اخر الاخبار

11‏/12‏/2011

الثعبان بقلم شارل فؤاد المصري

يبدو أن شيطان الشعر تملكنى هذه الأيام قراءة وليس إقراضا، خاصة شعر أستاذ الفلسفة وأستاذى الدكتور نصار عبدالله- متعه الله بالصحة والعافية- وديوانه العبقرى «قصائد للصغار والكبار»، الذى هو استشراف لحاضر ومستقبل لا يعلمه إلا الله.
القصيدة التى أنشرها اليوم فى مقالى اسمها الثعبان.. تقول:
ـ ١ ـ
ثعبان قال لشيخ: خذ منى ذيلى وامنحنى لحية!!.. قال الشيخ فماذا تفعل باللحية يا ثعبان؟.. قال علامة زهد أو شارة تقوى.. هذا زمن أسلم دفته للزاهد لا للأقوى.. هذا زمن من يطلب فيه رزق الدنيا.. لا يجنى غير الحسرة.. وأنا ضاقت نفسى بالأحزان المرة.. ضاقت حتى سلمتُ وآمنتُ بأن أتركها للأشقى.. فأفوز أفوز بأنى الأنقى والأتقى!!.. صدقنى يا شيخى فأنا لا أتكلم إلا صدقاً.. قد ضاقت نفسى حقاً مما ألقى.. (أو بالأحرى .. ما لا ألقى).. صدقنى وافتح قلبك لى.. حتى يسكن فيه قولى.. يا ويلى يا شيخى يا ويلى.. إن لم تأخذ منى ذيلى.. هذا المتلوى حولى.. هذا الزاحف فى الديجور.. هو رمز الشر الأزلى فمزقه مزقاً.. أو فاسحقه سحقاً.. ثم أعرنى بضع شعيرات بيضاوات.. من ذقنك كالنور.. قال الشيخ فإن النور الخالص يا ثعبان.. يأتى من عمق القلب المؤمن لا من عمق اللحية.. لا من شكل كان ولا من أى مكان.. قال الثعبان علمت..ولكن الجوهر يدعمه المظهر.. أفمن كان بغير زبيبة رأس.. أو من كان بلا مسبحة.. أو من كان بلا قفطان.. يعدل من قد كان!.. لا تحرمنى يا شيخى من شارة إيمانى.. وامنحنيها.. أرفل فيها حيث أسير.. فإذا.. أنت بفضل عطائك جد شهير.. تتنافل ذكرك حين ترانى كل الركبان.. قال الشيخ فكيف تثبتها فى ذقنك يا ثعبان.. قال أثبتها وخزاً.. وخزا.. فأهز ضميرى هزاً هزا.. وأكفر عما كان.. إن تنغرس الإبرة فى الفك فتنساب الشعرة فيه.. كما ينساب الخيط الناصع.. برتق ثوب التائب والندمان!!
ـ ٢ ـ

فرخ حمام يسكن خلف سياج محكم

راح يحملق فى ثعبان أذعر نحو السور تقدم.. مندهش مما شاهد سقسق عجباً.. لكن الثعبان تبسم.. ثم تبسم.. قال سلام الله عليك ولا تتعجب.. لكن حاول أن تفهم.. قال الفرخ فما أطرف بل ما أظرف تلك الهيئة.. من أين أتتك اللحية يا ثعبان المنبت والنشأة؟.. قال له نبتت.. نبتت فجأة!!.. لما عانقت النور وطهرت القلب من الديجور.. ومن أدران الدنيا الصدئة.. نبتت لى فجأة.. ضمر الذيل وذاب.. وتعطلت الأنياب.. ودخلت إلى التقوى من أوسع باب.. حين أميل برأسى.. أنظر كيف الشعر يميل.. فى ذكرى كريم وجليل.. بحلاوة ما يسرى فى القلب من الترتيل.. قال الفرخ فإنى أتمنى.. أن ينبت لى مثلك شعر فى أسفل منقارى.. لأذوق حلاوة ما يسرى فى القلب من الأفكار.. وأباهى كل الأطيار بأنى تتهدج أوتارى.. قال له: حسن.. فلتفتح قلبك للنور.. ولتفتح لى باب السور

ـ ٣ ـ

فرخ حمام يصرخ فى فكى ثعبان.. يا ويلى.. ضيعنى تصديق الإفك.. وتقليد البهتان.. فرخ حمام يصرخ فى فكى ثعبان يهتف: يا كافر ما ضيعك الإفك ولكن هيأ لى رزقى.. إنى بعد ضلالى لذت بدرب الإيمان.. يا جاحد إنك أنت الآن وإياى مزيجان طهوران.. من توبة فرخ حمام فى مهجة ثعبان.. متفانٍ فى التوبة أى تفانٍ

ـ ٤ ـ

شيخ يسأل كل الركبان.. عن ذكرى طيبة منه لدى الثعبان!!… (ثعبان بتر الذيل وأصبح يحيا كالرهبان).. شيخ يسأل كل الركبان.. عن آخر أخبار الثعبان.. قيل له إن الذيل الآن كما كان نما.. وتغذى ثم نما.. وصفوا للشيخ الطيب ما آل إليه الذيل.. من كثرة ما امتص دما.. حينئذ صمت الشيخ طويلاً.. ثم تلوى

■ المختصر المفيد

آه يا زمان العبر.. زمن المحبة جبر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق