اخر الاخبار

16‏/03‏/2011

الأحزاب.. من يبقى ومن يذهب؟ سلامة احمد سلامة

salama ahmad salama okkk
أصبح فى حكم المتوقع أن يتم تعديل قانون الأحزاب للسماح بإنشاء الأحزاب فور الإخطار. وهى خطوة تأتى استجابة لدواعى الديمقراطية التى تجعل شعبية الحزب السياسى وبخاصة فى الحصول على تمثيل برلمانى مشرف،
رهنا بمصداقيته السياسية وقدرته فى الدفاع عن مصالح الشعب بأمانة ونزاهة. ولا تستند إلى أدوات سلطوية لإقصاء خصومه السياسيين والانفراد بالسلطة، عن طريق لجنة للأحزاب تسمح وتمنع بحسب هواها.. كما كان الحال مع الحزب الوطنى الذى دمج سلطات الرئيس مع سلطات الدولة وأدخل الحزب طرفا فى إدارة شئونها
.
وينتظر فى هذه الحالة أن تبادر جماعة الإخوان وغيرها إلى إنشاء حزب سياسى للمشاركة فى الحياة السياسية وخوض الانتخابات التشريعية. وقد نشهد نشوء أحزاب جديدة تعبر عن قوى الثورة وغيرها من القوى السياسية التى أسهمت فى تغيير النظام وتقويم أدائه. وبالأمس وقع انشقاق فى التجمع يؤذن بقيام حزب جديد!
ومهما زاد عدد الأحزاب فى المرحلة المقبلة، فإن الممارسة السياسية للديمقراطية سوف تكون كفيلة بتصفية الشوائب الحزبية التى طفت دون مبرر على السطح بمساعدة الحزب الوطنى. ولابد حينئذ من وضع أسس تحول دون أن يحظى الحزب بأى اعتراف سياسى أو مساعدة مادية أو إعلامية إذا لم يكن له تمثيل برلمانى، أو يحصل على نسبة معينة من أصوات الناخبين، مع استبعاد الأحزاب الفاشية والدينية. ولابد من معاملة متكافئة فى وسائل الإعلام، وهو ما سوف يؤدى إلى نزع كثير من المزايا والمميزات التى حصل عليها الحزب الوطنى السابق دون وجه حق. وطرده من المقار الحكومية التى استولى عليها وعشش فيها على مر السنين.
يقتضى إقامة نظام حزبى سليم على أسس ديمقراطية، التخلى عن المفاهيم غير الديمقراطية التى صكت تعبير «المحظورة» وفرضت على الفكر السياسى المصرى رؤى إقصائية متخلفة، تنكر وجود قوى سياسية بعينها، وتطبق نظام العزل السياسى والمنع من مباشرة الحقوق السياسية دون سند من قانون أو حكم قضائى.
وهذا ما يدعونا منذ الآن إلى عدم الجنوح إلى قرارات تعسفية تتنافر مع الديمقراطية، وخاصة بعد أن تعالت أصوات تدعو إلى حل الحزب الوطنى وإسقاطه، بحجة أنه كان مصدرا للفساد والإفساد. وفيه ومنه خرجت عناصر الثورة المضادة وحملات الجمال والحمير، وعلى أكتافه قام نظام أمنى منحرف معاد للديمقراطية وحقوق الإنسان. وهى اتهامات أكدتها الأحداث ولا مراء فيها. ولكن الأخذ بمثل هذه الحلول الاستئصالية لن تساعد على تعميق الممارسة الديمقراطية، بل العكس. وهى تخفى وراءها ميلا إلى الديكتاتورية البغيضة التى تقضى على روح الانصاف والعدالة. وأغرب شىء أن تأتى من أناس عايشوا تجربة اجتثاث البعث فى العراق، وسقوط الأحزاب الشيوعية فى أوروبا.
لا جدال فى أن الحزب الوطنى أساء إلى الحياة السياسية فى مصر ولكن إلى جانبه قامت حفنة من الأحزاب والمنتفعين الذين يجب إدانتهم. وأيسر السبل أن يطبق القانون على كل من تورط فى الفساد وجرائمه. فيجرى استبعادهم مثلهم فى ذلك مثل الذين قضوا عقوبات فى جرائم مخلة بالشرف.
لقد رأينا أخيرا كيف تتساقط وتذوى هذه الأحزاب بمجرد سقوط رءوسها. وفى غضون أيام قلائل كانت رءوس الحزب الوطنى قد أينعت وحان قطافها. فلا حاجة إذن لتلويث الحياة الديمقراطية بإجراءات غير ديمقراطية، تضع علامة استفهام على أداء مرحلة جديدة فى حياتنا السياسية. ولو أن عجلة العدالة دارت بالسرعة الكافية لأمكن محاصرة هذه العناصر وتطهير أجهزة الدولة منها.
هناك انتخابات جديدة، ومجالس برلمانية ومحلية جديدة. وتشكيلات نقابية جديدة فى ضوء المتغيرات التى ينتظر أن تشهدها الحياة السياسية فى مصر. وهى فرصة طبيعية للتخلص من وجوه وممارسات فاسدة كرسها أداء فاسد للحزب الوطنى تعايشنا معه وتسلل إلى كثير من أوجه الحياة السياسية والاقتصادية والإعلامية، ولن يكون من السهل القضاء عليها عن طريق حل الحزب أو اللجوء إلى اجتثاثه.. فالأمر يتوقف فى النهاية على مدى الوعى الذى زرعته تجربة الثورة الشبابية فى الأجيال الصاعدة وصفوف الشعب التى خرجت لتأييدها.. بحيث تمنع دخول هذه العناصر فى الحياة السياسية مرة أخرى!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق