اخر الاخبار

08‏/06‏/2012

دستور التلامذة والناظر الفاشل بقلم وائل قنديل



تلامذة خائبون يجلسون إلى مدير مدرسة فاشل، تلك هى الصورة باختصار حين يتحلق من يطلق عليهم «زعامات الأحزاب» على مائدة المجلس العسكرى، الذى يدير ما يسمى المرحلة الانتقالية، يلوكون فشلهم فى قعدة معادة ومكررة لدرجة الملل.
 إنهم عن بكرة أبيهم مسئولون عن إفساد ثورة اعتبرها العالم ملكة جمال الثورات.. كلهم بلا استثناء اجتمعوا على تشويهها وإجهاضها، بعضهم بالتآمر وآخرون بالغباء، وأكثرهم بالجبن والطمع. 


هؤلاء هم الذين أهدروا ستة عشر شهرا من حياة المصريين فى دروب العجز والفشل وسوء الإدارة والتهافت على الفتات، لأنهم لم يستطيعوا بعد التخلى عن عادة الجلوس بين يدى السيد القوى الباطش المتغطرس، حتى لو كان عنوانا للبلادة.

١٦ شهرا من اللف والدوران والتسكع على نواصى «العسكرى» أعادت المصريين المنتصرين فى بدايات ثورتهم إلى قمقم الإحساس بالكآبة والخوف والجوع، وارتدت بهم إلى المربع الأول، حيث لا دستور ولا رئيس، فقط برلمان أعرج وأعور، وحكومة تشبه تلك التى تحكى عنها كتب التاريخ فى عصور الاحتلال.

لقد هرعوا إلى مائدة «العسكرى» بعد أن أظهر العين الحمراء، وهدد بإحياء دستور ٧١، رغم أنه جرعنا خديعة إعلانه الدستورى غير الشرعى بذريعة أنه يحمل لنا الخير ولذلك قرر إسقاط دستور ٧١ بهدف إحداث القطيعة التامة مع العصر السابق لثورة ٢٥ يناير.. وبمنتهى السذاجة ابتلعنا الكذبة وصدقنا أنهم يريدون حماية الثورة، لنصحو على الكابوس ونكتشف أنه كتب الثورة باسمه، وحولها إلى جارية فى خدمته، وحرم عليها الاتصال بأهلها الحقيقيين، وكسر أرجل وفقأ أعين كل من حاول الاقتراب من محبسها لتحريرها.

ولم يكن كل ذلك ليتم لو أن لدينا أحزابا حقيقية، وبرلمانا يغضب حين يهان، فالحاصل أنهم جميعا تناوبوا على افتراس الثورة بمعسول الكلام، ولذلك كان طبيعيا أن ينتفض الميدان من جديد ليهتف بسقوط الشرعية عن الجميع، ويصرخ بأن الكل باطل ومزيف.

لقد كان أمام ما تطلق على نفسها «القوى السياسية» أن تنجز الدستور الذى يعبر عن مصر الثورة قبل عام من الآن، لكنها آثرت أن تبقى سجينة الدور الذى أراده لها المنتج، وهو الدور ذاته الذى كان يلعبه معظمهم أيام المخلوع، وبشكل خاص الثلاثى المرح الذى انتحر سياسيا وأخلاقيا فى انتخابات برلمان 2010.

إن التاريخ لن يرحم هؤلاء الذين حولوا الثورة من حرة كريمة، إلى جارية فى بلاط الأقوى، حين تلاعبوا بها واستغلوها أسوأ استغلال، حين قرروا أن يشاركوا فى أكبر عملية خداع فى تاريخ الثورات.

وسوف يسجل التاريخ أن زعماء الثورة المزيفين لحسوا كل ما أعلنوه عبر مكبرات صوت الميادين بعد ساعات من ارتقائهم أكتاف الجماهير.. الكل باطل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق