بقلم: عمرو حمزاوي

المطلوب الآن من نائب رئيس الوزراء المكلف بشئون التحول الديمقراطى أن يبدأ فى التفكير المنهجى بثلاث قضايا رئيسية. أولا، تأسيس مجلس استشارى تمثل به، إلى حين انتخاب البرلمان الجديد، جميع القوى السياسية والوطنية والنقابات المستقلة والمؤسسات الدينية والمجتمع المدنى وأصحاب المصالح الاقتصادية الكبرى. وتكون مهمة المجلس معاونة نائب رئيس الوزراء فى التوافق حول ترتيبات المرحلة الانتقالية بما تتضمنه من قوانين منظمة للانتخابات وللإشراف والرقابة عليها، والتوافق حول معايير اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية لوضع الدستور وحول طبيعة وصياغة المبادئ الحاكمة للدستور، وإدارة حوار حقيقى بين القوى الوطنية بهدف إزالة الهواجس المتبادلة والوصول إلى التزام جماعى واضح بميثاق شرف للعمل السياسى يحترم التعددية ويحول دون الممارسات الإقصائية. ويتعين على المجلس الاستشارى الإفادة من الجهد الذى بذله مؤتمر الوفاق القومى ونائب رئيس الوزراء السابق الدكتور يحيى الجمل الذى ظلم كثيرا خلال الأيام الماضية.
يتعين على نائب رئيس الوزراء ثانيا الشروع الفورى فى الإعداد لتصور محدد وبتوقيتات زمنية واضحة لتطهير مؤسسات وأجهزة الدولة من استبداد وفساد نظام مبارك. فهذه المهمة تقع فى صلب أولويات التحول الديمقراطى ولا تقتصر على إصلاح الأجهزة الأمنية. المطلوب هو تصور محدد للتطهير بالمعنيين الفردى والمؤسسى توافق عليه الوزارات والأجهزة المعنية كوزارة الداخلية والإدارة المحلية والجهاز المركزى للمحاسبات والجامعات والإعلام الرسمى والنقابات الرسمية ومجالس المحافظات وغيرها. وقد سبقتنا إلى عمليات التطهير هذه الكثير من المجتمعات ونجحت فى إدارتها دون إضافة طابور خامس جديد لأعداء الديمقراطية بالمزج بين التطهير وإعادة التأهيل والدمج، وعلينا الإفادة من تجاربهم. فليس من مصلحة مصر أن نستخف بسؤال ماذا سيفعل المستبعدون من الأجهزة الأمنية وأعضاء المحليات بعد إنهاء خدمتهم أو تسريحهم، وينبغى علينا البحث عن سبل لدمجهم فى مصر الجديدة والحيلولة قدر الإمكان دون انضمامهم لقائمة أعداء الثورة.
أخيرا، أقترح على نائب رئيس الوزراء لشئون التحول الديمقراطى أن يولى بيروقراطية البرلمان المصرى أى السكرتارية الفنية والأطقم المساعدة والباحثين وكذلك مجالس وسيطة كالمجلس القومى لحقوق الإنسان اهتماما خاصا. سيكون لبيروقراطية البرلمان دور مهم فى تسيير العمل التشريعى والرقابى بعد الانتخابات القادمة وتأهيل العاملين بها أمر جوهرى. أما المجلس القومى لحقوق الإنسان فيستطيع أن يسهم بفاعلية فى مناقشة مشاريع قوانين المرحلة الانتقالية وفى إعداد خطط تطهير المؤسسات وإعادة دمج المستبعدين على نحو يحمى الحقوق ويضمن إعلاء قيم المصالحة فى المجتمع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق