اخر الاخبار

29‏/04‏/2012

عبور انتخابات الرئاسة بقلم د. عمرو الشوبكى


العبور من انتخابات الرئاسة عبر إجراء انتخابات نزيهة تسفر عن انتخاب أول رئيس مدنى بشكل ديمقراطى، يعنى أن مصر دخلت حقيقة المرحلة الانتقالية التى كان يفترض أن تدخلها فى ١١ فبراير من العام الماضى، لكنها للأسف بقيت فى مكانها بسبب سوء الأداء وغياب الرؤية السياسية. 
صحيح أن انتخابات الرئاسة تواجه تحدياً حقيقياً بسبب المادة ٢٨،


التى تحصن اللجنة العليا للانتخابات من أى طعن، وهو وضع فى غاية الغرابة وغير مسبوق فى أى انتخابات رئاسية أخرى، وهو ما أثار مخاوف قطاعات واسعة من الرأى العام فى ظل حالة التشكك والريبة السائدة داخل النخبة المصرية، فاعتبرها البعض مدخلاً لاختيار رئيس معد سلفاً عبر انتخابات لا يحق لأحد الطعن عليها.



وربما تكون انتخابات الرئاسة المصرية هى التجربة الوحيدة فى العالم التى لا يُسمح فيها بالطعن على نتائجها أو على مسارها إذا ساور أحد المرشحين شك فى نزاهتها، فحتى النظم الاستبدادية تعطى الحق للجميع فى الطعن، ولو الشكلى، على نتائج أى انتخابات، أما فى مصر فقد كانت الحجة أن الرئيس المنتخب قد يقضى الأشهر الأولى من حكمه فى رد الطعون المنهالة على الانتخابات، بما يعنى أن البلاد معرضة لأن تعيش فى ظل فراغ سياسى قد يعرضها لخطر حقيقى.


وإذا كان التخوف من هذا الخطر حقيقياً ويمكن مواجهته بحسم أى طعون فى مدة لا تتجاوز الشهر عقب إعلان النتيجة، فإن الأمر يبدو هامشياً مقارنة بكارثة التشكك فى نتائج الانتخابات برمتها، وفى مجىء رئيس قد يرى البعض أنه جاء بالتزوير، وهو أمر قد يفجر البلاد ولو بسبب شائعة أو شبهة تزوير.


فعلى عكس الانتخابات البرلمانية، التى قُدرت فيها جماهير المرشحين بالآلاف، فإن مرشحى انتخابات الرئاسة لديهم جماهير بالملايين، وبعضهم يعلن كل يوم تشككه فى العملية الانتخابية وفى حياد المجلس العسكرى، وكل يوم نسمع عن مرشح المجلس السرى أو المرشح المعد سلفاً، وهى أمور رغم عدم دقتها فإنها تثير القلق والشكوك أكثر مما تثير التوافق والطمأنينة.


ولعل أسوأ ما يمكن أن يحدث فى انتخابات الرئاسة هو أن يتحد الخاسرون على عدم قبول نتائج الانتخابات، حتى لو كانت غير مزورة ونزيهة، فقد رأينا كيف تعامل أنصار الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل مع قضية قانونية لا تقبل اللبس، وكيف تحولت إلى صراع سياسى مع السلطة القائمة.


إن هناك ١٣ مرشحاً تقدموا لانتخابات الرئاسة وفق قواعد قانونية محددة ومعروفة سلفا، وإذا أديرت الانتخابات بشكل نزيه فيجب ألا يعترض أى من هؤلاء المرشحين على نتيجتها، لأنها أسفرت عن فوز مرشح من النظام القديم أو من الإخوان، فمعيار نزاهة الانتخابات يتحقق حين يفوز المرشح بمقعد الرئاسة، أما فيما عدا ذلك فإنها تصبح انتخابات مزورة.


أسوأ شىء يجرى فى مصر الآن هو قيام كثير من السياسيين باختزال البلد ومصالح الناس فى مصالحهم الشخصية، فإذا حققوها وفازوا فى انتخابات الرئاسة، مثلا، فسنجدهم أول من سيشيد بالقواعد التى حكمت العملية الانتخابية وبالمجلس العسكرى وبالقضاء، وإذا خسروا فسيصبون جام غضبهم على كل مؤسسات الدولة فى مصر.


المطلوب أن يحترم الجميع القواعد التى قبلوا على أساسها دخول انتخابات الرئاسة، لا أن يعودوا ويرفضوها إذا خسروا ويشيدوا بها إذا فازوا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق