اخر الاخبار

21‏/09‏/2011

مبادرة عمرو موسي بقلم: محمد سلماوي

كلما اقترب موعد الانتخابات البرلمانية ظهر بشكل أوضح قدر عدم استعداد البلاد لهذه الانتخابات
محمد سلماوي

والتي صار إجراؤها ينبئ بمواجهات عنيفة لابد ستقع في ظل حالة الانفلات الأمني السائدة الأن, وما ستؤدي إليه من مزيد من الفوضي في المجتمع ككل, وليس في المحيط الانتخابي وحده.
من هنا تأتي أهمية الدعوي التي أطلقها المرشح الرئاسي عمرو موسي لايجاد آلية قومية لإدارة المرحلة الانتقالية الحالية, والتي وصلت بنا إلي حالة من ضبابية الرؤية وغموض النوايا ضاعت معها معالم الطريق, وصار السؤال الذي يتردد في الذهن وعلي كل لسان هو: إلي أين نحن ذاهبون؟ ولماذا الإصرار علي بعض الإجراءات التي لايرضاها الشعب؟
إن تشكيل لجنة وطنية تضم مختلف القوي السياسية من أحزاب وتيارات ونقابات واتحادات وشباب تضع مسئولية إدارة المرحلة الانتقالية التي تمر بها البلاد الآن علي عاتق المجتمع بأسره ولا تحصرها في المجلس العسكري وحده, ثم إنها تعتبر أفضل السبل لضمان أن كل قرار يصدر سيكون معبرا عن إجماع وطني وليس مفروضا من أعلي.
لقد كان من الطبيعي ـ وإن لم يكن من الانصاف ـ أن يتحمل المجلس العسكري وحده حتي الآن غضب الجماهير التي تضع عليه مسئولية ما آلت إليه الثورة بعد أن وصلت إلي شهرها الثامن دون أن تتحقق الأهداف التي خرجت من أجلها, وقد يقال بالطبع إن هناك الكثير مما تحقق وتكفي الإشارة هنا إلي إسقاط رأس النظام, وهو إنجاز لايمكن الاستهانة به, ولكن الثورة التي طالبت بذلك كان هدفها أن يسقط النظام بأكمله ويحل محله نظام حكم جديد وهو ما لم يتحقق حتي الآن, وإذا نظرنا إلي ثورة  1952علي سبيل المثال نجد أنها أسقطت رأس النظام الملكي, الفاسد يوم 23 يوليو وأخرجته من البلاد يوم 26 يوليو, ثم بدأت علي الفور, إقامة النظام البديل فأصدرت بعد ذلك بأسابيع قليلة وليس بشهور قانون الإصلاح الزراعي الذي غير شكل الملكية الزراعية في البلاد, ثم سرعان ما جعلت من مصر جمهورية ويأتي رئيسها إلي الحكم بالانتخاب وليس بالميراث.
والفارق بين الثورتين هو أن من قاموا بالثورة في  1952هم الذين تولوا أمور البلاد فكان بيدهم وضع وتطبيق السياسات الجديدة التي تحقق أهداف الثورة, أما في عام 2011 فإن الشباب الذين فجروا الثورة ليسوا هم الذين يديرون البلاد الآن وإنما أسند الرئيس السابق هذه المهمة الثقيلة عند تنحيه للقوات المسلحة فرحب الشعب بذلك, حيث إن القوات المسلحة هي التي حمت الثورة ولولاها لاتخذت الأحداث منحني مغايرا تماما لما حدث. لكن إدارة المرحلة الانتقالية الحالية بما يحيطها من مخاطر أدت إلي وضع لم يعد يرضي أحدا, فالفوضي التي بدأت في الشارع إنتقلت الآن إلي العقول ذاتها فاختلطت المفاهيم وتداخلت السياسات, وشهدنا الجموع الغاضبة تستهدف أجهزة الدولة ومؤسساتها وليس النظام, بينما الثورة لم تقم من أجل إسقاط الدولة, وإنما من أجل إسقاط النظام, والفرق بين الدولة والنظام شاسع, بل إن إحدي آفات النظام السابق كانت أنه عمد إلي الخلط بين الاثنين حتي تطابقا, وإذا كنا نتحدث الآن عن ثورة فإن علينا ألا نقع في نفس الخطأ فننتهج نفس السياسات.
لقد وصل حد الفوضي وخلط المفاهيم أن طال الهجوم مقر المجلس العسكري ذاته ووزارة الداخلية ولوح البعض باستهداف قناة السويس, وبدأ المشهد يتغير فتوارت صورة الشاب الذي يقبل أحد الجنود في ميدان التحرير ووراءهما دبابة كتب عليها يسقط حسني مبارك! أمام صورة الجموع الغاضبة التي حاولت التوجه إلي مقر المجلس العسكري؟
إن السبب في ذلك هو أن المجلس العسكري وحده الذي يتحمل مسئولية المرحلة الانتقالية بكل ما تتضمن من مخاطر وصعوبات, بينما المراحل الانتقالية في تاريخ الأمم هي مسئولية المجتمع كله, خاصة في حالتنا, حيث شارك المجتمع كله في قيام الثورة التي فجرها الشباب, فأين هذا المجتمع الآن من الحكم؟ أين ذهبت جموع الشعب بمختلف فئاته التي شاهدناها وشاهدها العالم في ميدان التحرير, ما بين رجل وامرأة وكهل وصبي وغني وفقير مسلم وقبطي؟ هل كانت مهمتهم تنحصر في تأييد الثورة ثم العودة من حيث أتوا؟ لو كان هذا هو الحال لكان ما حدث في يناير الماضي مجرد مظاهرة عبر المشاركون فيها عن رأيهم ثم انصرفوا وعادت الأمور إلي ما كانت عليه, لكن الواقع يشير إلي غير ذلك, فقد استمر الشعب يخرج إلي ميدان التحرير حتي بعد أن عبر عن موقفه من النظام وأعلن مطالبه والتي تركزت في الدولة المدنية الديمقراطية التي تقوم علي الحرية والكرامة الانسانية والعدالة الاجتماعية.
إذن فجماهير الثورة مازالت حاضرة في الشارع لكنها غير حاضرة في الحكم, وقيمة مبادرة عمرو موسي أنها تنقل الثورة إلي مرحلة أكثر تقدما لأنها تتيح لممثلي الشعب المشاركة في تحديد معالم الطريق الذي علينا أن نسلكه في هذه الفترة الحساسة فينقشع الضباب وتتضح الرؤية.
إن مهمة المجلس العسكري والتي لايمكن أن يقوم بها غيره تنبع من أنه هو الضامن لهذا التحول الذي ستتوافق عليه اللجنة القومية المقترحة دون أن يتحمل وحده ما قد يكون لدي البعض من تحفظات أو انتقادات أو غضب.
إن إشراك المجتمع بأسره في تحمل المسئولية هو الضمان الأكيد بألا توجد هناك تحفظات أو انتقادات أو غضب؟ وإذا وجدت فإن المسئول عنها يكون في هذه الحالة هو المجتمع كله وليس المجلس العسكر ي وحده, لأن اللجنة الوطنية التي يقترحها عمرو موسي هي تكريس لروح الاستفتاء التي لجأ إليها المجلس العسكري للرجوع إلي رأي الشعب ليس لمرة واحدة من أجل تعديل مواد في دستور سقط وانتهي أمره, وإنما بصفة دائمة من خلال المشاركة في وضع خريطة الطريق التي يمكن أن تنقلنا إلي المجتمع الجديد الذي نتطلع إليه, فهل يكتب لها النجاح؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق