اخر الاخبار

15‏/06‏/2012

مباحث أمن العسكر وائل قنديل



حتى لا يأتى يوم يسجل فيه التاريخ أن قواتنا المسلحة الباسلة استشرست على شاب مصرى فاقد إحدى عينيه، ومهدد بفقدان الأخرى، لا يجب أن يبقى محمود أمين ليلة واحدة فى سجون المجلس العسكرى.
 لقد فاض الحبر بالكتابة عن مهزلة الحرب ضد محمود أمين أحد أبطال ثورة ٢٥ يناير، الذى أصيب بطلق خرطوش فى بدايتها، ثم اعتقل فى أحداث العباسية الأخيرة لدى توجهه إلى الميدان دفاعا عن ضحايا المذبحة. 


ولا أدرى من هو ذلك العبقرى الذى يأبى إلا أن يهين العسكرية المصرية على هذا النحو الذى تتضاءل فيه معاركها إلى حد استبسالها فى معاداة شاب مصرى عاجز بصريا تقريبا، ومعتل الصحة، ومضرب مع بعض زملائه عن الطعام والماء فى طرة.

ماذا سنقول لأبنائنا وأحفادنا عن سنة ٢٠١٢ البائسة، هل سنحكى لهم قصص سحل البنات وتعريتهن على أيدى جنود أشداء؟

أم نأخذهم لمشاهدة لقطات للجنود بالزى الرسمى وهم يلقون بثوار مصر فى القمامة أثناء أحداث محمد محمود الأولى، ونعلمهم من الآن فصاعدا أن المدرعة ليست آلة حرب وإنما وسيلة دهس وفعص للمتظاهرين كما ظهر فى أحداث ماسبيرو؟

إن هناك من يصر على الاستمرار فى خدش الصورة الجميلة عن الجندى فى عيون الأجيال القادمة، وليس قرار وزير العدل بتحويل جنود مصر إلى عسس ومخبرين يمارسون التسلط والقمع على عموم الشعب بعد منحهم حق الضبطية القضائية، ليس سوى حلقة فى مسلسل «بهدلة» العسكرية المصرية فى الحوارى والأزقة.

لقد تربينا فى طفولتنا على أن الجيش مكانه قمم الجبال، فاكتسب فى وجداننا تلك المهابة والمكانة العالية، وكنا نتخيل أن «الجيش» مكان بعيد جدا ومرتفع لن نراه إلا بعد أن نكبر ونصير رجالا، لكى ننال شرف الدفاع عن الوطن ضد الأعداء.. غير أن الدنيا تغيرت وصار «الجيش» قريبا ومنخفضا جدا، أكثر مما يجب، ومشتبكا على نحو أعمق بمفردات الواقع اليومى الصغيرة، وأخيرا هاهم يجروه إلى أعمال أمنية كانت سببا فى احتقان شعبى وغضب هادر عبر عن نفسه فى ٢٥ يناير من العام الماضى.

وليتذكر السادة فى «العسكرى» كلامهم العاطفى فى بدايات الثورة عن أن الجنود يتوقون للعودة إلى جنديتهم الكاملة فى ثكناتهم، وليراجعوا تصريحاتهم المعلنة عن أنه لا يليق بجيش بل من الخطورة عليه أن يبقى فى الشوارع أكثر من ستة أشهر.. لقد صدقناهم للأسف.

إن المجلس العسكرى للأسف الشديد لا يعرف الفرق بين التسليم والاستلام، فحين ارتفعت المطالب فى وجهه بتسليم السلطة، قرر أن يستلمها كاملة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق