اخر الاخبار

29‏/07‏/2011

جمعة الاعتذار للميدان بقلم وائل قنديل

بقلم: وائل قنديل
wael kandil newأيها الداخلون إلى ميدان التحرير لأول مرة، أو العائدون إليه بعد غياب وانقطاع تذكروا ما يلى:
هذا المكان لا يمتلكه فصيل بعينه، ولا يستطيع مهما حاول، لأن الأيام أثبتت أن التحرير أكبر من الجميع، وأوسع من حدود أى حالم بالزعامة أو الانفراد به، بل وأقوى من أى كائن من كان يتصور أنه قادر أن يفرض سطوته وسلطته عليه.

جمعة الاعتذار للميدان

تذكروا جيدا أن هذا الميدان تعرض لقصف عنيف من مختلف الجبهات طوال الفترة الماضية، وتلقى ضربات شديدة القسوة، من خارجه ومن داخله ورغم ذلك بقى صامدا وسيبقى عنوانا وحيدا للثورة، وقبلة وحيدة للبحث عن التغيير والتطهير.

إن العودة إلى التحرير بهذه الكثافة المتوقعة اليوم تعنى فى أحد جوانبها أن الجميع استوعبوا درسا مهما للغاية، وهو أن أحدا لا يستطيع العبث بالتاريخ والجغرافيا، مهما حاول، وأن القيمة الرمزية والدلالة الروحية للميدان لدى المصريين لم تهتز، ولم تتأثر بكل تلك الألاعيب التى حاولت محاكاة الثورة، أو اختراع عبوات مقلدة لها، فى روكسى أو غيره، طوال الفترة الماضية.

كما تحمل هذه العودة الكثيفة ضمن ما تحمل اعتذارا ضمنيا لميدان التحرير عن كل ما طاله من شتائم وسخائم وافتراءات وأكاذيب ومحاولات تدنيسه وتلويث تربته النظيفة بالبذور السامة، والتصرفات المسرطنة.

ويبقى أن يدخل العائدون إلى الميدان اليوم وبه نفر من المعتصمين المحترمين الرائعين صدقوا ما عاهدوا الله ومصر عليه، بالبقاء فى المكان دفاعا عن استمرار هذه الثورة، واستكمال باقى مطالبها العادلة، وهى كثيرة، وواجهوا فى سبيل ذلك حملات مسعورة من التحريض والتشويه والإيذاء البدنى والنفسى، وتحملوا سخافات إعلام كذاب ارتد بسرعة الصاروخ إلى «أزهى عصور المباركية» وسقط فى أول اختبار حقيقى فى مواد الموضوعية والشرف والاستقامة المهنية والصلابة الأخلاقية، فراح يكذب ويختلق ويشوه ويستفز، وكأن صفوت الشريف عاد إلى إدارته من غرفة البث المركزية فى سجن مزرعة طرة.

ويخطئ من يتصور أنه قادر على امتلاك الميدان أو السيطرة عليه، مهما بلغ حجمه وعدده، وعلا صوته، لأن الأيام أثبتت أن هناك حقيقة جيوبولوتيكية مؤكدة اسمها «عبقرية الميدان» تشبه كثيرا «عبقرية المكان» التى تحدث عنها الراحل العظيم جمال حمدان فى سفره الكبير «شخصية مصر» ومن ثم فإن المأمول اليوم من جميع الأطراف الذاهبة إلى التحرير أن تدرك أن هذا الميدان الكبير الواسع الفسيح العميق المتجذر فى وجدان المصريين ليس مجرد مساحة خلاء أو قطعة أرض فضاء يستطيع تملكها أو وضع يده عليها أحد، فالميدان هو نموذج مصغر لمصر، وقد قال لنا التاريخ إن مصر كانت دائما أكبر من كل أحلام الذين تصوروا يوما أنه يمكنهم اختطافها أو حبسها داخل لافتة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق