اخر الاخبار

14‏/04‏/2012

رسالة تهنئة إلى اللواء «عمر سليمان» بقلم صلاح عيسى


وعدتك فى الأسبوع الماضى، أن أنشر نص مواد تحرير الصحافة التى اقترح المجلس الأعلى للصحافة أن يتضمنها الدستور الجديد، معلقاً ذلك على شرط، أن يستجيب الله «عز وجل» لدعائنا، فيفرج كربة الهيئة التأسيسية لوضع الدستور، التى كانت تعانى آنذاك من حالة انسحاب متصاعد لأعضائها، إذ لا جدوى من نشر المقترحات، والجهة التى يفترض أن تتلقاها وتناقشها مهددة بالإصابة بالشلل الرباعى، وبأن يدركها الصباح فتسكت - كشهرزاد - عن الكلام المباح.. ولكن الله «عز وجل» لم يستجب لدعائنا، فصدر حكم محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة، بوقف تنفيذ قرار تشكيل الهيئة التأسيسية، وقرر رئيس الهيئة تأجيل اجتماعها إلى أجل غير مسمى، مما يدعونى إلى تأجيل نشر مقترحات مواد تحرير الصحافة والإعلام، إلى الأجل غير المسمى نفسه الذى تأجلت إليه أعمال هيئة المائة.


أما المؤكد فهو أن حكم وقف قرار تشكيل هيئة المائة، قد أنقذ رئيسها وأغلبية أعضائها من حرج كبير، إذ كان الرئيس قد أجل اجتماعاتها لمدة أسبوع لإتاحة الفرصة للوسطاء، لإقناع المنسحبين من عضويتها، والمهددين بذلك، بالعودة إليها مقابل الاستجابة لبعض شروطهم، على نحو يحولها - كما طالب المنسحبون - من ورشة حزبية لتفصيل دستور ضيق على مقاس «د. سعد الكتاتنى» وإخوانه الأبرار، إلى هيئة تأسيسية لوضع دستور ديمقراطى عصرى على مقاس الوطن والأمة، وهددهم فى ختام كلمته، بأن هذا هو التأجيل الأخير، وأن اللجنة ستتخذ إجراءات إحلال آخرين من الأعضاء الاحتياطيين مكانهم، فإذا لم يكف الاحتياطى، فسوف يدعو الجمعية العمومية التى انتخبتهم، التى تتشكل من الأعضاء المنتخبين لمجلسى الشعب والشورى، لانتخاب من يحل محلهم فى عضويتها.


ومع أن الحكم قد أنقذ هيئة المائة من مأزق تصاعد عدد المنسحبين الذى كان يهدد بفقدها أهليتها، لوضع مشروع الدستور، إلا أنه أكد من جديد أن رغبة الأغلبية فى السيطرة - وشرهها للهيمنة على كل شىء، واستكبارها الذى لا مبرر له - هى المصدر الرئيسى لكل الارتباكات التى شهدتها المرحلة الانتقالية الأولى، التى يفترض أن تنتهى فى ٣٠ يونيو المقبل.. منذ أصروا على رفع شعار «الانتخابات أولاً تقود إلى جنة تجرى من تحتها الأنهار.. والدستور أولاً يقود إلى جهنم وبئس المصير»، فقادوا بذلك الأمة - والثورة - إلى السير على رأسها وليس على قدميها.


وبينما هم فى هذا المأزق، خدمتهم الظروف، وتقدم اللواء «عمر سليمان» بأوراق ترشحه لرئاسة الجمهورية، فوجدوا فى ذلك فرصة للخروج منه، ولتوجيه مشاعر الانتقاد والعداء والرفض التى تتنامى ضدهم إلى الفلول، الذين لم يعد منهم فل واحد فيه نفس لكى يفعل شيئاً، وبدلاً من أن يخوضوا هم وغيرهم ممن لا يوافقون على ترشيح الرجل معركة سياسية لدعوة الناخبين إلى عدم انتخابه، لجأوا إلى ورشة ترزية القوانين والدساتير، التى أوقف حكم محكمة القضاء الإدارى قرار تشكيلها، لكى تقيّف لهم قانوناً على مقاس عمر سليمان، يؤدى إلى حرمانه من الترشح.. فأعطوا الرجل بذلك أكثر مما يدعى وربما أكثر مما يستحق، وأوحوا بأنه المرشح الذى سوف تلتف حوله الجماهير وتقوده إلى موقع الرئاسة، وأنه هو الذى سيهزم مرشحهم، سواء كان خيرت الشاطر أو محمد مرسى، وتخلخلت أوصال معظم المرشحين للرئاسة، حتى إن ستة منهم تحمسوا لمشروع القانون، فى إعلان صريح منهم بأنهم أضعف من أن ينافسوه، وإقرار بأن الجماهير ستكون معه، وأنه لا حل لمواجهة جماهيريته «الكاسحة» إلا بكسحه من خريطة المرشحين.


■ وكان لابد من اللجوء إلى اللجنة التشريعية بـ«ورشة مجلس الشعب لترزية القوانين» لتصوغ قانوناً من مادة واحدة يقول نصها «القانون فيه خيرت الشاطر ومافيهش عمر سليمان»، وبدأ البحث عن قانون لحشرها فيه، بعد أن تبين أن حشرها فى قانون الانتخابات الرئاسية يخضعها للرقابة الدستورية المسبقة، فدقوا باب «قانون الغدر»، فاعتذر بأنه لا يعزل أحد سياسياً إلا بحكم من محكمة الجنايات، فانتقلوا به إلى المادة الثانية من قانون مباشرة الحقوق السياسية، التى اعتذرت بأن الحرمان من مباشرة هذه الحقوق عندها مقصور على المحكوم عليهم فى جرائم محددة، فانتقلوا به إلى المادة الثالثة وقبل أن تفتح فمها بكلمة اعتراض دستورية واحدة، أمر مقرر اللجنة السياسى الليبرالى الديمقراطى المعروف، عمرو حمزاوى بضربها علقة ساخنة، ثم سحبها من شعرها لتقف إلى جواره على المنصة، لتعلن ترحيبها بإضافة فقرة «القانون فيه خيرت الشاطر ومافيهش عمر سليمان» إلى فقراتها.. وتضيف: «دى حتى فقرة زى العسل يا باشا.. دستورية وليبرالية وفاشية زى سعادتك بالضبط».


■ وألف مبروك للواء «عمر سليمان» الذى حصل، أمس الأول، بفضل ذكاء الأغلبية الكاسحة لورشة ترزية مجلس الشعب على اعتراف منها بأنه المرشح الرئاسى الوحيد الذى يخاف الجميع من شعبيته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق