اخر الاخبار

06‏/04‏/2012

زواج الإخوان الحرام بقلم محمد سلماوى


تطالعنا صفحات الحوادث فى الصحف بين الحين والحين بخبر عن القبض على سيدة خالفت العرف والقانون والشريعة بالزواج من رجلين فى الوقت نفسه، واليوم تنتقل الجريمة من محيط الأحوال الشخصية إلى سدة الحكم ذاتها، حيث نرى أمامنا فى ترشيح القيادى الإخوانى رجل الأعمال خيرت الشاطر محاولة لتزويج السلطة ليس فقط بالمال، كما كان الحال فى ظل النظام القديم، وإنما لتزويجها بالمال والدين فى الوقت نفسه.


لقد كتب النظام القديم نهايته بيده حين استبعد أهل الخبرة بجميع أنواعهم، سواء كانوا من ساسة الأحزاب أو من التكنوقراط المتخصصين، لصالح رجال الأعمال المرتبطين بالنظام الحاكم بشبكة من المصالح المادية التى لا تمت بصلة للصالح العام، وهكذا أصبح معظم الوزراء من رجال الأعمال على مدى وزارات متتالية وصلت لمنتهاها فى الوزارة الأخيرة التى أسرعت سياستها بسقوط النظام، بل إن رجال الأعمال احتلوا أيضاً مقاعد المجالس النيابية فى انتخابات ٢٠١٠، التى كانت السبب المباشر فى قيام الثورة. ولقد أثبتت تجربة الحزب الوطنى المنحل عدم شرعية زواج السلطة بالمال، لكن يبدو أن جشع الإخوان المسلمين
لــ«التكويش» على كل شىء أعماهم عن دروس التاريخ التى مازالت ماثلة أمامنا لم يمض عليها إلا أكثر قليلاً من العام، فأرادوا تكرار المأساة على حساب المصلحة العامة، بل فاقوا تجربة النظام السابق بضرب كل الأعراف والقوانين والشرائع عرض الحائط، وتزويج السلطة من رجلين فى الوقت نفسه: الأول هو المال، والثانى هو الدين.


إن خطورة مثل هذا الزواج غير الشرعى الذى يسعى إليه الإخوان هو أنه يؤدى حتماً إلى ديكتاتورية جديدة أشد شراسة من ديكتاتورية النظام السابق التى أوصلتنا إلى الثورة، فهى مسلحة بالمال من ناحية والدين من ناحية أخرى، وهذان العنصران غريبان تماماً على عالم السياسة الذى يعتمد على توازن القوى والفصل بين السلطات والتفاعل الصحى بين الأغلبية والمعارضة.


إن هذا الزواج الحرام الذى هو أقرب لزواج المحارم يمنح السلطة قوة المال التى لا تتسلح بها المعارضة، ولاشك أننا سنشهد أول استخدام لهذا المال الحرام فى انتخابات الرئاسة حيث سيسخر لخدمة مرشح الإخوان دون الالتزام بأى قواعد أو قوانين تنظم عملية الإنفاق على الحملة الانتخابية، فلم يكن من الغريب أن أكثر مظاهر البذخ التى شهدناها فى الدعاية الانتخابية حتى الآن هى تلك التى اقترنت بمرشح ملتح يرفع لواء الدين، لكن ذلك لن يقارن من قريب أو بعيد بما يمكن لخيرت الشاطر صاحب الملايين أن ينفقه على حملته الانتخابية التى لم تبدأ بعد.


على أن الخطورة ليست فيما سينفقه مرشح الإخوان من أموال لا قبل لأى من المرشحين بها، وإنما فيما سيعقده نجاحه فى هذه الانتخابات من زيجة محرمة بين السلطة والمال تسمح له بأن يسخر إمكانيات الدولة لخدمة مصالحه المالية والتجارية وهو ما يحدث حتماً كلما اقترن المال بالسلطة.. أما الزوج الثانى وهو الدين - بالصيغة التى يقدمها أتباع الإسلام السياسى - فهو الذى سيعطى السلطة الحصانة الكاملة لتأتى بما تريد من أفعال دون مراجعة، وإذا كنا قد وجدنا القتل والإرهاب ونهب محال الأقباط يتم باسم الدين فلنا أن نتصور ما يمكن أن ترتكبه السلطة من سيطرة واستبداد إذا تسلحت بما تدعى أنه الدين الذى هو برىء من مثل هذه الأفعال الآثمة.


لقد تم اختصار كل المثل والأهداف السامية التى اقترنت بديننا الحنيف من أجل تحقيق المصالح الحزبية الضيقة للإخوان الذين يدعون أن هدفهم الأسمى هو الخلافة، ولو علموا ما قامت عليه الخلافة التى أعطت الإنسانية واحدة من أعظم الحضارات لما أتوا بتلك الأفعال. إن الطريق المعوج الذى اختاره الإخوان لن يحقق لهم إلا خلافة الحزب الوطنى المنحل الذى أودى بالبلاد إلى ما لم نكن نتمناه، فقامت الثورة، والذى كانت أهم أدواته فى ذلك هى تزاوج السلطة بالمال، فما بالك بتزاوجها بالمال والدين فى الوقت نفسه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق