اخر الاخبار

21‏/03‏/2011

الأقباط شاركوا فى وضع المادة الثانية من الدستور عام 1923

كان (الشباب) هم الذين قادوا سفينة الثورة إلي بحار الحرية، فان هذه السفينة تحتاج من آن لاخر لان ترسو في مرافيء (الكبار) حتي تواصل المسير علي هدي ضوء آرائهم
، الذي حل ضيفا علي مكتبة (الكتب خان) في المعادي الأسبوع الماضي، وعلي مدار أكثر من ساعتين من الحوار مع رواد المكتبة حلق (أمين) في مختلف سماوات الثورة، متناولا الماضي، والحاضر والمستقبل، ومحللا لتطورات الأحداث الجارية من جميع الزوايا
.أحد هؤلاء الكبار هو المفكر والخبير الاقتصادي الدكتور جلال أمين.وقد طافت طائرة الحوار ـ الذي أدارته مديرة المكتبة كرم يوسف ـ بإرهاصات الثورة، وأفراحها العظيمة، ومواضع القلق بها،. فضلا عن الانتخابات والسياسة.. والمجلس العسكري والرئاسة. والانتاج والاقتصاد والبطالة.. والاخوان والأقباط. والمؤامرة والفتنة وغيرها من مباحث الثورة المختلفة التي يدور حولها الحوار المجتمعي حاليا.وبقي أن نقول انه ربما يكون من المعروف أن للدكتور جلال أمين أسلوبا خاصا في الكتابة، يعبر به عن أفكاره في تسلسل منطقي جذاب، لكن الجديد هنا هو ما لمسناه من جاذبية خاصة «لحديثه» أيضا، الذي جاء معبرا عن أكثر الأفكار تعقيدا، بأيسر العبارات وأبسط الكلمات، لذا فقد آثرنا في مواضع عديدة من هذه التغطية أن نترك تعبيرات محدثنا ـ بعاميتها الراقية ـ كما هي دون تدخل منا، لننقل لك أنت أيضا ـ عزيزي القارئ ـ جانبا من جاذبية (الحكي)!وقد بدأ الدكتور جلال أمين بقوله انه لاشك ان الوضع الحالي في مصر يثير الكثير من الأفكار والمشاعر أيضا داخلنا، لكننا نشترك جميعا في الفرح الشديد لما حدث، ولايزال هذا الفرح مستمرا رغم كل التخوفات والأزمات الوقتية مثل خروج (البلطجية) والفتنة الطائفية، وسوف يستمر القلق موجودا لأسباب مختلفة، لكن هذا لايقضي علي (الفرح العظيم) الذي أصابنا.وحول بعض أسباب القلق يضيف قائلا بابتسامة ان احدي المذيعات ذات مرة كانت ذكية أكثر مما هو معتاد وسألته عن رأيه فيما سمته (انفصال الملكية عن الادارة) في الثورة المصرية؟ ويشرح ذلك بقوله اننا نستخدم هذا التعبير في الاقتصاد عند الحديث عن الشركات المساهمة، لكنني وجدت أنه تعبير (ظريف) ويناسب الثورة فعلا، بمعني أن ملاك الثورة هم الذين قاموا بها في ميدان التحرير والميادين الأخري، أما الذين يديرونها فهم أعضاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة وهم الذين يصدرون القرارات رغم أنهم ليسوا من قام بالثورة، وهذا لاينفي أنهم يستوحون رغبات الشباب، ويعدلون قراراتهم وفقا لآراء هؤلاء الشباب. ولكن (بالقطاعي.. تقدر تسميها كده)!لابد من اعطاء الجيش فرصة
ويرد الدكتور جلال أمين علي القلقين من موقف الجيش عموما بقوله إنه الوضع في الماضي لم يكن لدينا ثقة بتاتا في الحكم، ثم قام الشباب بعمل الثورة، وسقطت رءوس النظام، وجاء المجلس الأعلي للقوات المسلحة، ونحن «مانعرفوش كويس» ولانعلم عنه شيئا، لذا لابد من اعطائه فرصة، لاسيما أنهم استجابوا للكثير من الطلبات، كما أنهم خلصونا (من البلاوي اللي كنا فيها) فلاداعي للاستعجال لاشك أن هناك قلقا لكن هناك أيضا أشياء مبشرة.ويؤيد الدكتور جلال قول أحد الحاضرين ان الجيش لو كان يريد الانحياز لما هو قديم لكان قد فعل ويضيف المفكر الكبير قائلا: أنا متفائل، وواضح أن المجلس الأعلي لديه مستشارون يعطونه مشورة جيدة، ويعرفون الكثير فوق مانظن، وإلا فلماذا تم اختيار عصام شرف ونبيل العربي وغيرهما من الأسماء التي تحظي بالاحترام؟ ثم يضحك ويقول: عندما يجلس ثلاثة مثقفين يتحدثون مع بعضهم البعض فإنك تجد كل منهم يقاطع الآخر، لكنني عندما رأيت الضباط الثلاثة الذين ظهروا علي شاشة التليفزيون (في برنامج العاشرة مساء) يتحدثون شعرت بالتفاؤل، وقلت ان الجيش ليس كما كنا نظن.ويضيف الدكتور جلال إلي أسباب القلق فيقول انه لايزال أيضا هناك مسئولون في أماكن مهمة في مؤسسات الدولة وأجهزتها المختلفة بما في ذلك الصحافة والاعلام كما هم لم يتم المساس بهم، ولهم تأثير سلبي، أضف إلي ذلك كبار رجال الأعمال الذين لم يمسهم أحد حتي الآن أيضا، فهؤلاء من مصلحتهم إفساد (الحكاية) ليس بالعمل علي اعادة العهد القديم لأن هذا مستحيل، لكن بتعطيل اجراءات العهد الجديد (لغاية مايشوفوا صرفة يهربوا الفلوس مثلا) لأن تطور الأمور بالطريقة التي تسير بها لاشك أنه سيكون خطرا ليس فقط علي أموالهم، بل عليهم شخصيا!ويعود د. جلال أمين ليوضح قائلا ان كل ذلك لاينفي اننا (لسه فرحانين قوي). وأظن أن الخائفين من «الثورة المضادة» يبالغون نوعا ما، ولا أعتقد انه سيحدث شئ خطير يعطل المسيرة، (أنا مش متشائم قوي) فرجال الاعمال الكبار ربما يقومون بأعمال رديئة لكن الجيش والحكومة الجديدة لديهم القوة الكافية للتصدي لذلك، والجيش عندما أيد الثورة (ما كانش بيلعب) أي أن القرار اتخذ بناء علي قراءة وتفكير، وبالتالي فهم لن يتراجعوا بسهولة ويتركوا الثورة في مهب الريح.أما عن الفتنة الطائفية وهل لمباحث أمن الدولة دور فيها يقول الدكتور جلال أمين انه يميل إلي كونها (مؤامرة) ويضيف: لا أحد يعرف لكنني أعتقد أنها مؤامرة، وماحدث في ميدان التحرير بين المسلمين والمسيحيين ليس غريبا أبدا علي الطبيعة المصرية، التي أفسدتها ظروف نظام اجتماعي وسياسي (سييء جداً)!قالها وهو يضغط علي الحروف بشدة.أين صفوت الشريف ؟!وسؤال آخر تلقاه الدكتور جلال أمين حول الموقف الحالي لكل من زكريا عزمي وصفوت الشريف، فبادر بالرد متسائلا: (هو فين صفوت الشريف؟!) ضحك الحاضرون لكنه استكمل قائلا: (صحيح هو فين؟) وبيعمل ايه دلوقتي؟! دي من الحاجات المقلقة جدا، فهذا الرجل قوي جدا (وكررها) قوي جدا، وهو أحد أعمدة النظام وأعتقد أنه مسئول أكثر من حسني مبارك نفسه، والأهم من محاسبته عن الماضي هو منعه من أي تصرفات في المستقبل، ولاشك أن وضعه ووضع زكريا عزمي من التساؤلات التي لابد من البت فيها بسرعة!ويعتبر الدكتور جلال ان الثورة المصرية كان لها ارهاصات كثيرة منها تتابع اعتصامات العمال في مصر وحادث خالد سعيد في الاسكندرية والتمادي في حكاية (التوريث بطريقة مجنونة)، بالاضافة إلي تزوير انتخابات مجلس الشعب التي قال عنها ان الحكومة تصرفت فيها بشكل غير مألوف وباجرام غير معهود، وعندما ردت احدي الحاضرات بقولها ان الحكومة تصرفت فيها بطريقة غبية، قال الدكتور جلال : هم ليسوا أغبياء، هم مجرمون!وقبل الغوص في تفاصيل الثورة المصرية يتعرض المفكر الكبير لمسألة تتابع الثورات في العالم العربي فيقول: سأكون صريحا معكم وسأقول المخاوف التي لدي (بس يمكن أخففها شوية وانتم حتفهموا قصدي!) أنا في الحقيقة (مستغرب ماأخبيش عليكم) أن تتوالي الثورات في المنطقة بهذا الشكل، صحيح أن مسألة العدوي موجودة، وأن كل الدول العربية لديها أسباب موضوعية قوية جدا لقيام الثورات بها، فكلهم لديهم مشاكل والأنظمة سيئة للغاية، لكن هل يسير التاريخ هكذا عادة؟! تونس ومصر ثم اليمن والبحرين وعمان وليبيا طبعا، والأردن إلي حد ما، والسعودية إلي حد ما؟ كل ما أريد قوله هو دعونا نراقب ونلاحظ ونفكر.. هل يسير التاريخ هكذا عادة؟ هل هناك مساعدة من الخارج؟! أنا أتساءل ويصمت!لماذا الاسراع بإجراء الانتخابات ؟
علي أي حال. كيف يمكن أن تسير الأمور في مصر غدا؟ يقول الدكتور جلال انه لايوافق بتاتا علي الاسراع في اجراء الانتخابات النيابية أو حتي الرئاسية ويتساءل.. كيف يمكن اجراء انتخابات نيابية في ظل الأحزاب الموجودة حاليا؟ لقد باعت هذه الأحزاب نفسها للنظام السابق، وظلت تعاني لمدة ثلاثين عاما من الحرمان من الحوار والمناقشة، فلابد أن نترك الناس لتتكلم وتكتشف زعماء جدد، (مصر مليانة ناس يصلحوا للزعامة مش بس 3 أو 4 أسماء اللي ترددها الصحف)، وواحد منهم خدم النظام مدة طويلة جدا، ايه ده؟! ايه ده؟! لا داعي للاستعجال وحتي لو كان وضع الدستور الجديد يحتاج مدة تصل إلي سنتين (طيب خلينا سنتين)، لكن خلال هذه الفترة يتم اطلاق الحريات وحق تكوين الأحزاب، ونعمل علي ضرب الفساد وتزاوج السلطة مع المال حتي يكون لدينا ديمقراطية حقيقية.ويوضح ان تزاوج المال والسلطة موجود في مجالات عديدة، منها القضاء، حيث يتم انتداب القاضي للعمل، في شركات وهيئات مختلفة فيأخذ مبلغا جيدا من المال، حتي يتم استخدامه بعد ذلك في قضية ما يراد الحكم فيها بشكل معين، كما أن هذا التزاوج موجود في الاعلام، فعندما نجد رئيس تحرير جريدة يعطي عقدا بمليون ونصف المليون جنيه هدية لسيدة مصر الأولي فماذا نسمي ذلك؟
اذن فلاداعي للاستعجال في اجراء الانتخابات، ولكن هل يظل الجيش هو الذي يحكم خلال الفترة المقبلة؟ الدكتور جلال أمين يقول ان حكاية المجلس الرئاسي تعتبر حلا لا بأس به، بحيث يمكن ان يضم واحدا أو اثنين من المجلس الاعلي للقوات المسلحة بالاضافة إلي ثلاثة أو أربعة أو خمسة من المدنيين ممن يحظون بالاحترام والقبول العام ثم يسأل الحاضرين هل أقول أسماء؟ هناك الدكاترة محمد غنيم ومحمد أبو الغار وعبدالجليل مصطفي، وهناك كتاب وصحفيون يتمتعون باحترام شامل مثل سلامة أحمد سلامة (يمكن هو كبير في السن شوية) وهناك قضاة مثل هشام البسطويسي وأحمد مكي وغيرهم ممن احتجوا علي الانتخابات التي كان يجريها النظام الماضي (مصر مليانة ناس من هذا النوع).وماذا عن الأسماء المطروحة حاليا للرئاسة؟!ولمن منها يميل الدكتور جلال أمين؟ يرد قائلا انني سأكون حزينا للغاية لو أنحصرت المسألة فعلا في هذه الأسماء، دون ذكرها، لانه (مايصحش) بعد غياب الحرية خلال الفترة الطويلة الماضية تأتي لتقول لي (اختار ده أو ده، ماينفعش كده!) لماذا نقبل هذا الوضع؟! يبدو أن ثلاثين أو خمسين عاما من الديكتاتورية قد أفقدتنا الوعي ونسينا (ايه اللي المفروض يحصل، يعني أي واحد نلاقيه كده مش بطال وابن حلال وطيب نقول ماشي)، هذا دليل علي ان الفترة الماضية (تعبتنا قوي) ويكررها (تعبتنا قوي)!الثورة تستحق أكثر
ماذا عن الاقتصاد في مصر بعد الثورة؟
يقول الدكتور جلال: لاشك ان الاقتصاد أصيب بصدمة كبيرة جدا خلال الشهرين الماضيين، لكن هذا طبيعي، وينبغي ألا نقلق كثيرا من هذه المسألة، والمفروض أن ثورة بهذا الحجم يمكن أن تؤدي التي تأثر الاقتصاد أكثر مما حدث، وقد سمعت شبابا يعبرون عن القلق مما اذا كان ما فعلوه في ميدان التحرير قد أدي إلي أضرار اقتصادية أكثر من اللازم، وهذه مسألة (ظريفة) منهم، لكن الحقيقة هي أن ما فعلوه (يستأهل أكثر بكثير قوي من الخسارة، وحنعوض هذه الخسارة وزيادة).لكن مصر اضطرت إلي السحب من الاحتياطي الذي لديها من الدولار فما العمل؟! الدكتور جلال يقلل من خطورة هذا ويقول انه عندما تضعف الصادرات بشدة لايكون أمامنا إلا اللجوء إلي الاحتياطي الأجنبي الذي لدينا، ولحسن الحظ أن هذا الاحتياطي يعتبر جيدا جدا، ويقدر بحوالي ثلاثين بليون دولار، وقد مررنا بفترات سابقة، كان الاحتياطي فيها أقل من ذلك بكثير، ولا بأس أن نأخذ ثلاثة أو أربعة بليون دولار منها لكي نواجه المرحلة الحالية (ده مايخوفش).وتسأل احدي الحاضرات الدكتور جلال قائلة: ماهي أول ثلاثة قرارات ستتخذها اذا كنت وزيرا للمالية؟! ويعلق علي السؤال بقوله انه سؤال مشروع لكنه يحتاج إلي تفكير ويقول ان أهم مشكلة اقتصادية تواجه مصر الآن هي البطالة، التي تعد سببا لأشياء (فظيعة) في المجتمع والاقتصاد والحالة النفسية والعلاقات الاجتماعية، ولكن لايمكن معالجة هذه المشكلة بقرار يصدر غدا، بل انها تحتاج إلي خطة مدتها خمس سنوات.ويوضح الدكتور جلال أمين حجم المشكلة بقوله ان لدينا زيادة سنوية في عدد المتبطلين (العاطلين) تقدر بحوالي سبعمائة ألف شخص، ولايزال هذ العدد يتراكم عبر السنين حتي أصبح بالملايين، وهذا يبين (أن المشكلة كبيرة قوي) وتحتاج إلي اشتراك عدة وزارات في حلها، وأن يكون مجلس الوزراء لديه وجهة نظر محددة وخطة لحل المشكلة.ويعود ليرد علي ما طرحته السائلة بشأن أولي قراراته (كوزير للمالية) فيقول انه لابد من وضع خطة لأول ثلاثة أشهر ثم خطة مدتها سنة وأخري مدتها خمس سنوات، أما خطة الأشهر الثلاثة الأولي فتعني بالعمل علي اعادة دوران عجلة الانتاج حتي يعود مجري الاقتصاد إلي ما كان عليه قبل 25 يناير، وذلك بتشجيع المستثمرين علي العودة للاستثمار وتوفير المواد الأولية للمنتجين واعادة فتح المصانع وهكذا.ثم يضيف انه لابد في الوقت نفسه من العمل علي مستوي المراحل الأخري أيضا، ولكن لابد أن تكون هناك لجنة من الاقتصاديين الذين يضعون الخطط الزمنية، علما بأن لدينا أساتذة عظماء في معهد التخطيط (بقالهم سنين) ما بيعملوش) حاجة خالص، وقاعدين بس علي مكاتبهم، لأن التخطيط بقي دقة قديمة!) لماذا؟ هل لابد أن تخطط لنا الشركات الدولية؟!من لم يخطط لنفسه خطط له غيره، وعندما تخلينا عن التخطيط فاننا بذلك وافقنا علي أن يخطط لنا الآخرون، آن الآوان أن يتولي الاقتصاديون الوطنيون وضع الخطط لنا، علي أن نبدأ بالتخطيط لحل مشكلة البطالة.المادة الثانية
وبالعودة من الاقتصاد إلي السياسة ارتفعت درجة حرارة الحديث في الندوة، عندما تلقي الدكتور جلال أمين سؤالا حوال رأيه في المادة الثانية من الدستور الخاصة بالشريعة الإسلامية، رد المفكر الكبير قائلا: أنا رأيي واضح جدا وهو أن هذه المادة لابد أن تظل موجودة (لازم تفضل. لازم تفضل) لأن الغاءها (أو اللعب) فيها خطأ كبير جدا، فالاقباط علي العين والرأس، لكننا دولة الغالبية العظمي فيها مسلمون، وتأثير الثقافة الإسلامية في ثقافتنا هو الأهم مع وجود الثقافة القبطية بالطبع، ولا أستطيع أن أرفض أن تكون الشريعة الاسلامية مصدرا أساسيا للتشريع في دولة أغلبيتها من المسلمين وثقافتها اسلامية.ثم يوجه الدكتور جلال كلامه للسائل قائلا: عندي أكثر من تفرع من الموضوع ربما تقنعك وهي أولا أن هذه المادة كانت موجودة في دستور سنة 1923، وأن الأقباط كانوا أعضاء في اللجنة التي وضعتها، وعندما كانت العلاقة بين المسلمين والاقباط جيدة لم يكن أحد يثير هذه النقطة، ولم تتم اثارتها الا عندما بدأ التوتر يصيب العلاقة بين الجانبين.وثانيا أن مكرم عبيد (الله يرحمه) كانت له كلمة بديعة وهي أنا قبطي دينا ومسلم وطنا فماذا تعني (مسلم وطنا)؟ أي أنه ينتمي الي دولة ثقافتها الاساسية مستمدة في الاسلام.حديث أحمد بهاء الدين
وثالثا ان هناك قصة رواها لي شخصيا أحمد بهاء الدين الذي نحبه جميعا ونحترمه، وهي أنه كان في زيارة لقريب له في احد المستشفيات، وعلم بوجود المرشد العام للإخوان المسلمين أو نائبه في نفس المستشفي فذهب اليه والتقي به، ودار بينهما حوار حول تطبيق الشريعة الإسلامية، حيث قال بهاء الدين انه ليس لديه أي مانع من تطبيق الشريعة الإسلامية لكن قل لي من الذي سيطبقها؟
ويضيف جلال أمين ان أحمد بهاء الدين الذي قال ذلك هو شخص عقله مضيئ جداوهو علماني وكان متزوجا من مسيحية، ورغم كل هذا فقد قال هذه المقولة: (قل لي من سيطبقها.. هو ده الكلام) فالشريعة الإسلامية شريعة مضيئة جدا، والقانونيون الفرنسيون يعتبرونها من أعظم النظم القانونية في العالم، ولكن من الممكن أن تعطي هذه الشريعة إلي شخص (ظلامي فيقلبها ظلمة)، وبالطبع لابد أن يكون لدينا دولة مدنية، لاخلاف علي ذلك، فالدولة الدينية مرفوضة تماما، ففي هذه الأخيرة يكون الحكم بإسم الدين، أي انك عندما تحكم تقول انا وضعت هذا القانون لأن (ربنا بيقول كده)، هذا مرفوض، ولابد أن تقول انني وضعت قانونا ما لأن العمل والمصلحة الاجتماعية تقتضي هذا.ولذلك فالمهم هو أنك (ستعطي الشريعة لمن كي يفسرها؟) وكل شئ في القوانين يمكن أن يقول قائل ان الشريعة تمنعه بينما يقول آخر ان الشريعة تسمح به. ففوائد البنوك مثلا تجد أن الشيخ محمود شلتوت وغيره قالوا انها (مفيهاش حاجة) وآخرون يرفضونها، وهكذا.ويضيف قائلا: سمعت ان نجيب ساويرس رفض الغاء هذه المادة، وللعلم فإنه إذا تم الغاء المادة من باب الأمن وحده فإن ذلك سيؤدي إلي فتنة لاتنتهي.وما تلغيهاش والدنيا «متلهلبة» كدة، وإلا فأنت عايز تعملها نار بقي!، وأي مادة في الدستور حتي تلك التي تتحدث عن الحرية وحقوق الانسان يمكن أن تستخدم ضد المصلحة العامة، والروس علي سبيل المثال استخدموا كثيرا الحرية وحقوق الإنسان للتنكيل بالناس!الإخوان. والحرية
ماذا عن الاخوان المسلمين؟ للدكتور جلال أمين رؤيته الخاصة حول هذه المسألة أيضا يعبر عنها بقوله انه إذا تم اجراء الانتخابات بعد فترة عامين مثلا مع السماح لجميع القوي خلالها بحرية الحركة، فإن الإخوان لن يكون لهم نفس الاحتكار الذي لديهم الآن، لأن القسوة التي عوملوا بها كانت سببا في زيادة شعبيتهم، وما رأيناه في ميدان التحرير هو ان هناك قوي اجتماعية وسياسية كبيرة موجودة في الشارع ولا تنتمي لهذا التيار، والتطرف الديني في الميدان لم يكن واضحا أبدا، فما بالك لو أعطيت جميع القوي بما فيها الإخوان فترة عامين لتكلموا ويتناقشوا ويجتمعوا؟ إذا حدث هذا، ورشح الإخوان بعد ذلك أنفسهم، وأجريت انتخابات نزيهة بنسبة 100% وتحت اشراف قضائي، ثم فازوا فلماذا ترفضهم وتقول لهم لا؟
ويضيف قائلا أنه يعرف أشخاصا وثيقي الصلة بالاخوان (متنورين جدا) وليس معني أن شخصا ما من الاخوان أنه (ظلامي)، فمثلا هناك الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح آراؤه نيرة جدا، وهو يؤيد الدولة المدنية بالفعل لا الدولة الدينية، وهذا هو ما نريده وهو ألا يكون الحكم باسم نص ديني أو قرآني ولكن باسم المنطق والمصلحة العامة، وهذا لا ينفي أن الشريعة ستظل تهدينا في بعض المبادئ العامة التي تكلمت هي عنها.ولكن علي أي حال ـ في رأي الدكتور جلال أمين ـ فإنه حتي المتطرفين من الإخوان لا شئ يصلح تطرفهم إلا الحرية، فلابد أن نعطيهم فرصة ونتركهم ليتفاعلوا مع الناس، والناس تصلح لهم، ثم يردون هم، وهكذا وربما يكون هذا كلاما (مثاليا) نوعا ما، لكن هذه هي الحقيقة، وهي أنه لا شئ يصلح التطرف إلا الحرية، لا التعذيب!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق