اخر الاخبار

22‏/07‏/2011

الطلب لايزال فى جيبه بقلم محمد سلماوى

بعد تفكير كثير، ومعاناة أكثر، قرر الحاج عبدالشكور التوجه إلى مكتب وزير من بلدياته ليقدم له التماساً موقعاً من جميع أهالى بلدته، يطلب من الوزير العمل مع رفاقه فى الوزارة لإنهاء حالة الفوضى المنتشرة فى البلدة وتحقيق الأمن والاستقرار للبلاد.
لكن الحاج عبدالشكور حين وصل إلى مكتب بلدياته الوزير، وجده منشغلاً ما بين اتصال تليفونى مع المجلس العسكرى ومندوب ينتظره من مجلس الوزراء وحشد من المعتصمين على بابه من الشباب الذين ينتمون لمجلس ثالث عنوانه فى ميدان التحرير.

واندهش الحاج عبدالشكور حين وجد بلدياته الوزير بمجرد أن انتهى من مكالمته مع المجلس العسكرى يلقى بالسماعة ويخرج مسرعاً للقاء المعتصمين، بينما ظل مندوب مجلس الوزراء فى مكانه ينتظر بما جاء به من أوراق.
ووقف الحاج عبدالشكور قابضاً بكل قوة على طلب أهل بلدته الذى حمّلوه له أمانة للوزير، وهو ينتظر أن يتمكن الوزير من أن يصرف الشباب ببعض الكلام المعسول والوعود التى عادة ما يستخدمها الوزراء للتخلص من المواقف الصعبة، لكن المقابلة طالت والشباب لم ينصرفوا رغم توسلات الوزير ورغم استجابته لكل مطالبهم.
واتجه الحاج عبدالشكور إلى مدير مكتب الوزير يسأله: متى سينفض اجتماع الوزير بشباب الميدان؟ فقال له: حين تنفض الثورة، فسأل الحاج: ومتى يكون ذلك؟ قال: لا يبدو لى أنها ستنفض رغم كل محاولات الوزير المستميتة لفضها.
وخرج الحاج عبدالشكور من مكتب الوزير فى جيبه الطلب الذى جاء به، وقد داخله شعور باليأس من تلبيته، وقبل أن يغادر القاهرة توجه مرة أخيرة إلى الوزارة فوجدها مقلوبة رأساً على عقب، ووجد الحشود قد ازدادت على باب الوزير، ووجد موظفى الوزارة يتحلقون حول رجل لم يره من قبل، ولما استعلم عنه من مدير مكتب الوزير قال له: «ده الوزير الجديد.. بلدياتك خلاص مشى.. إمشى إنت كمان بقى!» لكن الحاج عبدالشكور بدلاً من أن يمشى توجه إلى الوزير الجديد بطلبه قائلاً إنه يحمل توقيعات كل أهل بلدته، فحياه الوزير متصوراً أنه يحمل برقية تهنئة ولم يأخذ منه الطلب، فقد تلقى مكالمة عاجلة من مجلس الوزراء تفيد بأن حلف اليمين سيكون فى المساء، عندئذ قرر الحاج عبدالشكور الانصراف والعودة فى اليوم التالى حين يكون الوزير قد حلف اليمين.
أما فى اليوم التالى، فقد وصل الحاج عبدالشكور إلى الوزارة فلم يجد بها أحداً، كانت الوزارة خالية على عروشها، وحين سأل أحد الخفراء الذى بدا أنه بلدياته قال له الرجل إنه لا يوجد وزير، لأن حلف اليمين تأجل إلى أجل غير مسمى، والموظفون انتهزوا الفرصة كى يمنحوا أنفسهم إجازة قبل أن يأتى الوزير الجديد.
ولم يعرف الحاج عبدالشكور ماذا يفعل بطلبه، ووقف يضرب أخماساً فى أسداس، إلى أن فوجئ بجلبة كبيرة فى الوزارة، وبدخول الوزير القديم وسط حشد من الموظفين، فسأل الحاج أحدهم عما حدث، فقال له: لقد تم تكليف وزراء الوزارة المستقيلين بالعودة إلى الوزارة لتسيير الأعمال، إلى أن يتم حلف اليمين، وتتم الولادة المتعسرة للوزارة الجديدة، فعجب الحاج عبدالشكور لذلك وخشى أن يعود الحزب الوطنى المنحل مرة أخرى لتسيير الأعمال إلى أن يأتى الحزب الحاكم الجديد، أو أن يعود النظام القديم المخلوع لتسيير الأعمال إلى أن يقوم النظام الجديد.
ووصل مدير مكتب الوزير فوجد الحاج عبدالشكور فى مكانه فقال له: إنت لسه هنا؟ قال له الحاج: أريد أن أقدم طلبى للوزير، فقال له: الوزير لا يستطيع تلبية أى طلبات الآن فهو وزير تسيير أعمال فقط، الوزير الجديد هو الذى يلبى الطلبات.
فخرج الحاج عبدالشكور من الوزارة وقد ازداد يأساً من تحقيق طلب أهل بلدته، ثم سمع أن الوزارة حلفت أخيراً اليمين القانونية، لكنه لم يتوجه لمقابلة الوزير الجديد، لقد غادر القاهرة وفى جيبه الطلب الموقع من جميع أهل بلدته، والذى يطالبون فيه بإنهاء الفوضى وتحقيق الأمن والاستقرار للبلاد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق