اخر الاخبار

27‏/07‏/2011

حوار ساخن جدا مع ثائر من التحرير بقلم: نبيـل عـمــر

نبيـل عـمــر
بالقطع ثورة ‏25‏ يناير هي أول ثورة علنية في التاريخ الإنساني كله‏,‏ كانت الثورات قبلها‏,‏ تتستر بليل‏,‏ وتتحرك خلف الكواليس‏,‏ وتتجمع دون حس ولا خبر‏,‏
ثم تنقض كالنسر محدثة التغيير الذي تنشده..لكن ثورة مصر كانت بالصوت والصورة, أو علي رأي المثل علي عينك يا تاجر, من قبل25 يناير إلي رحيل الرئيس مبارك عن السلطة في11 فبراير, وكان الشباب يشرح خطواته بالتفصيل عبر صفحات الفيس البوك, وهي صفحات كانت السلطة تتابعها وتعلم بأمرها أولا بأول.. وهو ما لم يحدث في أي ثورة سابقة! وقد حدثت حوارات كثيرة مع الثوار سواء في ميدان التحرير أو علي الفيس بوك, وكان منهم صديق إعلامي متحمس للغاية, متأجج المشاعر طول الوقت, يريد التغيير في لمح البصر, ولا يرضي عن إدارة المجلس العسكري للبلاد في الفترة الانتقالية, ويطالب بحكومة انقاذ وطني, ومازال معتصما بميدان التحرير..حتي إشعار آخر. وقد التقيته مصادفة مساء أمس الأول علي الفيس بوك ودار معه حوار ساخن جدا, أتصور أنه يهمكم جميعا..وهذا نصه بالتقريب, والتقريب هنا يعني تخفيف أو قلب العامية إلي فصحي, والاختزال الغامض إلي عبارات مفهومة, لكن دون إخلال بالمعني علي الإطلاق.

وقد بدأ الحوار بسؤال منه..
سأل: هل اقتربنا من حدث تاريخي مثل11 فبراير الماضي؟
قلت: لا..لم نقترب.
سأل: يعني..مصر لا تزال في انتظاره؟
أجبت: ممكن نعم..وممكن لا.
قال: أنا أميل إلي حدوثه..
قلت: المرجح لا.. الظروف مختلفة والمناخ..,الاهم أن اللاعبين الأساسيين قد اختلفوا أيضا!
رد: لا سوف يحدث..نحن جيل مختلف, عملنا حذف لأشياء كثيرة من الخلفية السياسية, واستبدلنا بها نهجا جديدا سرعته مائة جيجا بايت.
قلت: لا اتحدث عن التخمينات, وقد تكون صحيحة أو غير صحيحة, لكن عن الأسباب الموضوعية والأدوات المتاحة والبيئة المساعدة, فالأحداث الكبري, مثل11 فبراير, لا تولد لا بالرغبات ولا في الفراغ.
قال: ثورة يناير قضت علي جميع المناهج القديمة التي تعلمناها.
قلت: هذا غير صحيح, الأدوات فقط, لكن ثورة يناير حدثت بأسباب وظروف موجودة بحذافيرها في كتب العلوم السياسية, وكان التنبؤ بها ممكنا, وقد صدرت بضعة كتب هنا وفي الغرب تحدثت عنها, فالتاريخ الإنساني متكامل ومتصل, وليس خطوطا مقطوعة.
قال: متوسط أعمار الثوار ليس له علاقة بالخطوط المتصلة التي تتحدث عنها.
قلت: دائما الشباب هم وقود أي ثورة, هذا ليس جديدا.
قال: أتحدث عن مصر؟
قلت: هل تقصد المراهقين..اذن نحن نلعب ولا نثور!
قال: اقصد التاريخ الزائف الذي مسحناه ووضعنا مكانه تاريخا حقيقيا.
قلت: كتب التاريخ دائما تحمل تفاسير مختلفة أو تفصيلات صغيرة عن أحداث نفس العصر, فتعطي حقائق تبدو جديدة, والتاريخ عموما نسبي, والتاريخ غير الأحداث المجردة.
قال: مجلس قيادة عبد الناصر لعب بنا من قبل.. وماذا فعل العسكر في الماضي بلجنة صياغة تاريخ مصر؟
قلت: مدارس التاريخ كثيرة, وفيه مؤرخون جدد يفسرون الأحداث من وجهة نظر الشعوب وليس الحكام, هل تمكنت لجنة صياغة التاريخ من إلغاء ثورة 1919, بالرغم من النقد اللاذع لها؟, هل قضت علي شعبية مصطفي النحاس باشا؟
قال: علي أرض التحرير ليست لنا علاقة بما ذكرت.
قلت: إذا تصورت أن أرض التحرير مستقلة عن مصر فهذا خطأ رهيب رهيب, التحرير نجح في25 يناير بالناس وليس وحده, ولو كان ثوار التحرير قد تركوا في مواجهة النظام منفردين دون مشاركة الشعب المصري, لانتهت الثورة في أيام, المصريون بنزولهم إلي الشارع نقلوا الثورة من حالة جماعات متظاهرةإلي حالة شعب ثائر
قال: الناس وفرت الوقت فقط, بدلا من شهور إلي لا18 يوما؟
قلت: غير صحيح..الناس هي صانعة الحدث الأكبر, الشباب كان المفجر, لكن الناس كانوا الكتلة الحرجة التي انشطرت وظلت تتزايد, واحرقت سلطة حسني مبارك!
قال: الميكروباص فيه 14 شخصا, وواحد فقط رفض الأجرة الزيادة, فكيف تصف الـ13 الأخرين؟..ركاب الميكروباص هم الشعب, ونحن الذين رفضنا زيادة الأجرة؟
قلت: الرفض لم يحدث بين يوم وليلة, وإنما بتحريض يتراكم منذ سنوات؟
سأل: ومن الذي حرض؟
أجبت: كتاب وصحفيون وسياسيون ومفكرون ونشطاء علي مختلف الانتماءات السياسية والفكرية؟
قال ساخرا: ركاب الميكروباص لا يقرأون لهؤلاء!
قلت: هؤلاء أيضا كان يظهرون في الفضائيات وبرامج التليفزيون, والتأثير المباشر في الذين يقرأون وهم الذين تظاهروا أولا.
قال: الذي أنجح الثورة هو الإعلام الافتراضي الذي صنعناه لأنفسنا, يعني تكنولوجيا الاتصال.
قلت: لم تصنعوا الإعلام الافتراضي, لكنكم استخدمتوه, ولو أن الناس ما نزلت يوم 28 يناير بعد صلاة الجمعة لتغيرت الصورة تماما, وأغلبهم لا يستخدم الإعلام الافتراضي..كما أن الإعلام الافتراضي دوائر مغلقة علي أصحابه.
قال: لكننا صنعنا طريقة يناير في تلك الدوائر..وهي التي فتحت التحرير.
قلت له: أذهب إلي العباسية واقعد مواطنا عاديا علي أي مقهي, وأسأل الناس رأيها, وانت تعرف الإجابة الأقرب إلي الصحة عن المستقبل وما يريده الناس, ورأيهم في غاية الأهمية, ونصفهم أو أغلبهم لم يتظاهر أو يعتصم في ميدان التحرير, لكنهم جزء من العقل الجمعي, والعقل الجمعي هو درع المجتمع وسيفه.
غاب فترة عن الحوار ثم فجأة سألني: ضع لي سيناريو سريعا وبديلا في حال خروج المجلس العسكري من سدة الحكم الآن؟
قلت: فأل الله ولا فألك..
وانقطع الحوار..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق