اخر الاخبار

16‏/12‏/2011

بل هى الحرية بقلم عمرو حمزاوي

أكثر ما يبهرنى فيما يدور حولى من أحاديث عابرة للمواطنين، هو تركيزهم شبه الكامل على الشأن العام. الانتخابات البرلمانية، دور المجلس العسكرى، الموقف من الحكومة الجديدة، الأمن، الاقتصاد، الاحتياطى النقدى.. هى بعض قضايا الساعة التى تشغل حيزا واسعا من اهتماماتنا ونقاشاتنا ونتابع تطوراتها كل مساء على شاشات القنوات التليفزيونية وبعضنا على شبكات  التواصل الاجتماعى.
فى العلوم السياسية يقال إن الشعوب الحرة هى فقط التى تقوى على الاهتمام بالشأن العام بجانب هموم مواطنيها الخاصة وهى وحدها التى لا تساوم على آمالها الكبرى حتى وإن تعثرت مساراتها بعض الوقت. وقد قدمنا نحن مصريات ومصريون دليلا بليغا على أننا من بين هذه الشعوب الحرة القادرة جماعيا على التمسك بأملها فى حاضر ومستقبل أفضل. والأمر لا يرتبط فقط بالمشاركة الفعالة فى الانتخابات البرلمانية والإسهام فى بناء المؤسسة المدنية الأولى بعد الثورة (البرلمان)، بل بالحراك الشعبى الواعى طوال الأشهر الماضية.شعبنا، الذى تحرر من رأس نظام الاستبداد السابق وأعوانه ومر بظروف صعبة للغاية منذ فبراير ٢٠١١ لم تقتصر على الانفلات الأمنى وتدنى الأوضاع المعيشية، أدرك ضرورة التمييز بين تغيير نظام حكم وبين خطر هدم مؤسسات الدولة. اعترض الكثيرون منا على الإدارة السياسية للمجلس العسكرى وعلى ممارساته بإحالته المدنيين للقضاء العسكرى ولم نخلط أبدا بين الاختلاف المشروع مع العسكرى وبين الانتصار للدور الوطنى للجيش المصرى الحامى لتماسك الدولة.
وحين أعلن بعضنا، وأنا منهم، عن رفضنا لإطالة أمد الدور السياسى للعسكرى وطالبوا بخطة زمنية لنقل السلطة للمدنيين المنتخبين لم ننتقص من قيمة الجيش ولا من شرعيته. بل رغبنا فى حماية الجيش من تورط طويل المدى فى السياسة، وحماية فرص البناء الديمقراطى من مجلس عسكرى يدير شئون البلاد فترة طويلة. وعندما أراد البعض المساومة على الحق الأصيل للمجالس التشريعية المنتخبة فى الديمقراطيات فى الرقابة والإشراف على المؤسسات العسكرية والأمنية ووضعوا وثيقة تجعل من الجيش دولة داخل الدولة، رفض الرأى العام الأمر بوضوح وأسقط وثيقة مبادئ أساسية كانت بداياتها ديمقراطية ومآلاتها سلطوية.
ولا أشك للحظة فى أن نفس الرأى العام الواعى سيرفض خطوة المجلس العسكرى الأخيرة بإنشاء مجلس استشارى غير واضح الصلاحيات، ولن يسمح للاستشارى بالانتقاص من صلاحيات البرلمان المنتخب أو تأجيل الجدول الزمنى لنقل السلطة (٣٠ يونيو ٢٠١٢) الذى انتزعه لنا محمد محمود. لا لن يختلط علينا الأمر ويدفعنا التفزيع من الإسلام السياسى للتحايل على الإجراءات الديمقراطية أو قبول التلاعب بنتائج صندوق الانتخابات من خارجه. لسنا بحاجة للمجلس العسكرى للدفاع عن مشروع الدولة المدنية، أملى لمصر وللعالم العربى من حولنا. بل أضع كل أوراقى فى الإجراءات الديمقراطية وفى وعى شعبنا الحر.
شعبنا الحر لم يهزمه خطاب التخويف قبل بدء الانتخابات البرلمانية وشارك بها بكثافة. ولن يهزمه اليوم خطاب التخويف من نتائج الانتخابات، وسينتصر للديمقراطية. لصندوق انتخابات يعود لنا بصورة دورية دون تلاعب، ولدولة مدنية مركز الثقل بها سلطات عامة منتخبة تراقب كل المؤسسات بما فيها تلك العسكرية والأمنية وتتغير الأغلبيات بداخلها مع تطور تفضيلات الناخبين.
أثق تماما فى نجاح مغامرتنا كمصريات ومصريين مع الحرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق