اخر الاخبار

20‏/04‏/2012

زيارة المفتى للقدس والفخ الأردنى «ثلاثى الأبعاد» بقلم أشرف جمال


«لقد وقعنا فى الفخ».. يبدو هذا القول خلاصة لعاصفة ردود الأفعال التى هبت فور إعلان وسائل الإعلام عن الزيارة المفاجئة التى قام بها الدكتور على جمعة، مفتى الديار المصرية للقدس المحتلة، أمس الأول، فى خطوة أراها غير محسوبة لأسباب عدة، أهمها «محلياً» أنها جاءت فى غير توقيتها، و«إسلامياً» أنها كسرت مقاطعة أجمع عليها علماء الأمة، واتفق معها كهنة كنائسها الذين حرموا شعوبها من فريضة مسيحية احتراماً للوحدة الوطنية.



وفى تقديرى، فإن أى مبررات يسوقها فضيلة المفتى مهما كان نبلها لن تكون مقبولة فى مواجهة الخروج على الإجماع الوطنى والإسلامى ــ القبطى، لاسيما أنه كان شاهد عيان على ضراوة الهجوم الذى نال ممن سبقوه من دعاة ومسؤؤلين سياسيين لمجرد تفكيرهم فى القيام بمثل هذه الزيارة.


أما عن الفخ الذى نُصب لفضيلته بإحكام، فأراه أردنياً «ثلاثى الأبعاد» البعد الأول يكمن فى أن الأردن التى تتولى مسؤولية الإشراف على الأوقاف الإسلامية فى القدس المحتلة واجهت على مدى الأسابيع القليلة الماضية موجات متتالية من الغضب الشعبى بسبب «الانتعاش المفاجئ» لعلاقتها بالقدس عقب عدد من الزيارات الرسمية التى قامت بها شخصيات أردنية إلى المدينة المحتلة، أولاها كانت لرئيس مجلس النواب عبدالكريم الدغمى، والثانية للأمير هاشم بن الحسين، والأخيرة كانت لوزير الداخلية الأردنى محمد الرعود، فثلاثتهم حرصوا، كما حرص المفتى، على الصلاة والزيارة والتقاط الصور التذكارية فى مسجد قبة الصخرة، غير عابئين بالمئات الذين يتم منعهم يومياً من الصلاة فى هذا المسجد، بل لم يكترثوا بالمحتل الصهيونى الذى يمنح حق الزيارة لمن يشاء، ويمنع من يشاء منها، فكانت الوسيلة المثلى للخروج من هذا المطب هى اللجوء لشخصيات إسلامية ذات ثقل لتسير على خطى المسؤولين الأردنيين ليبدو أمر الزيارات وكأنه تحرك إسلامى من نوع جديد شطر المسجد الأقصى، ومَن أفضل من مفتى الديار المصرية لاستخدامه فى مثل هذا المخطط.


البعد الثانى أراه موجهاً للداعية الإسلامى الدكتور يوسف القرضاوى، وتحديداً للفتوى التى حرّم فيها زيارة القدس طالما ظل تحت الاحتلال، وهى الفتوى التى لم ترق لقيادات السلطة الفلسطينية، وللأردن باعتبارها المسؤول عن أوقاف المسلمين فى القدس المحتلة، ومن ثم جاء التفكير فى إجهاضها عبر الدفع بزيارات لعلماء المسلمين أبرزهم الداعية اليمنى الحبيب بن على الجفرى، والدكتور على جمعة، لاسيما أنهما من معتنقى فكر شد الرحال إلى الأقصى مهما كانت الظروف المحيطة به.


أما البعد الثالث والأخير فى هذا الفخ، فأراه يحمل رائحة تطبيعية عطنة، فرغم أن هذه الزيارة تبدو ظاهرياً فى غير محل ترحيب من جانب الإسرائيليين، لكن بواطن الأمور تؤكد أنها تمثل بداية تطبيق لفكر الارتضاء بالأمر الواقع، بما يعنى أن تبقى القدس لكل الأديان، دون النظر لكونها تحت الاحتلال، وهو مؤشر انهزامى خطير أرى فضيلة المفتى ساهم فى الاتجاه نحوه دون أن يدرى.


ما يهمنى الآن وما أرجوه وأتمناه أن تبقى شجاعة المفتى فى مواجهة الاحتجاجات الواسعة على تلك الزيارة بنفس قدر شجاعته عند اتخاذه قرار الزيارة، بل وأناشده مكاشفة الرأى العام حول أسباب ودوافع زيارته بعيداً عن نغمة الفصل بين الشخصى والعام، لأن مفتى الديار المصرية لا يمثل نفسه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق