اخر الاخبار

29‏/03‏/2011

أنت من الأحرار يا على/منتصر الزيات



دخل صديقى الغاضب وهو يتمتم بكلمات من العيار الثقيل، متحسراً على ثورة يناير وخيانة شهدائها وقال «عاجبك يا أستاذ كلام الدكتور ناجح» يقصد طبعا أخونا
 العزيز ناجح إبراهيم، أحد القيادات التاريخية البارزة للجماعة الإسلامية، والذى يدير الموقع الإلكترونى لها على شبكة الإنترنت، حاولت تهدئته وسألته عما قاله صديقنا ناجح؟ استمر صديقى الغاضب «سمعته فى إحدى الفضائيات يتغزل فى الحاج ويمتدحه» والحاج هو اللواء أحمد رأفت، نائب رئيس جهاز مباحث أمن الدولة، قبل الثورة، والذى وافته المنية فى شهر رمضان الماضى، وهو يمارس عمله فى مكتبه، وتردد أن أزمة قلبية دهمته عندما بلغه قرار تمديد الخدمة لرئيس الجهاز السابق حسن عبدالرحمن
.
سألت صديقى الغاضب وما المندوحة فى ذلك؟ إن الرجل يستحق الثناء، وأنا شخصيا رثيته فى مقال شهير فى هذا المكان بـ«المصرى اليوم» استغرب صديقى الغاضب وقال «أول قلم على وجهى أو قفاى كان من مصطفى رفعت» فقد كان هذا أيضا اسما يستخدمه كنية مع أعضاء الجماعات الإسلامية، التى لقبته «الحاج» أو «مصطفى رفعت» عرفته من صوته، لم يتوقف صديقى فى اتهاماته للرجل وهو بين يدىّ ربه عند هذا، بل استمر مندفعا «كمان هو الذى قتل طلعت يسن همام» فغرت فاهى مندهشا: ودى عرفتها منين؟ أجاب على فوره «أحد الضباط السابقين بجهاز مباحث أمن الدولة استيقظ ضميره بعد ثورة ٢٥ يناير وأدلى باعترافات نشرتها إحدى الصحف مؤخرا وقال -أى الضابط- إنه شارك فى القبض على طلعت يسن همام حيا فى إحدى شقق برج بمنطقة كوبرى القبة وأخطرنا لواء جاء من فوره وأطلق النار على رأس وصدر طلعت يسن همام» جادلت صديقى الغاضب فيما نقل، ظنا منه أنه سيفحمنى بتلك المعلومات المرسلة، قلت له ظنك أن الرجل صفعك فى حجرة التعذيب لمجرد أن صوته أجش لا يستفاد منه حقيقة، لأنك لم تلتق بالرجل من قبل وحكمت بناء على وصف آخرين لك صوته الأجش،
أما الثانية فمقالة الضابط المجهول لا تقيم حكما ولا تصلح شهادة طالما أنها بعيدة عن مكانها الطبيعى أمام النائب العام الذى يملك تقييم الشهادة والقضاء أيضا، ولو أن ضميره استيقظ فعلاً كما تصفه لتوجه لمكتب النائب العام وأقر بالشهادة أمامه، ما علمنا على الرجل إلا خيراً منذ عرفته عام ٩٧ تقريباً وتعددت لقاءاتى به بمناسبة ترويجى لمبادرة شيوخ الجماعة الإسلامية بوقف العنف، وكانت رغبته فى نجاح تلك المبادرة تعادل رغبة الذين أطلقوها، ولم يكن هناك مثله داخل الجهاز من يملك تلك الشجاعة فى تبنى خيار دعم جهود وقف العنف والمصالحة مع الجماعات الإسلامية
.
لا تعنى الثورية أن نتنكر لكل الذين ساعدونا فى أوقات عصيبة أو أن نلعن كل الذين عملوا فى هذا الجهاز، أو نفتش فى صفحات لا نعرفها أو نعاصرها، بل لعلى أذكر فى هذا السياق أحد تلامذة اللواء الراحل أحمد رأفت ويكنى باسم مستعار (طارق المصرى) كان ينهج نهجه، وكان ودوداً فى معاملته مع السجناء والمعتقلين، لم نعرف عنه استعمال القسوة، ومرت الأيام وتأكدنا من نزاهة الرجل، وكان مما اطلعنا عليه ضمن الوثائق التى حصل عليها البعض بعد اقتحام مبنى جهاز مباحث أمن الدولة تقرير كتبه هذا الضابط يلتمس فيه رعاية المفرج عنهم من الجماعات الإسلامية وحل مشكلاتهم فى أماكن عملهم، حتى لا يرجعوا مرة أخرى إلى ممارسة العنف والنقمة على المجتمع مرة أخرى
.
يسألنى كثيرون وينقل لى أبنائى عن أصدقائهم فى المدرسة والجامعة أين والدكم؟ كان يملأ الدنيا صياحا قبل الثورة، نشاهده فى الفضائيات المختلفة، يهاجم النظام ويدافع عن الجماعات، لماذا لا نشاهده هذه الأيام؟! فعلا حاصرنى السؤال حتى كدت أختنق ولم أعد أملك جوابا؟ غير الصمت وقلب شفتى، كنت أثور قبل الثورة كانت حياتى كلها تحضيراً للثورة، دعوت لمحاكمة شعبية للحزب الوطنى فى عز عنفوانه وجبروته فى نقابة المحامين، حتى هجمت علينا قوات الأمن وقتها بمباركة قيادات نقابة المحامين التابعة للحزب الوطنى
!!
تواجدت فى ميدان التحرير لم أبرحه منذ يوم ٢٥ يناير، لم أشأ أن أمتطى فوق الثوار الشبان وارتضيت أن أكون وسط الناس، صدعت من شاشة الجزيرة بآرائى أثناء الثورة ومن وسط الميدان، لكن الناس ينسون.. بعد نجاح الثورة تحرر التليفزيون المصرى وعاد إقبال المشاهدين عليه، واكتشفت أنى الوحيد الذى بقى ممنوعا عن شاشته فلا يرانى الناس أو يسمعوننى؟ وكان قدرى أننى تبنيت تمرد لفيف من الإعلاميين بقطاع الأخبار ضد رئيسهم المناوى، لكنى لم أبرح مكانى الذى اخترته قبل الثورة أصدع بالحق دون أن أُجرح أحداً من خصومى، اخترت مكانى انحيازاً للمستضعفين والمظلومين دون طنين أو بروباجندا، وبقيت على ذات الأداء بعد الثورة، مقالاتى المتواضعة تحمل أفكارى ومواقفى، استحضرت مشهداً من الفيلم الشهير «رد قلبى» وتمنيت لو قالها لى أحد الثوار المعاصرين «أنت من الأحرار يا على
».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق