اخر الاخبار

22‏/07‏/2011

ثروة العرايا بقلم سحر الجعارة

بعد مخاض عسير خرجت الوزارة الجديدة إلى النور، وزارة مبتسرة تبحث عن حضّانة سياسية تتنفس بداخلها، عن يد واحدة تباركها أو تهنئ أعضاءها !!.
 إنها مثل كل الأحداث الآنية، فى القلب من ميدان التحرير وعلى هامش اهتمامات المواطن. ويبدو أن المواطن البسيط قد وضع أجندة مختلفة لإنجازات الثورة، فمقياس نجاحها من عدمه ليس فى تطهير مؤسسات الدولة ولا الانتخابات النيابية والرئاسية، ولا الدستور وما فوقه وما خلفه..
لقد توقف فصيل كبير عند المطلب الأول الذى خرجت الجماهير من أجله: «لقمة العيش» أو بلغة التحرير «العدالة الاجتماعية». وفى مشهد غريب تظاهر ثلاثة أشخاص، بخلع ملابسهم أمام مجلس الوزراء لمطالبة الحكومة بالتدخل لإنقاذهم. معاناة الأول تتلخص فى سرقة التاكسى الذى لايزال يسدد أقساطه، والثانى تمت سرقة سيارته الملاكى، أما الثالث فرجل «أرزقى» كل يوم بوظيفة لم يسدد فواتير الكهرباء والمياه منذ عام ومدين لجيرانه بستة آلاف جنيه(!!).

قد يقول أحدكم إن هذا حال ملايين المصريين، وإن لقمة العيش لن تأتى إلا بديمقراطية فاعلة تقضى على الفساد والمحسوبية.. صحيح تماما، لكن بعض بسطاء هذا البلد تصوروا أن الثورة قادرة على استعادة ما تم نهبه من ثروة مصر، وأن المواطن سيقبض - مع الحرية- أموالا (كاش) مكافأة له على صبره على عهد القهر والفساد. وبحسبة بسيطة لن يضير حكومة الثورة توزيع ٨٥ مليون جنيه على الشعب المصرى، بحيث تصبح حصة الفرد مليون لا أكثر من تلك المليارات الهاربة والمسجلة باسم «مبارك» وعائلته ورجال حكمه!!.

لقد أسرف الإعلام فى نشر أخبار تجميد الثروات الضالة، وتعاون أوروبا وأمريكا لاستعادتها، وعززت أحكام السجن وفرض الحراسة على رجال الأعمال ورموز الحكم السابق من أحلام المواطن بالثراء القادم مع الثورة.

من هنا تأتى صدمة المواطن فى أحكام البراءة المتتالية، رغم يقين رجال القانون - من اللحظة الأولى - من مبالغات بعض الأجهزة الرقابية فى تحديد الثروات، ويقينهم كذلك من عجز القانون عن النيل من بعض المتهمين!.

وأثناء كتابة هذا المقال، كان الشارع المصرى يتكلم عن الخبطة الصحفية للكاتب الكبير «عادل حمودة»، والتى تمكن خلالها من نشر صورة شيك بـ١٢٠ مليون دولار، تسلمه «مبارك» من الشيخ «زايد» من بنك أبوظبى وأودع فى حساب مبارك بمؤسسة مورجان تراست فى نيويورك.. ربما يفسر هذا أسباب هوان مصر على الأمة العربية. فإذا كان تقديم مصر غطاء شرعياً لمشاركة القوات الأجنبية فى حرب تحرير الكويت، قرار ثمنه ١٢٠ مليون دولار فى جيب الحاكم.. فلماذا لا يبهدل «الكفيل» كل مصرى فى أى دولة شقيقة أو غير شقيقة!!.

 المهم ألا يتصور أحدكم أن الكشف الصحفى لـ«حمودة» يقود بالضرورة لاسترداد هذا المبلغ، إن قيمته الحقيقية فى إدانة سماسرة الأوطان أمام التاريخ.. وربما يكون ردا بليغا على من يتساءلون عن جنازة «مبارك» المحتملة وهل ستكون شعبية أم عسكرية، أو من يطالبون بعودة اسمه للميادين العامة ويعارضون خروجه من ذاكرة مصر. أحيانا أشفق على «مبارك» لكبر سنة وتاريخه العسكرى، وأتصور أن الوفاة قد تعفيه من حكم جنائى يلتصق باسمه.. ثم أفيق لتصدمنى صور الجوعى والثكالى والأيتام.. والعرايا!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق