اخر الاخبار

05‏/03‏/2011

حظر" الطيران الليبي ...ورطة عسكرية..دويل مكمانوس..الاتحاد الإماراتية

يستغرق الأمر وقتاً طويلًا من أعضاء الكونجرس حسني النية، كي يتقدموا هذا الأسبوع باقتراح مدوٍ لمساعدة المعارضة الليبية على الإطاحة بالقذافي وهو ببساطة: فرض منطقة حظر طيران
.
في لقاء له مع صحيفة "واشنطن بوست" قال السيناتور"جون ماكين"( جمهوري – من ولاية أريزونا): "إننا ننفق ما قيمته 500 مليار دولار على الدفاع سنوياً، ولا أصدق أننا غير قادرين على إسكات وسائل الدفاع الجوي الليبية... فكل ما علينا في رأيي هو أن نقول للطيارين الليبيين إنه ستكون هناك منطقة لحظر الطيران... وعندها لن يطيروا ".
وما قاله "ماكين" وافق عليه السيناتور" جون إف. كيري"( ديمقراطي من ولاية ماساشوسيتس) ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، الذي قال:"إن الاقتراح الخاص بفرض منطقة حظر طيران ليس اقتراحاً يحتاج إلى وقت طويل حتى يتم الأخذ به... ويجب أن نكون جاهزين لتنفيذه إذا ما لزم الأمر".
هناك شيء واحد تقلل منه هذه التقييمات المتفائلة لحد كبير، وهو أن فرض منطقة حظر طيران، معناه أعلان الحرب على ليبيا في حين أن الولايات المتحدة ما تزال متورطة في حربين في العراق وأفغانستان.
ومن الناحية العسكرية فإن إرسال طائرة للقيام بأعمال الدورية في ليبيا سوف يتطلب منا - كخطوة أولى - أن نقوم بضرب بطاريات الدفاع الجوي الليبية وتدميرها، وهذا أيضا عمل من أعمال الحرب.
في كل مرة تنخرط فيها الولايات المتحدة في حرب، حتى لو كان ذلك الانخراط على مستوى فرض منطقة حظر طيران، فإن السؤال الذي يثار دائما هو: هل هناك احتمال لمزيد من التورط، أم أن الأمر سوف يتوقف على ذلك المستوى من التدخل فقط؟
وهذا المأزق قد يفسر السبب الذي دفع مسؤولي إدارة أوباما إلى عدم إبداء حماس كبير لفكرة فرض منطقة لحظر الطيران في ليبيا.
من هؤلاء الأدميرال "مولين" رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الذي قال:"إن فرض منطقة حظر طيران عملية في غاية التعقيد".
وقال وزير الدفاع "روبرت جيتس" عند سؤاله عن احتمال فرض منطقة حظر طيران في ليبيا" بصراحة علينا أن نفكر كثيراً قبل أن نستخدم قوتنا العسكرية في بلد آخر في الشرق الأوسط".
وتوافق وزيرة الخارجية الأميركية على رأي وزير الدفاع ورئيس هيئة الإركان المشتركة وتقول ملمحةً إلى حقيقة أن الدول الأخرى في المنطقة لا تحبذ خيار التدخل العسكري من قبل الغرب: "ما زلنا بعيدين جدا عن اتخاذ قرار مثل هذا".
من الناحية العسكرية البحتة يمكن تنفيذ عملية فرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا بسرعة نسبية. فالولايات المتحدة والدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، لديها بالفعل طائرات، وسفن حربية، وقواعد رادار في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، كما أن الولايات المتحدة تمتلك قاعدة عسكرية في جزيرة صقلية التي تبعد 350 ميلاً فقط عن العاصمة الليبية طرابلس.
ولكن السبب الحقيقي الذي يدعو للتحوط والحذر، والذي ألمح إليه "جيتس" هو أن الولايات المتحدة لا تريد التورط في حرب جديدة في المنطقة، في نفس الوقت الذي ما تزال فيه غير قادرة على الخروج من مأزق أفغانستان والعراق.
علاوة على ذلك تدرك الولايات المتحدة إنه حتى إذا ما تغلبت على كل المحاذير، وفرضت بالفعل منطقة حظر طيران فوق ليبيا هي وحلفاؤها، فإنه ليس هناك ما يضمن أن تظل العملية سريعة ومحدودة كما خُطط لها، إذ ليس هناك ما يمنع من تطورها وتفاقمها.
فهناك سوابق اعتقدت فيها الولايات المتحدة أن تدخلها سوف يكون قصيراً ومحدوداً، ولكنها وجدت نفسها في النهاية متورطة في عمليات ومهام عسكرية لمدة طويلة.
ففي عام 1991، وفي حرب الخليج الثانية، فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها منطقة حظر طيران فوق العراق، على أمل أن يؤدي هذا الإجراء إلى المساعدة ـ ضمن إجراءات أخرى بالطبع ـ على إسقاط نظام صدام حسين. ولكن هذا لم يحدث، وظلت الولايات المتحدة ملتزمة بتوفير الطيارين والطائرات التي تنفذ هذه العملية لعقد كامل من الزمان، كما فقدت في سياق ذلك طائرة مروحية من نوع "بلاك هوك" وطاقمها في حادث قامت فيه طائرة أميركية من طراز إف 15 بإطلاق صواريخها بالخطأ على تلك الطائرة. دون أن يؤدي هذا الجهد من جانبها لتحقيق الهدف المرجو، وهو إسقاط نظام صدام حسين، ذلك الهدف الذي لم يتحقق إلا بعد غزو العراق عام 2003.
وفي عام 1993 فرضت الولايات المتحدة منطقة حظر طيران فوق البوسنة والهرسك، وأسقطت في إطار تلك العملية، أربع طائرات صربية. ولكن الحرب البوسنية ذاتها انتهت باتفاقية سلام (مشروخ في الحقيقة) . وعلى الرغم من أن تلك الاتفاقية على الرغم من عيوبها قد مثلت قصة نجاح للدبلوماسية الأميركية، إلى أنه أدت أيضاً إلى نشر قوات حفظ سلام تابعة للولايات المتحدة في البوسنة لمدة ثماني سنوات بعد ذلك.
في الوقت الراهن، يقول مسؤولو إدارة أوباما أنهم يفاضلون، بين طائفة واسعة من الخيارات المتعلقة بكيفية التعامل مع ليبيا، ومنع طيرانها من استهداف المدنيين. ويتوقع بعض الخبراء أن يكون من بين تلك الخيارات توجيه ضربات من مدى بعيد لقواعد الطيران الليبية، وكذلك تقديم وسائل دفاع جوي للقوى المناهضة للقذافي.
وإذا ما نجحت تلك القوى، في تشكيل وزارة وتقدمت بطلب للمساعدة من الخارج فإن ذلك سوف يشكل ضغطا على إدارة أوباما، وعلى الحكومات الغربية، قد يدفعها للعمل.
والبديل هو أن تقف الإدارة والحكومات الغربية متفرجة، دون أن تفعل شيئا إزاء ما يحث في ليبيا وهو موقف لن يكون قابلا للاستمرار لوقت طويل.
فلن يكون من قبيل السياسات الجيدة أن تضيع الولايات المتحدة وحلفاؤها فرصة لتقديم المساعدة لحكومة جديدة صديقة جاءت إلى السلطة.
ولكن الموقف يستدعي منا الحذر، وأن نعد حتى الرقم 10، قبل أن نفكر في البدء في أي حرب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق