اخر الاخبار

04‏/06‏/2012

كلمات حرة أي عدالة‏!‏ بقلم: د.أسامة الغزالى حرب


د.أسامة الغزالى حرب
أهم الأسباب التي تفسر حالة الارتباك التي أحدثتها الأحكام التي صدرت صباح السبت الماضي عن‏'‏ محكمة جنايات شمال القاهرة‏'.
وما أدت إليه من ردود فعل غاضبة, هي أن الثورة المصرية منذ يومها الأول اختارت- لدي محاسبة النظام السابق- طريق العدالة القانونية, وليس طريق العدالة الثورية, وأنها سعت لأن تؤسس لنفسها شرعية دستورية قانونية, وليس شرعية ثورية! العدالة الثورية هي تلك العدالة التي تتحقق من خلال' محاكم ثورية' لا يشترط أن يكون قضاتها من السلك القضائي, ولا تتقيد بالإجراءات التقليدية في توجيه التهم والإثبات, فضلا عن أن التهم فيها- التي هي في الأغلب تهم' سياسية' مثل الإفساد السياسي- لا يوجد لها توصيف في القانون (المدني أو الجنائي). وهذا النوع من العدالة السياسية أو الثورية, والقضاء الثوري, عرفته مصر بعد قيام ثورة23 يوليو, فيما عرف باسم' محكمة الغدر' و'محكمة الثورة', والتي حاولنا استدعاءهما لتشكيل المحكمة التي تحاكم قيادات النظام السابق.

ولكننا اخترنا في مصر, هذه المرة, أي بعد ثورة25 يناير, أن نسلك طريق الشرعية القانونية والعدالة القانونية! وقيل في تفسير أسباب ذلك- إنه يسهل أكثر عملية استرداد أموال أركان النظام السابق من الخارج, لأن المؤسسات الدولية لا ترتاح لفكرة' العدالة الثورية'.
وكانت النتيجة المحبطة لذلك الاختيار أن حكم القاضي بتبرئة قيادات وزارة الداخلية, فضلا عن جمال وعلاء مبارك, ببساطة لأنه ليست أمامه أدلة يطمئن إليها' ضمير المحكمة'! وهكذا وجد أهالي الشهداء أنفسهم في موقف بائس. فأولادهم, فلذات أكبادهم, والذين اندفعوا إلي الميدان يهتفون سلمية- للثورة! قتلوا, وليس هناك دليل مادي يحدد من الذي قتلهم. فإذا كانت الأقوال والحكم الشائعة تقول إن العدالة عمياء, وإن القانون' حمار'! فتلك هي النتيجة!
ويعني ذلك أننا إما أن نكون إزاء إعادة محاكمة تجتهد فيها سلطات الاتهام لتقديم أدلة جديدة, أو أن نلجأ إلي' العدالة الثورية' التي تشفي غليل الشعب, وتأخذ بالقصاص من الذين أفلتوا منه بحيل وألاعيب قانونية, وبإخفاء عمدي لأدلة الإثبات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق