اخر الاخبار

04‏/04‏/2012

قبعة الحاوى بقلم د. حسن نافعة


لا أظن أن قرار جماعة الإخوان المسلمين ترشيح المهندس خيرت الشاطر لرئاسة الجمهورية سيكون آخر ما ستشهده الساحة السياسية من مفاجآت، وهذا أمر طبيعى. ففى مصر ثورة لم تكتمل، لكن جذوتها لاتزال حية لم تنطفئ بعد، وفى مصر أيضا ثورة مضادة تحاول العودة بعقارب الساعة إلى الوراء، ويبدو أنها تكسب مواقع جديدة كل يوم. ولأن الثورة المصرية كانت ثورة شعب، فمن الطبيعى أن تملك من المقومات ما يجعلها غير قابلة للهزيمة على المدى الطويل، مهما ألمّ بها من نكسات أو وقعت فيه من كبوات. وتلك حقيقة أؤمن بها إيمانا يكاد يصل إلى مرتبة اليقين.


غير أنه سيكون من الخطأ، رغم ذلك، التقليل من قوة ثورة مضادة تبدو لى كشبكة عنكبوتية تم نسجها من خيوط متشابكة من مصالح محلية وإقليمية ودولية لا تريد للثورة المصرية أن تنجح. فهناك شبكة مصالح محلية تعبر عنها القوى التى استفادت من النظام القديم، على رأسها كوادر الحزب الوطنى، المنحل قانونا والمتواجد فعليا على الساحة، وقيادات أجهزة أمن النظام القديم، وجماعات رجال الأعمال التى ارتبطت بمشروع التوريث.


 وهناك شبكة مصالح إقليمية تعبر عنها دول لا تريد لرياح التغيير أن تصل إلى شواطئها الساكنة وتسعى لوأد الثورة فى مهدها قبل أن تقتلع خيامها. وهناك شبكة مصالح دولية تعبر عنها قوى عالمية كانت ترى فى النظام القديم كنزاً استراتيجياً بوسعها أن تغرف منه ما تشاء، وتسعى الآن جاهدة لمنع تشكل نظام سياسى جديد يعبر عن مصالح الشعب المصرى وينحاز لقوى الممانعة والتغيير التى صمدت فى وجه المشروع الأمريكى الصهيونى فى المنطقة وحالت دون تمكينه من تحقيق أهدافه كاملة.


فى سياق كهذا، يبدو واضحا تماما أن قوى ضخمة متناقضة المصالح والأهداف تتفاعل الآن بشدة على الساحة المصرية، ومن ثم فعلينا أن نتوقع أن يخرج لنا الحواة، خلال الأسابيع القليلة القادمة أرانب كثيرة من تحت قبعاتهم الطويلة.


فبعد مفاجأة، أو قنبلة أو لغم خيرت الشاطر، لن أستغرب كثيرا إن وجدنا الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل، الذى حرص على استعراض عضلاته الجماهيرية أثناء قيامه بتقديم أوراق ترشحه، قد اختفى فجأة من السباق. فقد بدأنا نلاحظ فى الآونة الأخيرة أن نغمة المرشح السلفى فى حديثه عن قضية الجنسية بدأت تتغير، وراحت مصطلحات أقرب إلى الضبابية، من قبيل «فى حدود علمى»، تحل محل مصطلحات يقينية لم تكن تكتفى بالإنكار وتتهم كل من يتحدث عن هذا الموضوع بالكذب ومعاداة الإسلام! ولأنه يصعب تماما أن نصدق أن رجلا فى حجم ومكانة الشيخ حازم أبوإسماعيل لا يعلم ما إذا كانت السيدة الفاضلة والدته تحمل جواز سفر أمريكياً أم لا، أتوقع أن تكون لهذه القضية توابع زلزالية كبيرة بسبب تداخل بعدها القانونى مع بعديها الأخلاقى والدينى.


غير أن انسحاب الشيخ السلفى من السباق لن يكون نهاية المطاف فى مسلسل المفاجآت المحتملة. فلن أستغرب أبدا إن صحونا ذات يوم فوجدنا اللواء عمر سليمان يتقدم بأوراق ترشحه فى اللحظة الأخيرة، أو إن صدر عن المحكمة الدستورية العليا فى نهاية مداولاتها حكم بعدم دستورية القانون الذى أجريت الانتخابات البرلمانية على أساسه. ففى هذه الحالة سيضطر المجلس الأعلى للقوات المسلحة لاتخاذ قرار بحل البرلمان، وتصبح الجمعية التأسيسية بعد ذلك مجرد أضحوكة على الرغم من أنها ستظل قائمة من الناحية القانونية!.. فكيف لجمعية تأسيسية شكلها برلمان باطل وانسحب منها ربع أعضائها أن تكتب دستوراً لمصر بعد ثورة يناير؟!


فهل ستستغرب عزيزى القارئ، فى سياق كهذا، إن صحوت يوما من أيام شهر يونيو القادم فوجدت اللواء عمر سليمان جالسا على مقعد الرئاسة فى القصر الجمهورى؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق