اخر الاخبار

16‏/12‏/2011

ليلة الحواوشى وما قبلها بقلم وائل قنديل

لحقيقة الوحيدة المؤكدة فيما عرف بموقعة الحواوشى الليلة قبل الماضية هى أن عملية إيذاء استهدف بها المعتصمون أمام مجلس الوزراء، نفذها شخص أو أشخاص بقصد إصابتهم بحالات تسمم عن طريق توزيع طعام فاسد عليهم.
هذا هو الثابت الأول فى وقائع القصة كلها، أقصد الوقائع الملموسة المبنية على أدلة مادية، لعل أوضحها ذلك الأسطول الضخم من سيارات الإسعاف الذى بقى متأهبا فى شارع قصر العينى إلى ما بعد منتصف الليل.
وغير ذلك يظل فى عهدة جهات التحقيق التى يفترض أنها تستطيع التوصل إلى الشخص أو الأشخاص الذين جلبوا الطعام المسموم إلى موقع الاعتصام، فى سيارة لابد أن كاميرات المراقبة المزروعة فى المداخل والمخارج قد التقطتها.وبعيدا عن الوقائع والأدلة يبقى أن هذا الاعتصام الذى دخل أسبوعه الرابع بات يمثل صداعا فى رأس الحكومة وأجهزة بعينها، مع هذا الإصرار الجميل من المعتصمين على التمسك بمطالب وغايات الثورة الكبرى، وتحقيق أهدافها الأساسية.
والغريب أن الحكومة والمجلس العسكرى يسلكان وكأنه اعتصام فئوى، ومن ثم تأتى محاولات إنهائه فقيرة الخيال وقاصرة الرؤية، حيث تعتمد على اصطياد أو استقطاب أعداد من بين المعتصمين للتفاوض معهم والتقاط الصور وإطلاق تصريحات مفادها أن المجلس توصل إلى اتفاق مع المعتصمين.. وهنا جوهر قصور الرؤية وغياب الخيال لأن هؤلاء المعتصمين ليسوا جماعات ضغط تمثل فئة بعينها تبحث عن مصلحة ضيقة ومباشرة، وإنما هم مجموعات تعبر عن ضمير وطنى، يقدم المبادئ على المبالغ، ويضع المعانى والقيم قبل المصالح.
وربما كان هذا التشبث بالدفاع عن القيمة والمبدأ والمعنى هو ما أثار حنق بعضهم إلى درجة الجنون فكانت موقعة الحواوشى، التى تصنف كجريمة ضد الإنسانية، وخروجا على نطاق السلامة النفسية وابتعادا عن الحد الأدنى من الأخلاق وتجردا تاما من صفات البشر، إذ لا يتخيل عقل أن يقدم إنسان على محاولة تسميم مئات من البشر، إلا إذا كان الفاعل من نوعية «المواطنين الشرفاء» الذين انتزعوا أمخاخهم من رءوسهم وحشوها بأكاذيب ومقولات فاسدة جعلتهم يعتقدون أن كل من يشارك فى مظاهرة أو اعتصام هو من أعداء الوطن الذين يجب قتلهم، تماما كما قتل الشاب محمد محسن رميا بالحجارة فى موقعة العباسية.
وكما قلت من قبل فإن محاولات اختراق الاعتصام لم تتوقف لحظة، لكن اللافت للنظر أن هذه الجريمة الخسيسة أفادت الاعتصام من حيث أرادت الإضرار به، وأنعشته من حيث أرادت وأده، لأن أعدادا كبيرة من المواطنين نزلت للوقوف إلى جانب أخواتهم وإخوتهم من المعتصمين، ما يؤكد القاعدة الذهبية الخالدة وهى أن الثورة المصرية تعيش وتتغذى على حماقات خصومها، وغبائهم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق