اخر الاخبار

26‏/09‏/2011

حتى لا تكون رئيس حكومة «الثورة المضادة» يا د.شرف بقلم د.طارق الغزالى حرب

هذا سؤال واضح وصريح ومُحدد للدكتور عصام شرف، رئيس الوزراء: هل جرى اختطافك من على أعناق الثوار وجموع الشعب يوم الجمعة المشهورة التى ذهبت فيها إلى التحرير قبل أدائك اليمين كرئيس حكومة الثورة ارتضته جموع الشعب، بعد أن توسمت فيه خيراً وكفاءة؟! أغلب الظن أن هذا قد حدث بالفعل، وأن الخاطفين هم قوى الثورة الأخرى المضادة الذين يتوهمون أنهم باقون وسيعودون فى يوم قريب أقوى وأشرس وأخس مما كانوا، بل سيردون الاعتبار للقراصنة اللصوص ورجال العصابات الذين حكموا البلاد وأكثروا فيها الفساد طوال عقود من القهر والاستعباد.. إنهم يحلمون بعودة سلطانهم وسطوتهم واستغلالهم التى أسبغها عليهم أسيادهم من شياطين الإنس الذين اقتلعهم الثوار من على عروشهم ورموا بهم داخل السجون. لقد اختطفك هؤلاء يا د.شرف وأكاد ألمحهم يستعدون لحملك على أعناقهم ليطوفوا بك ميادين حى مصر الجديدة ومسجد مصطفى محمود وهم يهتفون «آسفين ياريس»!أرجوا ألا تغضب يا د. شرف من هذا الكلام، فأنا أسمعه بصوت عال فى كل مكان أذهب إليه، يلخصه السؤال الدارج هذه الأيام: «ماذاً فعلت لنا وبنا الثورة؟!» أليس هذا نجاحاً لقوى الثورة المضادة؟ ألا تعرف ماذا يحدث لشعبك هذه الأيام من إذلال وإفقار وامتهان لم يصادفوا مثيلا له من قبل، وكيف تنام قرير العين وتظن أن الأمور ستصلح نفسها بنفسها بقدر غريب من التخاذل والتجاهل والاستسلام لأفكار ثبت أنها فى صالح القِلة وضد مصلحة الأغلبية من الشعب المصرى؟ هلا نزلت إلى الأسواق- التى يبدو أنك لم تذهب إليها منذ تناولت إفطارك فى محل الفول والطعمية- وسألت عما حدث لأسعار السلع الغذائية الأساسية التى لاغنى لأى بيت عنها خلال الأشهر القليلة الماضية؟

 هل تعلم ماهو شعور الأب الذى لا يستطيع شراء مُستلزمات عمل ساندويتشات لأطفاله وهم ذاهبون للمدرسة أو ثمن كوب من اللبن لهم فى ظل رواتب حكومتك الخائبة، وتستنكرون بعد ذلك إضراباتهم واعتصاماتهم التى أطلقتم عليها مطالب فئوية؟! هل تطلب تقريراً يومياً عن متوسط أسعار الأرز والسكر والزيت والفول والبيض واللبن والجُبن والخضراوات والفواكه والدواجن واللحوم، مع مقارنة ذلك بما كان فى ظل النظام الفاسد الظالم السابق- والذى كان أحد أسباب قيام الثورة- على الرغم من أنه كان أقل بكثير مما هو الآن؟!

لعمرى أنك ستُذهل عندما تجد أن معاناة الناس مع توالى شهور توليك السلطة أصبحت أكثر، وتبرمهم وضيقهم أشد، وأتعجب كيف لرجل يتولى منصباً سياسياً رفيعاً مثلك لا يدرك حتى الآن أموراً واضحة وضوح الشمس فى عز النهار! إن قوى «الثورة المضادة»، وعلى رأسها غالبية من يُسمون أنفسهم «رجال أعمال» هم ليسوا أكثر من تجار محتكرين وسماسرة مستوردين يتحكمون فى أسعار السوق كما يريدون فى ظل الغياب التام للدولة وانسحاقها أمامهم، وهم يقومون بكل الحيل القذرة لرفع الأسعار وتعطيش الأسواق حتى يزداد تبرم الناس ونقمتهم على الثورة والثوار، وعندما تجوع البطون تتوه العقول كما يٌقال.

سيدى رئيس الوزراء.. إذا لم يكن لديكم ولا لأحد من نوابك ووزرائك القدرة على فهم ما تواجهه الثورة المصرية العظيمة من مؤامرات، والقدرة على إبداع الحلول وابتكار الأفكار الجديدة، فاتركوا أماكنكم لمن هو مؤهل لذلك قبل أن تغرق المركب بكل من عليها.. ما هذه الوزارة التى ورثتها وكانت من بنات أفكار مليونيرات أمانة السياسات المُسماة «وزارة التضامن الاجتماعى» التى كُلِفت بمهام ثلاث وزارات أساسية ولكنها لم تكن لها قيمة فى نظرهم، حيث إنها وزارات تتعامل مع ملفات الغلابة؟! لماذا لا تُعيد منصب «وزير التموين» وتختار لهذا المنصب أحد الشرفاء المخلصين الذين يشعرون بمعاناة المواطن المصرى، فقيراً كان أو متوسط الحال؟

 لماذا لا تصدر الحكومة قوانين صارمة بتسعيرة جبرية لكل السلع مع تخفيض هامش الربح للتجار والوسطاء ومنع الاحتكار والأمر بتثبيت الأسعار لمدة عام بصفة مبدئية، والضرب بيدٍ من حديد على كل من يتجاوز هذه الأسعار صغيراً كان أو كبيراً، مع تقوية ومُساندة وتعظيم شرطة التموين وتوسيع سلطاتها؟ هل مازلت مقتنعاً بكلام أولئك المرجفين والمتآمرين وأصحاب المصالح وعملائهم فى بعض وسائل الإعلام عن حرية السوق والعرض والطلب وغير ذلك من الكلام الفارغ الذى يرددونه كالببغاوات منقولا عن نُظم وشعوب وتجارب لا تمت إلينا بأى صلة ولا تأخذ فى اعتبارها ظروف المرحلة الحالية؟ هل كل المطلوب منك أن تصرح بأنك أيضاً تعانى من ارتفاع الأسعار وأن ترسل فى الهواء كلمات لا قيمة حقيقية لها مثل تفعيل أجهزة ضبط الأسواق والتى لا يفهم أحد فى مصر ماذا تعنى بها وأين هى وماذا فعلت؟

كيف تقف مكتوف الأيدى هكذا أمام أزمات البنزين والنقل والمواصلات وقطع وانسداد الطرق وكلها مُدبرة بإحكام من أعوان وبلطجية النظام الساقط، ويفضحها الذين يتحججون بما يسمونه «الانفلات الأمنى»، الذى يعرف القاصى والدانى أن من يرعاه ويقف وراءه هم رجال المجرم حبيب العادلى، الذين لم تتطهر منهم وزارة داخليتك. تُخيفنى وتُرعبنى طيبتك ووداعتك يا د.شرف فى هذه الأيام التى تتطلب نوعية مختلفة من الرجال الذين يؤمنون بحق أن مافعله شعب مصر العظيم هو ثورة بكل ما تحتويه هذه الكلمة من معنى التغيير الجذرى الحاسم والكامل والذى لا يساوم، اعتماداً على شرعيتها التى تجُب أى شىء آخر..

ولست أدرى لماذا يأتينى هذه الأيام فى نومى كابوس يتكرر كثيراً أراك فيه على شاشات التلفاز بوجهك السمح الطيب وأنت تقول: «إحنا آسفين ياريس»، ثم تلتفت إلى فقراء شعبك الذين حملوك على الأعناق يوماً ما وتقول لهم بنبرة حادة: «من أنتم؟» !! والله الموفق والمستعان.. كما قال عمنا عمر سليمان!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق