اخر الاخبار

30‏/04‏/2012

مصر والسعودية ولغة العقل بقلم عادل السنهورى



لم يحدث هذا التصعيد الخطير فى العلاقات المصرية السعودية حتى فى ذروة التوتر الشديد بين الجانبين فى الستينيات، فلم تسحب السعودية سفيرها وتغلق سفارتها وقنصلياتها فى ظل الاحتقان السياسى بين الزعيم الراحل جمال عبدالناصر والملك عبدالعزيز آل سعود، ولم تسحب السفير فى عهد السادات إلا بناء على قرار القمة العربية فى بغداد عام 79 بمقاطعة مصر بسبب زيارة القدس، وتوقيع معاهدة كامب ديفيد، إذن هذه هى المرة الأولى - فى تاريخ العلاقات الممتد بين البلدين - التى تقرر فيها السعودية سحب سفيرها بقرار سياسى منفرد من الرياض، على خلفية أزمة المحامى أحمد الجيزاوى الذى ألقت السلطات السعودية القبض عليه بتهمة تهريب أدوية ممنوعة، وقيام مئات من المصريين بالتظاهر أمام السفارة السعودية.


نعم هناك تجاوز غير مبرر ومستنكر ومرفوض تمامًا من المتظاهرين أمام السفارة، وتجاوزهم فى توجيه السباب والشتائم لرئيس أو ملك عربى وشعب عربى شقيق، ومحاولة الاعتداء على مبنى السفارة ورفع العلم المصرى عليه، ورسم العلم الصهيونى على جدرانها، لكن لم يكن مبررًا أيضًا هذا التصعيد من جانب الأشقاء فى السعودية الذين نكن لهم كل مودة وحب، ولا ننسى مواقفهم مع مصر فى حرب أكتوبر، وبعدها، واستقبالهم للعمالة المصرية على أراضيها، لأن سحب السفير فى عرف الدبلوماسية يعنى أن هناك أزمة عميقة وراءها أسباب أخرى غير السبب المعلن. فأزمة الجيزاوى لا يمكن بأى حال من الأحوال أن تكون دافعًا لسحب السفير، فهى تتعلق بقضية مواطن قد يكون أخطأ، ويحسم هذا الخطأ القضاء العادل، بحضور محامين وممثل عن السفارة المصرية، ولا يمكن أيضًا أن يكون تهور مجموعة من المتظاهرين دافعًا لسحب السفير وإغلاق السفارة، خاصة إذا كنا نتحدث عن دولتين بحجم مصر والسعودية، وثقلهما السياسى فى المنطقة العربية والعالم الإسلامى.


وبالطبع الحكومة المصرية مسؤولة عن الفشل فى إدارة الأزمة والعجز فى التعامل مع القضية وتقديم المعلومات بكل شفافية ووضوح للرأى العام. فلدينا وزارة خارجية بسفاراتها وقنصلياتها وخاصة فى الدول العربية نموذج للفشل فى حل مشاكل المصريين بالخارج وتحتاج إلى ثورة حقيقية فى التفكير والمنهج.


نتمنى أن يتجاوز البلدان الأزمة الحالية بلغة العقل، ورب أزمة نافعة يستفيد منها الجانبان لتطوير وتأسيس علاقة جديدة قائمة على الوضوح والشفافية والاحتكام للقانون وليس التهديد والتصعيد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق