اخر الاخبار

25‏/04‏/2012

وقف الغاز لإسرائيل بقلم سلامة احمد سلامة



فى هدوء شديد وبدون طنطنة، أوقفت مصر تصدير الغاز لإسرائيل عن طريق الشركات المتعاقدة، وقالت فى تصريح مقتضب لأحد المسئولين إنها أنهت التعاقد على تصدير الغاز لإسرائيل لأنها امتنعت عن الوفاء بالالتزامات المالية عليها وأوقفت سداد المستحقات منذ أربعة أشهر. وقد اتخذ الإجراء فيما يشبه حالة متعمدة من الصمت، لدرجة أن معظم الصحف ووسائل الإعلام لم تنتبه إلى أهميته فى طبعاتها الأولى! 


وبهذه الخطوة التى استندت إلى أسباب قانونية وتجارية بحتة، وضعت مصر حدا لمهزلة سياسية وقومية اجترحها الرئيس المخلوع حين وافق على تصدير الغاز لإسرائيل، ضاربا عرض الحائط بكل الموانع والحجج القانونية والاقتصادية التى وجدت فى بيع الغاز لإسرائيل بثمن بخس دراهم معدودة، تقل كثيرا عن الأسعار العالمية، تفريطا غير مسئول وعبثا بمصدر مهم من مصادر الثروة الطبيعية فى مصر.. وكان من الغريب بل من المريب أن يشهد المسئولون فى النظام السابق الملايين من أبناء الشعب المصرى يتضورون جوعا فى أزمات متتالية، بحثا عن أنبوبة بوتاجاز أو مما يحتاجون إليه من البنزين والسولار، ويقفون فى طوابير مرهقة انتظارا لوصول نجدة من الوقود المستورد من الخارج. بينما يوفر الغاز المصرى لإسرائيل 40٪ من احتياجاتها من الكهرباء والطاقة فضلا ونعمة!

من الواضح أن إسرائيل تعمدت التوقف عن سداد ما عليها من التزامات مالية تقدر بـ100 مليون دولار ــ بعد أن تكررت حوادث قطع أنبوب الغاز الذى يمدها باحتياجاتها عبر سيناء. وشرعت فى اتخاذ إجراءات للضغط على مصر بهدف منع السياحة الإسرائيلية من ناحية، وتوريط مصر فى عمليات عسكرية ضد أهالى سيناء لتأمين خط الغاز من ناحية أخرى، بما يشيع فى العالم اهتزاز حالة الأمن فى مصر ويعطل الرواج السياحى الذى بدأ يسترد أنفاسه!

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد. فقد رفعت إسرائيل دعوى أمام المحاكم الدولية تطالب بتعويض 8 مليارات دولار عن فترات انقطاع الغاز المصرى عنها. وتهدد إسرائيل الآن باللجوء إلى التحكيم الدولى ضد إلغاء مصر لاتفاق التصدير.

لقد أوقفت مصر تصدير الغاز منذ يوم الخميس الماضى، دون إشارة من قريب أو بعيد إلى اتفاقيات كامب ديفيد. ولكن ردود الفعل الإسرائيية حاولت أن توسع من مغزى إلغاء الاتفاقية بأنه ينطوى على خرق اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل. وجاءت تصريحات ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلى بأن التطورات التى تشهدها مصر ووصول الإخوان المسلمين إلى الحكم تمثل خطرا على إسرائيل أشد من خطر إيران. وقام ليبرمان بتوزيع مذكرة سرية على أعضاء حكومته يحذر فيها من أن تدهور الأوضاع الاقتصادية فى مصر، يسبب ضغوطا على القيادة المصرية، قد تدفعها إلى تصدير الأزمة إلى إسرائيل! ومع ذلك فقد أبدت مصر استعدادها لإعادة التفاوض حول تصدير الغاز بأسعار جديدة.

فى خضم هذه التطورات التى لن يتوقف بها الإسرائيليون عند حد، تُختزل مسألة العلاقات المصرية الإسرائيلية فى الضجة التى أثارتها رحلة المفتى إلى القدس فى ظروف بالغة الدقة. ولا يسأل أحد كيف جرى استدراج الشيخ بواسطة الأردن؟ وهل كان لهذه الزيارة علاقة بموضوع وقف تصدير الغاز لإسرائيل؟!

وفى كل ما يجرى من أحداث فى مصر، وهذا الاهتمام الشديد بما يجرى فى ميدان التحرير، فإن قضايا المصير وأخطار التهديد الخارجى الإسرائيلى فى المنطقة كلها، وإزالة آثار الأخطاء والمغامرات التى ارتكبها النظام السابق فى التعامل مع إسرائيل، تظل بعيدة عن اهتمام المليونيات والتنسيقيات وعشرات الاتحادات. ولا تحظى من الباحثين عن السلطة أو الساعين إلى المناصب الرياسية فى حملاتهم الانتخابية بكلمة واحدة، أو برؤية مستقبلية، أو تحذير لمواجهة الأخطار المحدقة.. إلا باستثناء محدود من بعض المرشحين المحتملين. وقد خلت برامج معظمهم، سواء كانت أمه مصرية، أو اتضح فيما بعد أنها أمريكية من خطط ورؤى محددة حول قضية تصدير الغاز وكيف يمكن استثماره كمصدر للطاقة فى مصر. وما الذى يمكن عمله لإصلاح الأوضاع فى سيناء وحمايتها من التهديد الإسرائيلى؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق