اخر الاخبار

16‏/09‏/2011

هكذا يولد الزعماء بقلم حسن المستكاوي

حسن المستكاوي
●● فى 29 يناير 2009، غادر رجب طيب أردوغان منصة مؤتمر دافوس غاضبا بعد أن رد بعنف على الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز بعد دفاعه عن شن الحرب على غزة.. وقال أردوغان: «أنت أكبر منى سنا، ولكن لا يحق لك أن تتحدث بهذه اللهجة والصوت العالى الذى يثبت أنك مذنب.. وأنا صوتى أعلى منك.. الجيش الإسرائيلى يقتل الأطفال على شواطئ غزة ورؤساء وزرائكم يكونون سعداء عندما يدخلون غزة على متن دباباتهم..»..
هب أردوغان واقفا حين حاول رئيس الجلسة أن يعترضه، وصاح وهو يغادر المنصة: لن أحضر مؤتمر دافوس بعد هذا..
 ●● فى حفل عشاء دعا إليه رئيس الوزراء التركى مساء أمس الأول خلال زيارته للقاهرة، واصل الرجل صدقه وبلاغته، وتحدث عن مفهوم العلمانية، فقال: نحن دولة علمانية مدنية ديمقراطية اجتماعية، تعنى بالعدالة الاجتماعية، والعلمانية ليس لها علاقة بالتعريف الغربى، ونحن نرى أنه لابد أن نكون على مسافة واحدة من كل الأديان.. ونحن مسلمون، ولا يوجد حزب للمسلمين، لأننا نخطئ كبشر، لكن الدين لا يخطئ.. ولا أريد أن أحمل أخطائى على الدين.

 ●● سئل أردوغان خلال العشاء عن الحرية وعن الحجاب.. فأجاب: «الحرية يجب أن تكون للكل.. هل تتصور أنى أرسلت بناتى إلى أمريكا لدخول الجامعة، لأنهن لم يتمكن من دخولها فى تركيا، لأنهن محجبات».

●● تحدث أردوغان عن ثورة مصر، وقال: لو نجحت الثورة، وهى سوف تنجح، فإنها ستغير المنطقة، وكلما مررت هنا من ميدان التحرير أشعر أنه فى هذا الميدان كتب التاريخ.. وسوف يكتب التاريخ عن ثورة مصر، وأسأل نفسى الآن: هل سأعيش حتى اقرأ هذا الكتاب؟

●● وواصل الرجل بلاغته وصدقه وثقافته التى يصوغ بها كلماته، فقال:

«مصر القاهرة.. خرج منها الفكر القومى، والفكر الليبرالى، والفكر الإسلامى.. وأؤكد لكم أن بوعزيزى الذى أشعل ثورة تونس، فعل ما فعله من أجل كرامته. والشباب المصرى الذى أشعل ثورة مصر فعل ذلك من أجل كرامته.. إن الدول تنهض بمحاربة الفساد والفقر وبكرامة المواطن.. سلام على مصر.. سلام على ثورة مصر.. سلام على شباب مصر».

●● كانت كلمات أردوغان فى جامعة الدول العربية، وفى الأوبرا، وفى المؤتمر الصحفى، وفى حفل العشاء، حافلة بالحماس والصدق والبلاغة.. وبالحماس والصدق وصل لقلوب الناس، وبالبلاغة شد انتباه الناس، ليس كل الحكام يملكون هذا الصدق، وليس كل الحكام يملكون تلك الكاريزما، وليس كل الحكام يملكون تلك الثقافة..
●● وصل رجب طيب أردوغان إلى منصبه بعد رحلة كفاح وعمل طويلين بالسياسة، وهو طوال حياته كان قارئا جيدا، لاسيما قراءة التاريخ، وبالقراءة والتأمل وممارسة العمل السياسى فى الشارع اكتسب خبرة التعامل مع الجموع.. وعرف كيف يخاطب تلك الجموع.. لكن أهم شىء أنه صادق، حتى لو كان على خطأ، فهو يتحدث بما يشعر به، ولا يتحدث بما يجب أن يتحدث به.. كثير من الحكام يقولون ما لا يفعلون.. أما رجب طيب أردوغان فإنه يقول ما يدرك أنه يستطيعه..

هكذا يولد الزعماء فى التاريخ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق