا فى أكثر من محافظة، وغالبا ما سيشتبكون بصورة أوسع فى جولة الإعادة، وسيعتبر الخاسر الانتخابات مزورة ليعطى هدية من ذهب لأعداء الشعب المصرى يقولون فيها إن مصر لا تصلح فيها الديمقراطية ونعود جدياً للمربع صفر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق